الأَصْحَاحُ الأَوَّلُ
1في البدءِ كانَ الكلمةُ والكلمةُ كانَ عندَ اللهِ وكانَ الكلمةُ اللهَ. 2هذا كانَ في البدءِ عندَ الله. 3 كلُّ شيءٍ بهِ كانَ وبغيرِهِ لمْ يكنْ شيءٌ مما كانَ. 4فيه كانتِ الحياةُ والحياةُ كانتْ نورَ الناسِ. 5والنورُ يضيءُ في الظلمةِ والظلمةُ لم تدركْهُ.
------------------------------
(1:1) جاءت الفلسفة الإسلامية لتثبت أزلية الكلمة. عندما نفت المعتزلة أزلية كلمة الله على أساس أن الله وحده كان منذ الأزل ولا ينبغي أن يشاركه في أزليته أي وجود آخر. لذلك وجب على الكلمة أن تكون مخلوقة. فردت الأشعرية - وهي الفلسفة المقبولة عامة في الأوساط الإسلامية - واسمه المعتزلة كبدعة شنيعة، ومصرة على أن كلمة الله أزلية وأنها كانت معه منذ البدء، أي أنها كانت في ذات الله. وسند الأشعريون حجتهم قائلين إن كانت الكلمة مخلوقة، يتوجب أن يكون الله متغيرا إذ يُحسب أنه كان لمدة من الأبدية بدون كلمة وبعدها وصل إلى نقطة من الأبدية فيها خلق الكلمة فصار إلها بكلمة. فحالة كهذه تُلزم تغييرا في ذات الله جل جلاله. ولكن الله بالضرورة وبالتعريف لا يتغير ولا يتبدل. لذلك كانت الكلمة معه منذ البدء. إذا قرأت بقية الآيات في هذا الإصحاح، تجد أن كلمة الله هو المسيح، ويشدد القرآن في سورة النساء 171 على أن المسيح عيسى ابن مريم هو بلا شك "كلمته" أي كلمة الله. وبما أن المسيح عيسى ابن مريم هو كلمة الله، يتوجب عندئذٍ وجود المسيح مع الله منذ الأزل ولكن ليس كذات مستقلة، بل كأقنوم في إله واحد. وفي هذا نجد أن الفلسفة الإسلامية قدمت أعظم برهان عقلي لأزلية المسيح الذي هو كلمة الله.
--------------------------
(2:1) عندما سمع بعض مفسري الإسلام المعاصرين أن المسيح هو كلمة الله اعترضوا قائلين: "إن المسيح هو كلمة من جملة كلمات، وان لفظة كلمة هنا تعني أمر. أي أن المسيح قد وُلد بأمر من الله." إن التفسير المعاصر هذا مغلوط ضمنا وظاهراً، مما يثبت حكمة الآية القرآنية التي حثت نبيهم: فإن كنت في شك... فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك (أي المسيحيين)، (سورة يونس 94). فليتهم يتبعون نصيحة القرآن وبدلا من أن يتهجموا على كتاب الله وعلى أهل ذلك الكتاب، فليتعلموا منهم المعاني الحقيقية للأمور الروحية. عندما تقرأ سورة النساء 171 وتجد أن المسيح هو كلمته، عندئذٍ تفهم بان اللفظة في آل عمران 45 لم تأتِ لتنقض أسس الآية 171 في سورة النساء. كما أن اللفظة في تلك الآية لا تستهدف عملية "أمر بالولادة" بل وصف شخص المسيح نفسه. وقد وضعها القرآن في تلك الصيغة: "بكلمة منه" ليؤكد بتشديد كينونة المسيح ككلمة الله. وبرهانا على ذلك أصر القرآن على أن المسيح قد امتاز على جميع الأنبياء، ليس بأعماله العظيمة التي أنجزها والتي لم يعملها أحد غيره، بل أيضا بالميزات السامية التي اتسم بها وحده دون أي من الأنبياء. منها كلمة الله وروح الله. فإن كان المسيح هو روح الله وكلمة الله، فهو لا بد إذاً أن يكون أزليا وسرمديا إذ أن روح الله وكلمته لا يتجزآن ولا ينفصلان عن الله ولا عن سرمديته فروح الله وكلمته هما من ذات الله، لذلك المسيح هو ذات الله وعنده من البدء.
6كانَ إنسانٌ مرسلٌ منَ اللهِ اسمهُ يوحنا. 7هذا جاءَ للشَّهادةِ ليشهدَ للنورِ لكي يؤمنَ الكلُّ بواسطتِهِ. 8لم يكن هو النورَ بل ليشهدَ للنورِ. 9كانَ النورُ الحقيقيُّ الذي ينيرُ كلَّ إنسان آتيا إلى العالم. 10كان في العالم وكُوِّنَ العالمُ به ولم يعرفه العالم. 11إلى خاصتِهِ جاءَ وخاصتُهُ لم تقبلهُ. 12وامَّا كلُّ الذينَ قبلوهُ فأعطاهم سلطاناً أن يصيرُوا أولادَ اللهِ أي المؤمنونَ باسمهِ. 13الذينَ وُلدُوا ليسَ من دمٍ ولا من مشيئةِ جسدٍ ولا من مشيئةِ رجلٍ بل منَ الله.
