Skip to main content

ماذا بعد

بعد أن سمعْتَ شهادة إيمان هؤلاء لابدّ أنك تتساءل الآن: ماذا بعد؟ إلى أين نمضي الآن؟

بعد أن حقّقْتَ أنت أيضاً هذه الخطوة العظيمة المباركة، نقطة التحول المميزة في حياتك، لك الآن أن تعرف كيف يحيا المسيحيون حياةَ أبناء الله التي ما برحنا نذكرها منذ بداية هذا الكتيّب.

ثمة جوانب عديدة للحياة الروحية يجب أن نعيشها بانسجام وتوافق مع بعضها دون أن نهمل أي جانب منها. وهذه الجوانب هي:

1-الكتاب المقدس:

الكتاب المقدس هو كلمة الله لنا: "كل كلمة من الله نقيةٌ" (أمثال 30:5). هو الوسيلة التي يخاطبنا بها الله. إنه غذاؤنا الروحي: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله" (لوقا4:4). "ارغبوا كالأطفال الحديثي الولادة في اللبنِ الحليبِ الصافي، لَبَنِ كلمةِ الله، لتنموا بها من أجل الخلاص" (1 بطرس 2:2).

يمكنك أن تقرأ فصلاً (إصحاحاً) من الكتاب المقدس كل يوم. وحسناً أن تبدأ بإنجيل يوحنا، فهذا ننصح بقراءته أولاً.

من خلال مطالعة الكتاب المقدس سوف تفهم كلمة الله وتستنير بها، وتجد فيها توجيهاً لك في حياتك عموماً وفي بعض الحالات الخاصة أحياناً: "كلمتُكَ مصباحٌ لخطايَ ونورٌ لسبيلي" (المزمور 119:105).

وعندما تستعصي عليك آية ما، يمكنك، وبدون تردد أو خجل، أن تسأل أصدقاءك المؤمنين، أو مرشدك، أو أحد الذين يختبرون كلمة الله والحياة الروحية، فيفسّرونها لك.

وبعد فهمك وتأملك لكلمة الله ستعرف كيف تعيشها عملياً في حياتك الروحية: "طوبى لمن يسمعون كلمة الله ويعملون بها" (لوقا 11:28).

2-الصـلاة:

هي وسيلتنا للتواصل مع الله. نعيشها كل يوم، بل كل لحظة إذا شئنا. حسناً أن تكرس أو تخصص وقتاً كل يوم للتحدث إلى الله. ليس ذلك فحسب، بل لك أن تخاطبه أي وقتٍ تشاء. فهو معك في كل لحظة من حياتك: "ها أنذا معكم طوال الأيام وإلى الأبد" (متى 28:20).

ليس من الضروري أن تلتزم بصلاة "طقسية" أو "ليتورجية" ما أو بممارسات روتينية، بل كن عفوياً مع الله مع تركيز في التفكير وإدراك لحضور الله. فالله أبٌ محبٌ وصديقٌ حميمٌ يسمع ويشعر بكل ما ينتابك من أفكار ويخالجك من عواطف ويراودك من نوايا:

"افرحوا في الرب كل حين... الرب قريب. لا تكونوا في همٍّ من أي شيء كان. بل في كلِّ شيءٍ لِتُرْفَعْ طَلِباتُكُم إلى الله بالصلاة والدعاء مع الشكر، فإن سلام الله الذي يفوق كلَّ إدراكٍ يحفظ قلوبَكم وأذهانَكم في المسيح يسوع" (فيلبي 4:4-6).

3-العبـادة:

ونقصد بها الاشتراك مع جماعة المؤمنين في الالتزام بالحضور إلى كنيسة ما تعلِّمُكَ الكتاب المقدس، وتُعنى بخلاصك، وتهتم بك وبنموّك في الروح: "فرحْتُ بالقائلين لي : إلى بيت الربّ نذهب" (المزمور 122:1).

فالكنيسة مكان مناسب لعبادة الله: "كلما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فأنا أكون بينهم" (متى 18:20). وفي الكنيسة يمكنك أن تشترك مع المؤمنين في عشاء الرب (المناولة). ومن خلال انتماءك إلى كنيسة والتزامك بها سوف تكتشف موهبة خاصة أو خدمة معينة تستطيع أن تقوم بها ومن خلالها تمجّد الله وتساعد إخوتك المؤمنين في الكنيسة.

4-الشَّرِكة والصداقة:

المؤمن بحاجة إلى علاقة صداقة روحية مع باقي المسيحيين. والغاية من ذلك ليس التسلية أو النشاط الاجتماعي وحسب، بل أيضاً المشاركة في الحياة الروحية والخدمة والمحبة والعطاء بغية النمو والثبات في العلاقة مع الله:

"إني أُعطيكُم وصية جديدة: أحبّوا بعضكم بعضاً كما أنا أحببتكم" (يوحنا 13:34).

"إذا أحببتم بعضكم بعضاً يعرف العالم أنكم تلاميذي" (يوحنا 13:35).

