الأَصْحَاحُ الرَّابِعُ عَشَرَ
1 لا تضطربْ قلوبُكُم. أنتم تؤمنونَ باللهِ فآمنُوا بِي. 2في بيتِ أبي منازلُ كثيرةٌ. وإلا فإني كنتُ قد قلتُ لكم. أنا أمضِي لأعدَّ لكم مكاناً. 3وإنْ مضيْتُ وأعددتُ لكم مكاناً آتي أيضاً وآخذُكُم إليَّ حتّى حيثُ أكونُ أنا تكونونَ أنتم أيضاً. 4وتعلمونَ حيثُ أنا أذهبُ وتعلمونَ الطريقَ. 5قالَ لهُ تومَا يا سيِّدُ لسْنَا نعلمُ أينَ تذهبُ فكيفَ نقدرُ أن نعرفَ الطريقَ. 6قالَ لهُ يسوعُ أنا هوَ الطريقُ والحقُّ والحياةُ. ليسَ أحدٌ يأتي إلى الآبِ إلاّ بي. 7لو كنتم قد عرفتمُونِي لعرفْتُم أبي أيضاً. ومن الآنَ تعرفونَهُ وقد رأيتمُوهُ.
------------------------
(3:14) لقد وعد السيد المسيح أتباعه بأنه سيأتي ثانية ليأخذهم إلى مجده. وقد أيد هذه العقيدة المسيحية الكثير من كتابات أئمة الإسلام. ولكن مَن مِن كل الأنبياء استطاع أن يعطي أتباعه وعدا بأنه سيأتي إليهم ثانية من الأبدية؟ حتى المسيح نفسه ما كان باستطاعته أن يعطي وعدا كهذا لو كان إنسانا بالطبيعة. ولكن لأنه الإله الحي القيوم الصمد الذي له كل سلطان على الحياة والموت والأبدية، كان بوسعه أن يعطي مثل هذا الوعد.
-------------------------
(6:14) يصلي المسلم مرددا الفاتحة في كل مناسبة وكل فرصة ممكنة. فهو يصليها وقت الصلاة وعند ولادة الأولاد، وفي حفلات الزفاف، وعند مجيء الموت. فيها يردد المسلم، مصليا لله، وقائلا: “اهْدِنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم.” فتلك الصلاة تُستجاب فقط عندما يلتفت المصلي إلى السيد المسيح ويقبل موته الكفاري ويتخذه مخلصا شخصيا لحياته، فيجد فيه الصراط المستقيم الوحيد الذي يؤدي إلى الله والنعيم الأبدي، إذ هو وحده الطريق والحق والحياة، فهو صراط الذين أُنعم عليهم. لذلك يقول القرآن عن أتباع يسوع: “وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة” (آل عمران 55). فهذه شهادة واضحة يقدمها القرآن عن اتباع المسيح الذين أُنعم عليهم بجعلهم فوق الذين لم يتبعوا المسيح إذ وجدوا الصراط المستقيم بشخص المسيح المبارك، فلماذا تستسلم للعوائق والضغوطات التي تؤخرك عن اتباع المسيح الذي هو الطريق المستقيم الذي يؤدي إلى النعيم. كما انه لن يُسمح لأي إنسان إن يتستر خلف أعذار واهية في يوم الدينونة العظيمة. اتبعه الآن.
8قالَ لهُ فيلبُّسُ يا سيِّدُ أرِنَا الآبَ وكفانَا. 9قالَ لهُ يسوعُ أنا معكم زماناً هذِهِ مدتُهُ ولم تعرفني يا فيلبُّسُ. الذي رآني فقدْ رأَى الآبَ فكيفَ تقولُ أنتَ أرِنَا الآبَ. 10ألسْتَ تؤمنُ أني أنا في الآبِ والآبَ فيَّ. الكلامُ الذي أكلِّمُكُم بهِ لسْتُ أتكلَّمُ بهِ من نفسِي لكنَّ الآبَ الحَالَّ فيَّ هوَ يعملُ الأعمالَ. 11صدِّقونِي أني في الآبِ والآبَ فيَّ. وإلاّ فصدِّقُوني لسببِ الأعمالِ نفسِهَا. 12الحقَّ الحقَّ أقولُ لكُمْ من يؤمنُ بي فالأعمالُ التي أنا أعملُهَا يعملُهَا هو أيضاً ويعملُ أعظَمَ منهَا لأني ماضٍ إلى أبي. 13ومهمَا سألتُم باسمي فذلكَ أفعلُهُ ليتمجَّدَ الآبُ بالابنِ. 14إنْ سألتُمْ شيئاً باسمي فإني أفعَلُهُ.