14والكلمةُ صارَ جسداً وحلَّ بينَنَا ورأيْنَا مجدَهُ مجداً كمَا لوحيدٍ منَ الآبِ مملوءًا نعمةً وحقاً. 15يوحنَّا شهدَ لهُ ونادى قائلاً هذا هوَ الذي
-------------------------
(10:1) تكلم القرآن عن قوة المسيح على الخلق إذ ذكر في سورة آل عمران 49 بأنه خلق طيرا. وقد اعترض بعض مفكري الإسلام قائلين إن قدرة المسيح على خلق الطير لم تكن قدرة ذاتية إنما استطاع المسيح أن يخلق من الطين طيرا بإذن الله. ولهذه العبارة بالنسبة لهم أهمية بالغة لأنهم يعتقدون أن المسيح كان إنسانا انعم الله عليه أن يخلق من الطين طيرا. ورداً على هذا المفهوم المغلوط نقول انك إن قرأت إنجيل المسيح هذا تجد أن المسيح كان يصلي قبل أن يصنع الخوارق والمعجزات وكأنه يطلب إذن الله. في عمله هذا كان يعلم حوارييه وبني البشر أهمية إتباع السلطة وأهمية الطاعة واحترام المركز واتِّبَاع الأوامر. ولكن لكي يظهر انه لم يكن إنسانا عاديا كان يعلن دائما عند صنع الخوارق بأنه والله واحد. لو لم يكن كذلك لجرده الله للحال من كل قوة وسلطان من ابتداء خدمته إذ أنه من الابتداء أعلن عن مساواته لله. لذلك سلطانه على صنع الخوارق لم يكن كما لإنسان أُنعم عليه من الله بل كمن كان مساويا للآب في الجوهر. لذلك أصر القرآن على أن المسيح عيسى كان يملك قوة الخلق (آل عمران 49). وفي نفس الوقت، ينص القرآن أن قوة الخلق محصورة بالله وحده (سورة يونس 34 ) والتاريخ أكبر شاهد على أن الله لم يسمح لأحد من الأنبياء أن يتمتع بذلك السلطان. فيكون الاستنتاج واضحا ولازما بأن القرآن يشهد صراحة للاهوت المسيح وألوهيته. وقد سجل القرآن أن المسيح اتخذ نفس المنهاج الذي اتخذه حيال خلق بني البشر، مستخدما الطين ونافخا فيه (الحجر 28و29). وبذلك يوافق القرآن ضمنا وجهارة نص الإنجيل أن المسيح هو الخالق: به كان كل شيء.
-------------------------
(14:1) إن عقيدة التجسد لم تقتصر على المسيحية فقط بل سندها الإسلام في القرآن بكل وضوح مثبتا أن روح الله صار جسدا في قوله: "فأرسَلنا إليها روحَنَا فتَمَثَّل لها بشراً سويّا" (مريم 17). تشدد هذه الآية القرآنية على أن روح الله هو الذي صار إنسانا كاملا. وتعلمنا الآية أن عملية صيرورة روح الله جسدا هو أمر هين على الله. ولكن هل روح الله هو غير الله أم الله نفسه؟ عندما عجز المفسرون المسلمون عن فهم شخصية الروح القدس أصروا على أن روح الله هو ملاك الله.
قُلتُ عنهُ إنَّ الذي يأتي بعدي صارَ قُدّامي لأنهُ كانَ قبلي. 16ومن ملئِهِ نحن جميعاً أخذنا. ونعمةً فوقَ نعمةٍ. 17لأنَّ الناموسَ بموسى أُعطيَ. أما النعمةُ والحقُّ فبيسوعَ المسيحِ صارا. 18اللهُ لم يرَهُ أحدٌ قطُ. الابنُ الوحيدُ الذي هوَ في حضنِ الآبِ هوَ خبّرَ.
19وهذِهِ هي شهادةُ يوحنَّا حينَ أرسلَ اليهودُ مِن أورشليمَ كهنةً ولاويينَ ليسألوهُ من أنتَ. 20فاعترفَ ولم ينكرْ وأقرّ إني لستُ أنا المسيح. 21فسألوهُ إذاً ماذا. إيليا أنتَ. فقالَ لستُ أنا. النبي أنتَ. فأجابَ لا. 22فقالُوا لهُ من أنتَ لنعطيَ جواباً للذينَ أرسلونا. ماذا تقولُ عن نفسِكَ. 23قالَ أنا صوتُ صارخٍ في البريةِ قوّمُوا طريقَ الربِّ كما قالَ إشعياء النبي. 24وكانَ المرسلونَ منَ الفريسيينَ. 25فسألوهُ وقالُوا لهُ فمَا بالكَ تعمّدُ إن كنتَ لستَ المسيحَ ولا إيليّا ولا النَّبي. 26أجابهم يوحنَّا قائلاً أنا أعمِّدُ بماءٍ. ولكن في وسطِكُم قائمٌ الذي لستُمْ تعرفونَهُ. 27هو الذي يأتي بعدِي الذي صارَ قدامِي الذي لستُ بمستحقٍ أن أحلَّ سيورَ حذائِهِ 28هذا كانَ في بيتِ عبرةَ في عبرِ الأردنِ حيثُ كانَ يوحنَّا يعمِّدُ.