"لِنَنْتَبِهْ بعضُنا إلى بعضٍ للحثّ على المحبة والأعمال الصالحة. ولا تنقطعوا عن اجتماعاتنا....بل حثُّوا بعضُكم بعضاً وزيدوا من ذلك" (عبرانيين 10:24،25).

"احملوا بعضُكم أثقال بعضٍ، وهكذا تتممون ناموس المسيح... وما دامت لنا الفرصة إذاً، فلْنصنعِ الخيرَ إلى جميع الناس ولاسيما إلى أخوتنا في الإيمان" (غلاطية 6:2،10).

"ليشدّد بعضُكم بعضاً وليَبْنِ أحدُكم الآخر كما تفعلون" (1 تسالونيكي 5:11).

فهكذا كانت العلاقة بين المسيحيين في الكنيسة الأولى وهكذا يجب أن تكون: كان المسيحيون "يواظبون على تعليم الرسل والكرازة والشّرِكة وكسر الخبز والصلوات" (أعمال 2:42).

5-التلمذة:

ونقصد بالتلمذة أن تسلك في حياتك وفق إيمانك بالرب يسوع المسيح المعلّم. وهكذا تكون تلميذاً حقيقياً للمسيح. فالتلميذ يحفظ تعاليم معلّمه ويعمل بها في حياته. وهكذا تعكس صورةَ المسيح في حياتك من خلال فكرك وعواطفك وأقوالك وأعمالك:

"ليكن فيكم الفكر الذي في المسيح يسوع أيضاً" (فيلبي 2:5).

"إذا كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما هو فوق حيث المسيح جالسٌ عن يمين الله. اهتموا بما فوق لا بما على الأرض" (كولوسي 3:1)

"ليس كل من يقول لي يارب يارب يدخل ملكوت السموات بل من يعمل إرادة أبي الذي في السموات" (متى 7:21).

ويؤكّد يسوع أن من يحبه يجب أن يعمل وصاياه: "إذا كنتم تحبّونني تحفظون وصاياي" (يوحنا 14:15). "إذا أحبّني أحدٌ حفظَ وصاياي، وسيحبُّه أبي، وإليه نأتي ونجعل مقامنا" (يوحنا 14:23).

نحن ندرك أن الخلاص بالإيمان وليس بالأعمال. حسناً. يجب أن نعرف أيضاً أن الإيمان والأعمال مترابطان متلازمان في الحياة الروحية: "أما نحن أبناء النهار فلنكُن صاحِينَ، لابسينَ دِرْعَ الإيمان والمحبة وخوذَةَ رجاء الخلاص" (1 تسالونيكي 5:8). فالأعمال ليست غايةً بحد ذاتها وإلا فإنه لا فائدة منها، بل هي وسيلتك في التعبير عن إيمانك أمام الله وأمام الناس. وهكذا تشهد للمسيح عن طريق أسلوب حياتك، ولعلّ هذه هي الوسيلة الأكثر تأثيراً في المجتمع: "صادقةٌ هي الكلمةُ، وأريدك أن تكون قاطعاً في هذا الأمر، لكي يهتمَّ الذين يؤمنون بالله أن يمارسوا أعمالاً حسنة. فإن هذه الأمور هي الحسنة والنافعة للناس" (تيطس 3:8).

"ما المنفعة إن قال أحدٌ إن له إيماناً ولكن ليس له أعمالٌ. هل يقدر الإيمان أن يخلّصه" (يعقوب 2:14).

"كما أن الجسد بدون روح ميت، هكذا أيضاً الإيمان بدون أعمال ميت" (يعقوب 2:26).

"لو كان لي الإيمان الكامل فأنقل الجبالَ ولم تكن في المحبة، فما أنا بشيء.....أما الآن يبقى الإيمان والرجاء والمحبة، هذه الثلاثة ولكن أعظمها المحبة" (1 كورنثوس 13:2،13).

"فكونوا ممتلئين بالله كأولادٍ أحبّاء. واسلكوا في المحبة كما أحبّنا المسيح أيضاً وأسلم نفسَه لأجلنا قرباناً وذبيحةً لله رائحةً طيّبةً" (أفسس 5: 1،2).

6-الشهادة:

أما الشهادة فتعني أن تشارك خبرة الخلاص وفحوى الإنجيل مع الآخرين في فرح. ويمكنك بالتالي أن تخبر الآخرين عما فعله المسيح لأجلك وعما يعنيه لك في حياتك: "من اعترف بي أمام الناس أعترفُ به أمام أبي الذي في السماء. ومن أنكرني أمام الناس أنكرهُ أيضاً أمام أبي الذي في السموات" (متى 10:32،33).

وهكذا تساعد الآخرين كي ينالوا الخلاص أيضاً ويصبحوا تلاميذ للمسيح: "اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم، وعمّدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلّموهم كل ما أوصيتكم به" (متى 28:19،20).

 

  • عدد الزيارات: 1881