Skip to main content

ما معنى "التجربة"؟

المعنى الغالب على كلمة " التجربة " هو الاغراء على الخطيئة: اي الذنب، وارتكاب الاثم. والشيطان، الذي هو عدو الجنس البشري، يدعى (المجرب). قد يقصد أيضا بالتجربة امتحان طاعة الانسان لخالقه، وقد يقصد بها أيضا امتحان صبر الانسان الخ...

يصرح الكتاب المقدس بأن الله لا يجرب الانسان، والمجرب هو عدو النفوس. فالتجربة اذا ليست مكتوبة على الجبين، وانما تأتينا من شهواتنا وبسببها. اما اذا سمح الرب بها فانما ليجذب انتباهنا نحو كل ما هو مقدس، نحو كل خير وفرح وفائدة. ولهذا علينا ان ندعوا قائلين: يا رب لا تدخلنا في تجربة. ولكن في كثير من الاحيان لا نطلب الله وعونه الا حينما نقع في التجربة. او قد نبدأ ننسب ذلك لله ونقول بأنه لا يساعدنا وهذا خطأ كبير، اذ يجب في الأول أن نكون عائشين بحسب ارادة الله فهو يفتح أمامنا باب للمصالحة معه بعد أن فصلتنا الخطية عنه وذلك بأنه تجسد بهيئة انسان ومات على الصليب ثم قام. وكان هذا الموت هو ثمن الخطايا التي ارتكبناها نحن فهو قد دفعه للعدالة الالهية. لذلك، فكل من يقبل عمل المسيح على الصليب ويؤمن به، يصبح ابنا لله كما يقول السيد المسيح في انجيل يوحنا الاصحاح الخامس، والعدد 42: " الحق الحق أقول لكم ان من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة ابدية ولا يأتي الى دينونة.... " ويتبنانا الآب ويدعونا بعد ذلك أولاده كما يقول الكتاب المقدس: " أنظروا أية محبة أعطانا الآب حتى ندعى أولاد الله ". هل هناك امتياز اعظم من هذا ? والله أمين يعتني بأولاده في كل ظرف. وهكذا ان كنا أولاده فهو لا يتركنا دون عون ومساعدة، ولا يسمح بأن نجرب أكثر مما نستطيع أن نحتمل. انه الوحيد الذي يعطينا الانتصار والغلبة ويمنح الرجاء لكل من يثق به. اما تجارب وصعوبات هذه الحياة لا تنتهي الا بانتهاء حياة الانسان على هذه الأرض. واليك توضيح ذلك.

- جسد الانسان له قوانين ونواميس، والانسان لا يستطيع من تلقاء نفسه أن يسمو فوق ناموس الجسد الذي ولد به. وقول أحد الاخوة في هذا الموضوع: ان كل محاولة من جانبنا لتجنب الشهوات الجسدية بقوتنا البشرية هي محاولة فاشلة لأن هذه الشهوات كامنة في نفوسنا ونحن بطبيعتنا نميل اليها.

ولكن قد نتساءل هل من وسيلة لنتحرر من نتائج التجربة ? نحن نتعرض للتجربة كما قلنا سابقا، في كل فترة من فترات العمر،،كل منا - كما انه يتعرض لها - قادر ان يتغلب عليها بقوة الرب التي لا توجهنا فحسب بل تقدرنا عليها. وقول الكتاب المقدس: " الله هو العامل فيكم ان تريدوا وأن تفعلوا ". فالانسان لا يكون في مأمن من هذه التجارب ولكنه بالمسيح بدل ان يستسلم لها ويسقط في الخطية، يجاهد بالروح ضدها وينتصر عليها كل يوم. وكل انتصار يعطيه مناعة روحية ونموا في القداسة، وبالتالي حياة يسودها الفرح والسلام.

من كتاب " شيء عن الحياة "، وحول هذا الموضوع اخترت لكم هذه النصائح الثمينة، التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في حالة التجربة. يقول المؤلف:

" يجب ان تقول " لا " للتجارب التي تهاجم أجسادنا، والتي تظهر لنا بأشكال مغربة فتخدع كثيرين منا. قل " لا " عندما تجرب ان تميل عن الحق قليلا في مسألة مالية. وقل " لا " عندما تتعرض للانغماس ولو لفترة قصيرة في تسلية بريئة. وقل " لا " عندما ينتظر منك أن تبتسم ابتسامة عابرة لقصة مخجلة. وقل " لا " عندما تجرب ان تكذب ولو كذبة بيضاء (كما يدعوها البعض، مع ان لا وجود لخطية بيضاء لأن اصغر وابسط الخطايا كافية لأن تحكم على الانسان بالموت الابدي)، لتجد مخرجا من موقف سلبيا حازما امام حل ما يغريك على التعدي على الحدود الأدبية لتعانق الخطية لحظة خاطفة. فهذه بلا شك حيل شيطانية تهدف الى تدمير الأسس الروحية في حياتنا وابعادنا عن السعي في طريق القداسة.

هذا عن التجارب التي تهاجم أجسادنا. والتي يجب أن توقفهاعند حدها. كذلك يجب أن نقول " لا " للتجارب التي تحارب أرواحنا. فلا تسمح للتجربة أن تقودك الى الشك في حقيقة كلمة الله، في كل ما تأمرنا به أو تعلمنا اياه. او الشك في قوة الصلاة وفاعليتها. ولا تسمح مما يأتي به المستقبل ان يتطرق اليك. واياك والكبرياء فهي مرذولة أمام الله والناس. ومن مظاهر الكبرياء أن تشعر بالثقة والطمأنينة لمجرد اتكالك على كفاءتك ومقدرتك الشخصية. لا تجعل ديانتك أمرا عقليا تحشو به رأسك بينما يكون قلبك خاليا منه. هذه بعض الطرق التي يحاول بها الشيطان أن يخضعنا لمشيئته. فعندما يحاول الشيطان أن يغيرك بالسير في الطريق الواسع أضع الى نصيحة الحكيم محذرة اياك من هذا الخطر، اذ تقول " يا بني لا تسلك في الطريق معهم امنع رجلك عن مسالكهم ".

فأمام تجارب الجسد والروح علينا أن نجيب بقوة وشجاعة: " لا ". ومما لا شك فيه، ان في هذا التفكير السلبي قوة الهية ومكافأة سخية. وليس من السهل ان تقول " لا " لكل تجربة نتعرض لها. فليس الأمر بهذه السهولة. ففي أعماق الانسان حرب أهلية بين روحه وجسده. وكما قال الكتاب: "الجسد يشتهي ضد الروح والروح ضد الجسد. وهذان يقاوم أحدهما الاخر".

قاسم ابراهيم

لمزيد من الفائدة والإضطلاع على موضوعات مشابهة، الرجاء زيارة موقع النور.
  • عدد الزيارات: 12131