29وفي الغدِ نظرَ يوحنَّا يسوعَ مقبلاً إليهِ فقالَ هوذا حملُ اللهِ الذي يرفعُ خطيةَ العالمِ.
-------------------------
-(14:1)تكملة: ولكن القرآن نفسه يثبت وجود الفرق المبين بين الملائكة وروح الله، قائلا: "تَنـزلً الملائكة والروح" (القدر 4)، ولو كان الروح هو الملائكة لما فصلت تلك الآية بين هويّتيهما. وبذلك يصادق القرآن على ما جاء في الإنجيل بان الملائكة هم خلائق الله وليسوا روح الله الذي هو من ذات الله. فلا ينبغي أن نقلل من قيمة روح الله بجعلنا له خليقة مخلوقة كالملائكة الذين يصفهم الكتاب المقدس قائلا بأنهم: "أرواح خادمة." في حال أن روح الله هو ذات الله الخلاقة. فالملاك ملاك هو، وروح الله هو روح الله، وإن كان الله عز وجل قادرا على كل شيء فما هو المانع الذي يعيقه عن أن يتمثل بشرا سويا ويتجسد في شخص الرب يسوع المسيح لخلاص بني البشر الذين احبهم هكذا. فالقرآن يعلم أن المسيح هو من روح الله ولكي يحافظ الله على طهارته وقداسته استخدم ولادة خارقة عذراوية تليق بصيرورته إنسانا كاملا. هنا نجد أن القرآن أتى ليعطي جوابا محكما لا ريب فيه مثبتا عقيدة الصيرورة أي أن الله صار جسدا. فكيف باستطاعة إنسان أن ينكر حقيقة إلهية واضحة كاملة الوضوح؟
30هذا هو الذي قلتُ عنهُ يأتِي بعدِي رجلٌ صارَ قدامِي لأنَّهُ كانَ قبلِي. 31وأنا لم أكنْ أعرفُهُ لكن ليُظهرَ لإسرائيلَ لذلكَ جئتُ أعمِّدُ بالماءِ. 32وشهدَ يوحنَّا قائلاً إني قد رأيتُ الروحَ نازلاً مثلَ حمامةٍ من السماءِ فاستقرَّ عليهِ. 33وأنا لم أكنْ أعرفُهُ. لكن الذي أرسلني لأعمِّد بالماءِ ذاكَ قالَ لي الذي ترى الروحَ نازلاً ومستقرّاً عليهِ فهذا هو الذي يعمِّدُ بالروحِ القدسِ. 34وأنا قد رأيْتُ وشهدتُ أن هذا هو ابنُ اللهِ.
35وفي الغدِ أيضاً كانَ يوحنَّا واقفاً هو واثنانِ من تلاميذِهِ. 36فنظرَ إلى يسوعَ ماشياً فقالَ هوذَا حملُ اللهِ. 37فسمعَهُ التلميذانِ يتكلمُ فتبعَا يسوعَ. 38فالتفتَ يسوعُ ونظرهُمَا يتبعانِ فقالَ لهمَا ماذا تطلبان. فقالا ربي الذي تفسيرُهُ يا معلّمُ أينَ تمكثَ. 39فقالَ لهما تعاليَا وانظرا. فأتيا ونظرا أينَ كانَ يمكثُ ومكثا عندهُ ذلكَ اليوم. وكانَ نحوَ الساعةِ العاشرة. 40كانَ أندراوسُ أخو سمعانَ بطرسَ واحداً من الاثنينِ اللذين سمعَا يوحنَّا وتبعاهُ. 41هذا وجدَ أولاً أخاهُ سمعانَ فقالَ لهُ قدْ وجدنَا مسيَّا. الذي تفسيرُهُ المسيحُ.
-------------------------
(30:1) كان يوحنا يعلم انه وُلد قبل المسيح بشهور وان خدمته ابتدأت قبل خدمة المسيح ولكن يوحنا شهد أن المسيح كان موجودا قبله، مؤكدا بذلك ألوهية المسيح وكينونته الأزلية.