15إن كنتم تحبُّونَني فاحفَظُوا وصايايَ. 16وأنا أطلبُ من الآبِ فيعطيكُم معزياً آخرَ ليمكثَ معكُمْ إلى الأبدِ. 17روحُ الحقِّ الذي لا يستطيعُ العَالمُ أن يقبلَهُ لأنهُ لا يراهُ ولا يعرفُهُ. وأما أنتم فتعرفونَهُ لأنهُ ماكثٌ معكم ويكونُ فيكُم. 18لا أترككم يتامَى. إني آتي إليكم. 19بعدَ قليلٍ لا يرانِي العَالمُ أيضاً وأما أنتم فترونَني. إني أنا حيٌّ فأنتم ستحيونَ. 20في ذلكَ اليومِ تعلمونَ أني أنا في أبي وأنتم فيَّ وأنا فيكم. 21الذي عندَهُ وصايايَ ويحفَظُهَا فهو الذي يحبُّني. والذي يحبُّني يحبُّهُ أبي وأنا أُحبُّهُ وأُظهِرُ لهُ ذاتِي.
22قالَ لهُ يهوذَا ليسَ الإسخريوطيَّ يا سيِّدُ ماذَا حدثَ حتّى إنكَ مزمعٌ أن تُظهرَ ذاتَكَ لنَا وليسَ للعَالمِ. 23أجابَ يسوعُ وقالَ لهُ إنْ أحبَّني أحدٌ يحفظُ كلامِي ويحبُّهُ أبي وإليهِ نأتي وعندَهُ نصنعُ منـزلاً. 24الذي لا يحُّبني لا يحفَظُ كلامي. والكلامُ الذي تسمعونَهُ ليسَ لي بل للآبِ الذي أرسلني. 25بهَذَا كلَّمْتُكُم وأنا عندَكُمْ.
-------------------------
(11:14) من المهم أن نرى بأن المسيح لم يكن نبيا أو رسولا فقط، إذ هو كلمة الله وروحه، فولادته وأعماله كانت أعظم برهان عن ذلك. وهذا ما يجعل منه أعظم من رسول بل بالحري ذات الله نفسه. فكم من مرة ينبغي أن يُذكر أن كل المعجزات والخوارق التي صنعها السيد المسيح والتي جاء القرآن مصدقا لها شهادة للمسلمين - لم تكن إلا وسيلة ليبرهن المسيح عن لاهوته للعالم. وذلك لأن العالم عاجز عن أن يميّز لاهوت المسيح ويعرفه بدون أعمال خارقة. لذلك قام المسيح بصنع العجائب كي يؤكد حقيقة هويَّته ولاهوته.
26وامَّا المعزِّي الروحُ القدسُ الـذي سيرسِلُهُ الآبُ باسمي فهوَ يعلِّمُكُم كلَّ شيءٍ ويذكِّرُكُم بكلِّ ما قلتُهُ لكُمْ.