-------------------------
(33:1) ولقد جاءت صورة الثالوث الأقدس في القرآن ليس مرة واحدة بل مرّتين إذ جاء على لسان الله في القرآن قائلا: “وأتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس" (البقرة 87). ويقول أيضا في سورة النساء 171 مميزا المسيح بهذه الكلمات: "وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمِنوا بالله." فإن تأملنا بهاتين الآيتين نجد أن المتكلم هو الله مخاطبا الكلمة ومؤيدا له بالروح القدس. وهكذا نتأكد أن القرآن لم يخرج البتة عن ترديد قول الإنجيل في هذه الآية مثبتا وجود الثالوث الأقدس الله الآب وكلمته وروحه.
-------------------------
(41:1) لقد انفرد الرب يسوع وحده في القرآن بهذا اللقب: المسيح. إذ أشار له في كل حين قائلا: المسيح عيسى ابن مريم. وحسب نبوات التوراة والأنبياء إن حامل ذلك اللقب هو المسيا المنتظر الذي مُسح من الله لمركز رفيع لا يستطيع أيٌّ من البشر أن يشغله ويتمم عمل الفداء الذي لا يستطيعه أي شخص آخر. ويسوع وحده كان يملك المؤهلات اللازمة لذلك هو قد مُسح ليكون كاهنا ونبيا وملكا وهذا ما يلزم لتثبيت مخلص العالم وإتمام النبوات. بهذا امتاز يسوع عن جميع الأنبياء وارتفع فوق طبقة البشر. وكان هذا إقرارا من القرآن بأن المسيح فريد في شخصه ومركزه وعظمته.
42فجاءَ بهِ إلى يسوعَ. فنظرَ إليهِ يسوعَ وقالَ أنتَ سمعانُ بنُ يونا. أنت تُدعَى صفا الذي تفسيرُهُ بطرسُ.
43في الغدِ أرادَ يسوعُ أن يخرجَ إلى الجليلِ. فوجدَ فيلبُّسَ فقالَ لهُ اتبعني. 44وكانَ فيلبُّسُ من بيتِ صيدا من مدينةِ أندراوسَ وبطرسَ. 45فيلبُّسُ وجدَ نثنائيلَ وقالَ لهُ وجدنَا الذي كتبَ عنهُ موسى في الناموسِ والأنبياءُ يسوعَ ابنَ يوسفَ الذي من الناصرةِ. 46فقالَ لهُ نثنائيلُ أَمِنَ الناصرةِ يمكنُ أن يكونَ شيءٌ صالحٌ. قالَ لهُ فيلبُّسُ تعالَ وانظرْ.
47ورأى يسوعُ نثنائيلَ مقبلاً إليهِ فقالَ عنهُ هوذا إسرائيلي حقَّا لا غشَّ فيهِ. 48قالَ لهُ نثنائيلُ من أينَ تعرفني. أجابَ يسوعُ وقالَ لهُ. قبلَ أنْ دعاكَ فيلبُّسُ وأنتَ تحتَ التينةِ رأيتُكَ. 49أجابَ نثنائيلُ وقالَ لهُ يا معلِّمُ أنتَ ابنُ اللهِ. أنتَ ملكُ إسرائيلَ. 50 أجابَ يسوعُ وقالَ لهُ هلْ آمنتَ لأني قلتُ لكَ إني رأيتُكَ تحتَ التينةِ. سوفَ ترَى أعظمَ من هذا. 51وقالَ لهُ الحقَّ الحقَّ أقولُ لكُمْ مِنَ الآنَ ترونَ السماءَ مفتوحةً وملائكة اللهِ يصعدونَ وينـزلونَ على ابنِ الإنسان.
-------------------------
(49:1) حاشا للمسيحيين أن يؤمنوا أن لله امرأة وُلد منها ابن بحسب ولادة جنسية تناسلية كباقي البشر. إنما بنوة المسيح لله هي بنوة روحية سامية فيها انبثق الابن من الآب منذ دهور الأزل، منذ البدء. وقد أجاد الغزالي، وهو علامة من مشاهير أئمة الإسلام، عندما علق في كتابه الرد الجميل على اعتقاد النصارى قائلا: "يعتقد النصارى ان ذات البارئ تعالى واحدة في الجوهر ولها اعتبارات. فان اعتُبر وجودها غير معلق على غيره فذلك الوجود المطلق. هو ما يسمونه بأقنوم الآب. وإن اعتبر معلقا على وجود آخر كالعلم المعلق على وجود العالم فذلك الوجود المقيد هو ما يسمونه بأقنوم الابن أو الكلمة. وإن اعتبر معلقا على كون عاقليته معقول منه فذلك الوجود المقيد أيضا هو ما يسمونه بأقنوم الروح القدس لأن ذات البارئ معقولة منه.” بمعنى آخر علامة الإسلام الغزالي برهن على تفهم عميق وأصيل للثالوث الأقدس وعبر عنه ببلاغة وأصالة مثبتا أن الابن قد انبثق من الآب وهو معادل له. إن كل الميزات التي تميز بها المسيح في الإنجيل والقرآن لم تكن إلا برهانا قاطعا ودليلا واضحا للاهوت الرب يسوع المسيح.1في البدءِ كانَ الكلمةُ والكلمةُ كانَ عندَ اللهِ وكانَ الكلمةُ اللهَ. 2هذا كانَ في البدءِ عندَ الله. 3 كلُّ شيءٍ بهِ كانَ وبغيرِهِ لمْ يكنْ شيءٌ مما كانَ. 4فيه كانتِ الحياةُ والحياةُ كانتْ نورَ الناسِ. 5والنورُ يضيءُ في الظلمةِ والظلمةُ لم تدركْهُ.