27سلاماً أتركُ لكمْ. سلامِي أعطيكمْ. ليسَ كمَا يُعطِي العالمُ أعطيكمْ أنا. لا تضطربْ قلوبُكُمْ ولا ترهَبْ. 28سمعتُمْ أني قلتُ لكُمْ أنا أذهبُ ثمَّ آتي إليكم. لو كنتم تحبُّونَني لكنتم تفرحونَ لأني قلتُ أمضِي إلى الآبِ. لأن أبي أعظمَ مني. 29وقلتُ لكمْ الآنَ قبلَ أن يكونَ حتّى متَى كانَ تؤمنونَ. 30لا أتكلَّمُ
---------------------------
(26:14) أعظم برهان على أن المسيحية هي عمل الله الكامل يظهر في الوسيلة التي انتشرت بها هذه الرسالة. عند صعود المسيح إلى السماء، كان التلاميذ قد اختبروا قسوة محاكمة المسيح وذاقوا مرارة صلبه ووقعوا تحت سيطرة الخوف العظيم الذي فرضه عليهم إرهاب الشعب الذي ثار ضد مسيحهم وسيدهم. في حالة مثل تلك، يُفترض لمثل تلك الجماعة أن تختفي عن الأنظار ولا تظهر جهارة مدة طويلة إلى أن ينسى الشعب ما قد حدث. والنصيحة البشرية للتلاميذ هي أن لا يُذكِّروا أحدا من الشعب بتعليم المصلوب لئلا يصيبهم ما أصاب معلمهم. مرت أيام قليلة بعد الصلب فيها هدأت الشوارع في أورشليم واليهودية والسامرة، ولم يعد أحد يسمع صوت المعلم أو يرى تلاميذه، فظن رؤساء اليهود انهم صلبوه وقتلوه يقينا وانتهوا منه ومن رسالته إلى الأبد. واعتقد اليهود أن انتصارهم كان انتصارا نهائيا مطلقا، ظنوا فيه بأن أتباع يسوع كانوا زمرة من الجليليين الأميين الذين يسهل إرهابهم وزرع الخوف في قلوبهم وضمان إسكاتهم. كان اليهود يوم ذاك أصحاب السلطة والنفوذ، وتعصبهم الأعمى لتقاليدهم ضَمَنَ إزالة كل الروادع لارتكاب أشنع الجرائم لإسكات أي شخص حسبوه مهددا لتقاليدهم ومركزهم، لذلك لم يستطع أتباع يسوع أن يظهروا أنفسهم أمام الشعب إلا بعد قيامة المسيح المجيدة من الأموات حيث مكث مع تلاميذه لمدة أربعين يوما يعلمهم ما لم يستطيعوا استيعابه قبل القيامة ويهيئهم للمهمة التي صرف ثلاث سنوات لتتميمها، وبعد خمسين يوما من القيامة المجيدة، أرسل السيد المسيح المعزي أي الروحَ القدس الذي جعل من أولئك الذين اختبأوا خوفا من الناس، رجال بأس وجبابرة يجولون بحرية في شوارع المدينة المحرمة وكأنها ملكهم، ينشرون الأخبار السارة عن قيامة المسيح وخلاصه بكل جرأة وبدون أي خوف، فقلبوا المسكونة مبشرين بالكلمة. وما كان باستطاعتهم ان يقوموا بذلك العمل المستحيل وأن يواجهوا الأخطار العظيمة وإرهاب رجالات الدين لو لم يحقق الرب يسوع المسيح وعوده ويقلدهم السلطة الإلهية لكي يقوموا بعمل المعجزات والخوارق باسمه. ولولا تلك السلطة المعجزية وإتمام الوعود الإلهية لما استطاع أولئك الأتباع أن يخرجوا من مخابئهم ولما انتشرت المسيحية خارج أبواب منازلهم ومخابئهم.
-------------------------
(29:14) تنبأ المسيح عن سرائر الناس وأعلن عن حوادث مستقبلية شخصية ودَوْلِيَّة وعالمية. هذا عدا عن النبوات التي أعلنها هو عن أواخر الأيام. ولكن الفرق الكبير بينه وبين بقية الأنبياء الذين تنبأوا عن حوادث مستقبلية هو أن الأنبياء أعطوا دائما الفضل لله عز وجل، لذلك عندما تنبأوا، ابتدأوا تنبؤهم بالقول: “هكذا قال السيد الرب..” وهذا مفروض على الأنبياء لأن المجد للرب وحده.
أيضاً معكُمْ كثيراً لأنَّ رئيسَ هذَا العَالم يأتي وليسَ لهُ فيَّ شيءٌ. 31ولكنْ ليفهَمَ العَالمُ أني أحبُّ الآبَ وكمَا أوصاني الآبُ هكذَا أفعلُ. قومُوا ننطَلِقْ من هَهُنَا.
- عدد الزيارات: 1863