------------------------------
(1:1) جاءت الفلسفة الإسلامية لتثبت أزلية الكلمة. عندما نفت المعتزلة أزلية كلمة الله على أساس أن الله وحده كان منذ الأزل ولا ينبغي أن يشاركه في أزليته أي وجود آخر. لذلك وجب على الكلمة أن تكون مخلوقة. فردت الأشعرية - وهي الفلسفة المقبولة عامة في الأوساط الإسلامية - واسمه المعتزلة كبدعة شنيعة، ومصرة على أن كلمة الله أزلية وأنها كانت معه منذ البدء، أي أنها كانت في ذات الله. وسند الأشعريون حجتهم قائلين إن كانت الكلمة مخلوقة، يتوجب أن يكون الله متغيرا إذ يُحسب أنه كان لمدة من الأبدية بدون كلمة وبعدها وصل إلى نقطة من الأبدية فيها خلق الكلمة فصار إلها بكلمة. فحالة كهذه تُلزم تغييرا في ذات الله جل جلاله. ولكن الله بالضرورة وبالتعريف لا يتغير ولا يتبدل. لذلك كانت الكلمة معه منذ البدء. إذا قرأت بقية الآيات في هذا الإصحاح، تجد أن كلمة الله هو المسيح، ويشدد القرآن في سورة النساء 171 على أن المسيح عيسى ابن مريم هو بلا شك "كلمته" أي كلمة الله. وبما أن المسيح عيسى ابن مريم هو كلمة الله، يتوجب عندئذٍ وجود المسيح مع الله منذ الأزل ولكن ليس كذات مستقلة، بل كأقنوم في إله واحد. وفي هذا نجد أن الفلسفة الإسلامية قدمت أعظم برهان عقلي لأزلية المسيح الذي هو كلمة الله.
--------------------------
(2:1) عندما سمع بعض مفسري الإسلام المعاصرين أن المسيح هو كلمة الله اعترضوا قائلين: "إن المسيح هو كلمة من جملة كلمات، وان لفظة كلمة هنا تعني أمر. أي أن المسيح قد وُلد بأمر من الله." إن التفسير المعاصر هذا مغلوط ضمنا وظاهراً، مما يثبت حكمة الآية القرآنية التي حثت نبيهم: فإن كنت في شك... فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك (أي المسيحيين)، (سورة يونس 94). فليتهم يتبعون نصيحة القرآن وبدلا من أن يتهجموا على كتاب الله وعلى أهل ذلك الكتاب، فليتعلموا منهم المعاني الحقيقية للأمور الروحية. عندما تقرأ سورة النساء 171 وتجد أن المسيح هو كلمته، عندئذٍ تفهم بان اللفظة في آل عمران 45 لم تأتِ لتنقض أسس الآية 171 في سورة النساء. كما أن اللفظة في تلك الآية لا تستهدف عملية "أمر بالولادة" بل وصف شخص المسيح نفسه. وقد وضعها القرآن في تلك الصيغة: "بكلمة منه" ليؤكد بتشديد كينونة المسيح ككلمة الله. وبرهانا على ذلك أصر القرآن على أن المسيح قد امتاز على جميع الأنبياء، ليس بأعماله العظيمة التي أنجزها والتي لم يعملها أحد غيره، بل أيضا بالميزات السامية التي اتسم بها وحده دون أي من الأنبياء. منها كلمة الله وروح الله. فإن كان المسيح هو روح الله وكلمة الله، فهو لا بد إذاً أن يكون أزليا وسرمديا إذ أن روح الله وكلمته لا يتجزآن ولا ينفصلان عن الله ولا عن سرمديته فروح الله وكلمته هما من ذات الله، لذلك المسيح هو ذات الله وعنده من البدء.
6كانَ إنسانٌ مرسلٌ منَ اللهِ اسمهُ يوحنا. 7هذا جاءَ للشَّهادةِ ليشهدَ للنورِ لكي يؤمنَ الكلُّ بواسطتِهِ. 8لم يكن هو النورَ بل ليشهدَ للنورِ. 9كانَ النورُ الحقيقيُّ الذي ينيرُ كلَّ إنسان آتيا إلى العالم. 10كان في العالم وكُوِّنَ العالمُ به ولم يعرفه العالم. 11إلى خاصتِهِ جاءَ وخاصتُهُ لم تقبلهُ. 12وامَّا كلُّ الذينَ قبلوهُ فأعطاهم سلطاناً أن يصيرُوا أولادَ اللهِ أي المؤمنونَ باسمهِ. 13الذينَ وُلدُوا ليسَ من دمٍ ولا من مشيئةِ جسدٍ ولا من مشيئةِ رجلٍبل منَ الله.
14والكلمةُ صارَ جسداً وحلَّ بينَنَا ورأيْنَا مجدَهُ مجداً كمَا لوحيدٍ منَ الآبِ مملوءًا نعمةً وحقاً. 15يوحنَّا شهدَ لهُ ونادى قائلاً هذا هوَ الذي
-------------------------
(10:1) تكلم القرآن عن قوة المسيح على الخلق إذ ذكر في سورة آل عمران 49 بأنه خلق طيرا. وقد اعترض بعض مفكري الإسلام قائلين إن قدرة المسيح على خلق الطير لم تكن قدرة ذاتية إنما استطاع المسيح أن يخلق من الطين طيرا بإذن الله. ولهذه العبارة بالنسبة لهم أهمية بالغة لأنهم يعتقدون أن المسيح كان إنسانا انعم الله عليه أن يخلق من الطين طيرا. ورداً على هذا المفهوم المغلوط نقول انك إن قرأت إنجيل المسيح هذا تجد أن المسيح كان يصلي قبل أن يصنع الخوارق والمعجزات وكأنه يطلب إذن الله. في عمله هذا كان يعلم حوارييه وبني البشر أهمية إتباع السلطة وأهمية الطاعة واحترام المركز واتِّبَاع الأوامر. ولكن لكي يظهر انه لم يكن إنسانا عاديا كان يعلن دائما عند صنع الخوارق بأنه والله واحد. لو لم يكن كذلك لجرده الله للحال من كل قوة وسلطان من ابتداء خدمته إذ أنهمن الابتداء أعلن عن مساواته لله. لذلك سلطانه على صنع الخوارق لم يكن كما لإنسانأُنعم عليه من الله بل كمن كان مساويا للآب في الجوهر. لذلك أصر القرآن على أنالمسيح عيسى كان يملك قوة الخلق (آل عمران 49). وفي نفس الوقت، ينص القرآن أن قوة الخلق محصورة بالله وحده (سورة يونس 34 ) والتاريخ أكبر شاهد على أن الله لم يسمح لأحد من الأنبياء أن يتمتع بذلك السلطان. فيكون الاستنتاج واضحا ولازما بأن القرآن يشهد صراحة للاهوت المسيح وألوهيته. وقد سجل القرآن أن المسيح اتخذ نفس المنهاج الذي اتخذه حيال خلق بني البشر، مستخدما الطين ونافخا فيه (الحجر 28و29). وبذلك يوافق القرآن ضمنا وجهارة نص الإنجيل أن المسيح هو الخالق: به كان كل شيء.
-------------------------
(14:1) إن عقيدة التجسد لم تقتصر على المسيحية فقط بل سندها الإسلام في القرآن بكل وضوح مثبتا أن روح الله صار جسدا في قوله: "فأرسَلنا إليها روحَنَا فتَمَثَّل لها بشراًسويّا" (مريم 17). تشدد هذه الآية القرآنية على أن روح الله هو الذي صار إنسانا كاملا. وتعلمنا الآية أن عملية صيرورة روح الله جسدا هو أمر هين على الله. ولكن هل روح الله هو غير الله أم الله نفسه؟ عندما عجز المفسرون المسلمون عن فهم شخصية الروح القدس أصروا على أن روح الله هو ملاك الله.
قُلتُ عنهُ إنَّ الذي يأتي بعدي صارَ قُدّامي لأنهُ كانَ قبلي. 16ومن ملئِهِ نحن جميعاً أخذنا. ونعمةً فوقَ نعمةٍ. 17لأنَّ الناموسَ بموسى أُعطيَ. أما النعمةُ والحقُّ فبيسوعَ المسيحِ صارا.18اللهُ لم يرَهُ أحدٌ قطُ. الابنُ الوحيدُ الذي هوَ في حضنِ الآبِ هوَ خبّرَ.
19وهذِهِ هي شهادةُ يوحنَّا حينَ أرسلَ اليهودُ مِن أورشليمَ كهنةً ولاويينَ ليسألوهُ من أنتَ. 20فاعترفَ ولم ينكرْ وأقرّ إني لستُ أنا المسيح. 21فسألوهُ إذاً ماذا. إيليا أنتَ. فقالَ لستُ أنا. النبي أنتَ. فأجابَ لا. 22فقالُوا لهُ من أنتَ لنعطيَ جواباً للذينَ أرسلونا. ماذا تقولُ عن نفسِكَ. 23قالَ أنا صوتُ صارخٍ في البريةِ قوّمُوا طريقَ الربِّ كما قالَ إشعياء النبي. 24وكانَ المرسلونَ منَ الفريسيينَ. 25فسألوهُ وقالُوا لهُ فمَا بالكَ تعمّدُ إن كنتَ لستَ المسيحَ ولا إيليّا ولا النَّبي. 26أجابهم يوحنَّا قائلاً أنا أعمِّدُ بماءٍ. ولكن في وسطِكُم قائمٌ الذي لستُمْ تعرفونَهُ. 27هو الذي يأتي بعدِي الذي صارَ قدامِي الذي لستُ بمستحقٍ أن أحلَّ سيورَ حذائِهِ 28هذا كانَ في بيتِ عبرةَ في عبرِ الأردنِ حيثُ كانَ يوحنَّا يعمِّدُ.
29وفي الغدِ نظرَ يوحنَّا يسوعَ مقبلاً إليهِ فقالَ هوذا حملُ اللهِ الذي يرفعُ خطيةَ العالمِ.
-------------------------
-(14:1)تكملة: ولكن القرآن نفسه يثبت وجود الفرق المبين بين الملائكة وروح الله، قائلا: "تَنـزلً الملائكة والروح" (القدر 4)، ولو كان الروح هو الملائكة لما فصلت تلك الآية بين هويّتيهما. وبذلك يصادق القرآن على ما جاء في الإنجيل بان الملائكة هم خلائق الله وليسوا روح الله الذي هو من ذات الله. فلا ينبغي أن نقلل من قيمة روح الله بجعلنا له خليقة مخلوقة كالملائكة الذين يصفهم الكتاب المقدس قائلا بأنهم: "أرواح خادمة." في حال أن روح الله هو ذات الله الخلاقة. فالملاك ملاك هو، وروح الله هو روح الله، وإن كان الله عز وجل قادرا على كل شيء فما هو المانع الذي يعيقه عن أن يتمثل بشرا سويا ويتجسد في شخص الرب يسوع المسيح لخلاص بني البشر الذين احبهم هكذا. فالقرآن يعلم أن المسيح هو من روح الله ولكي يحافظ الله على طهارته وقداسته استخدم ولادة خارقة عذراوية تليق بصيرورته إنسانا كاملا. هنا نجد أن القرآن أتى ليعطي جوابا محكما لا ريب فيه مثبتا عقيدة الصيرورة أي أن الله صار جسدا. فكيف باستطاعة إنسان أن ينكر حقيقة إلهية واضحة كاملة الوضوح؟
30هذا هو الذي قلتُ عنهُ يأتِي بعدِي رجلٌ صارَ قدامِي لأنَّهُ كانَ قبلِي. 31وأنا لم أكنْ أعرفُهُ لكن ليُظهرَ لإسرائيلَ لذلكَ جئتُ أعمِّدُ بالماءِ. 32وشهدَ يوحنَّا قائلاً إني قد رأيتُ الروحَ نازلاً مثلَ حمامةٍ من السماءِ فاستقرَّ عليهِ. 33وأنا لم أكنْ أعرفُهُ. لكن الذي أرسلني لأعمِّد بالماءِ ذاكَ قالَ لي الذي ترى الروحَ نازلاً ومستقرّاً عليهِ فهذا هو الذي يعمِّدُ بالروحِ القدسِ. 34وأنا قد رأيْتُ وشهدتُ أن هذا هو ابنُ اللهِ.
35وفي الغدِ أيضاً كانَ يوحنَّا واقفاً هو واثنانِ من تلاميذِهِ. 36فنظرَ إلى يسوعَ ماشياً فقالَ هوذَا حملُ اللهِ. 37فسمعَهُ التلميذانِ يتكلمُ فتبعَا يسوعَ. 38فالتفتَ يسوعُ ونظرهُمَا يتبعانِ فقالَ لهمَا ماذا تطلبان. فقالا ربي الذي تفسيرُهُ يا معلّمُ أينَ تمكثَ. 39فقالَ لهما تعاليَا وانظرا. فأتيا ونظرا أينَ كانَ يمكثُ ومكثا عندهُ ذلكَ اليوم. وكانَ نحوَ الساعةِ العاشرة. 40كانَ أندراوسُ أخو سمعانَ بطرسَ واحداً من الاثنينِ اللذين سمعَا يوحنَّا وتبعاهُ.41هذا وجدَ أولاً أخاهُ سمعانَ فقالَ لهُ قدْ وجدنَا مسيَّا. الذي تفسيرُهُ المسيحُ.
-------------------------
(30:1) كان يوحنا يعلم انه وُلد قبل المسيح بشهور وان خدمته ابتدأت قبل خدمة المسيح ولكن يوحنا شهد أن المسيح كان موجودا قبله، مؤكدا بذلك ألوهية المسيح وكينونته الأزلية.
-------------------------
(33:1) ولقد جاءت صورة الثالوث الأقدس في القرآن ليس مرة واحدة بل مرّتين إذ جاء على لسان الله في القرآن قائلا: “وأتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس" (البقرة 87). ويقول أيضا في سورة النساء 171 مميزا المسيح بهذه الكلمات: "وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمِنوا بالله." فإن تأملنا بهاتين الآيتين نجد أن المتكلم هو الله مخاطبا الكلمة ومؤيدا له بالروح القدس. وهكذا نتأكد أن القرآن لم يخرج البتة عن ترديد قول الإنجيل في هذه الآية مثبتا وجود الثالوث الأقدس الله الآب وكلمته وروحه.
-------------------------
(41:1) لقد انفرد الرب يسوع وحده في القرآن بهذا اللقب: المسيح. إذ أشار له في كل حين قائلا: المسيح عيسى ابن مريم. وحسب نبوات التوراة والأنبياء إن حامل ذلك اللقب هو المسيا المنتظر الذي مُسح من الله لمركز رفيع لا يستطيع أيٌّ من البشر أن يشغله ويتمم عمل الفداء الذي لا يستطيعه أي شخص آخر. ويسوع وحده كان يملك المؤهلات اللازمة لذلك هو قد مُسح ليكون كاهنا ونبيا وملكا وهذا ما يلزم لتثبيت مخلص العالم وإتمام النبوات. بهذا امتاز يسوع عن جميع الأنبياء وارتفع فوق طبقة البشر. وكان هذا إقرارا من القرآن بأن المسيح فريد في شخصه ومركزه وعظمته.
42فجاءَ بهِ إلى يسوعَ. فنظرَ إليهِ يسوعَ وقالَ أنتَ سمعانُ بنُ يونا. أنت تُدعَى صفا الذيتفسيرُهُ بطرسُ.
43في الغدِ أرادَ يسوعُ أن يخرجَ إلى الجليلِ. فوجدَ فيلبُّسَ فقالَ لهُ اتبعني. 44وكانَ فيلبُّسُ من بيتِ صيدا من مدينةِ أندراوسَ وبطرسَ. 45فيلبُّسُ وجدَ نثنائيلَ وقالَ لهُ وجدنَا الذي كتبَ عنهُ موسى في الناموسِ والأنبياءُ يسوعَ ابنَ يوسفَ الذي من الناصرةِ.46فقالَ لهُ نثنائيلُ أَمِنَ الناصرةِ يمكنُ أن يكونَ شيءٌ صالحٌ. قالَ لهُ فيلبُّسُ تعالَ وانظرْ.
47ورأى يسوعُ نثنائيلَ مقبلاً إليهِ فقالَ عنهُ هوذا إسرائيلي حقَّا لا غشَّ فيهِ. 48قالَ لهُ نثنائيلُ من أينَ تعرفني. أجابَ يسوعُ وقالَ لهُ. قبلَ أنْ دعاكَ فيلبُّسُ وأنتَ تحتَ التينةِ رأيتُكَ. 49أجابَ نثنائيلُ وقالَ لهُ يا معلِّمُ أنتَ ابنُ اللهِ. أنتَ ملكُ إسرائيلَ. 50 أجابَ يسوعُ وقالَ لهُ هلْ آمنتَ لأني قلتُ لكَ إني رأيتُكَ تحتَ التينةِ. سوفَ ترَى أعظمَ من هذا.51وقالَ لهُ الحقَّ الحقَّ أقولُ لكُمْ مِنَ الآنَ ترونَ السماءَ مفتوحةً وملائكة اللهِ يصعدونَ وينـزلونَ على ابنِ الإنسان.
-------------------------
(49:1) حاشا للمسيحيين أن يؤمنوا أن لله امرأة وُلد منها ابن بحسب ولادة جنسية تناسلية كباقي البشر. إنما بنوة المسيح لله هي بنوة روحية سامية فيها انبثق الابن من الآب منذ دهور الأزل، منذ البدء. وقد أجاد الغزالي، وهو علامة من مشاهير أئمة الإسلام، عندما علق في كتابه الرد الجميل على اعتقاد النصارى قائلا: "يعتقد النصارى ان ذات البارئ تعالى واحدة في الجوهر ولها اعتبارات. فان اعتُبر وجودها غير معلق على غيره فذلك الوجود المطلق. هو ما يسمونه بأقنوم الآب. وإن اعتبر معلقا على وجود آخر كالعلم المعلق على وجود العالم فذلك الوجود المقيد هو ما يسمونه بأقنوم الابن أو الكلمة. وإن اعتبر معلقا على كون عاقليته معقول منه فذلك الوجود المقيد أيضا هو ما يسمونه بأقنوم الروح القدس لأن ذات البارئ معقولة منه.” بمعنى آخر علامة الإسلام الغزالي برهن على تفهم عميق وأصيل للثالوث الأقدس وعبر عنه ببلاغة وأصالة مثبتا أن الابن قد انبثق من الآب وهو معادل له. إن كل الميزات التي تميز بها المسيح في الإنجيل والقرآن لم تكن إلا برهانا قاطعا ودليلا واضحا للاهوت الرب يسوع المسيح.
- عدد الزيارات: 2453