Skip to main content

ما هو موقف المسيحية من الانتحار؟

الأخ الفاضل

لقد امتلأت كتب الأدب والتاريخ والمذكرات الشخصية بقصص الرجال والنساء العظماء الذين هربوا من مسرح الحياة ولاقوا موتهم بأيديهم. فمن هؤلاء أدباء وشعراء وفلاسفة ؛ ومنهم أبطال المعارك ورجال الحروب والتاريخ والسياسة ؛ ومنهم أهل الثراء والأموال والأملاك الواسعة ؛ ومنهم أيضا فريق العشاق الذين انتحروا فرارا من سقوطهم وهروبا من آلامهم واختباراتهم الخائبة المتعثرة في الحياة العاطفية …..الخ. إنهم لم يقرؤوا حكمة الله في الكتاب المقدس التي ترفض قتل النفس.

فلماذا يقدم البعض على الانتحار مفضلين الموت على الحياة؟

يرى علماء النفس أن أسباب الانتحار كثيرة فمنها الكآبة واليأس المفرطين، وفقدان الأمل والرجاء بالحياة السعيدة، ومنها الخوف وعدم القدرة على مجابهة الواقع المشحون بالصعوبات المادية والعاطفية وغيرها، ومنها أيضا الأمراض العقلية.

تعال معي الآن إلى العهد القديم من الكتاب المقدس. فموسى نبي الله، بسبب الضعف وعدم القدرة على تحمل مسؤولية الشعب المتمرد، قال لله "اقتلني إن وجدت نعمة في عينيك فلا أرى بليتي". والنبي إيليا بسبب الخوف من الملكة إيزابل التي طلبت قتله صرخ إلى الله يائسا "كفى يا رب خذ نفسي". ويونان النبي بعامل اليأس وعدم الثقة بالنفس وضعف الإيمان بالله قال: "يا رب خذ نفسي لأن موتي خير من حياتي".

إنه لمن السهل على كل إنسان يمر بصعوبات ولاسيما في عصرنا الحاضر، في الظروف المعيشية الصعبة، أن يصل إلى منتهى القنوط واليأس ويطلب الموت كهؤلاء الأنبياء. ولكن ما يصعب على الإنسان يسهل عند الله الذي بيده كل حل. إن من الرب الغلبة على اليأس والفرح بدل الحزن، والرجاء بدل الخيبة، والحياة بدل الموت. إن الله ساعد موسى وإيليا ويونان فتغيرت حياتهم، وصاروا، بعد فترة اليأس التي اجتازوها، رجالا عظماء أمام الله والناس.

لننظر إلى سيرة أيوب الذي تهدمت منازله وتمزقت أملاكه وضاعت أغنامه، ثم مات أولاً ده وبناته، وأصيب بمرض خطير في جسده. فرغم قسوة الحياة وفقدان المال والبنين، وضياع الرزق والصحة والمكانة الاجتماعية، كان يعبد الله ويمجد اسمه المبارك القدوس.

إن اهتمامنا الأول في هذه الحياة يجب أن يكون إرضاء الله. وعندما يهاجمنا اليأس، يجب علينا أن نسلك حسب إرشاد الرب وحكمته الموجودة في الكتاب المقدس، وليس حسب شعورنا. إذن دعنا نبتعد عن سوء استعمال الجسد. لنعط أجسامنا الراحة والعناية الكافية وأن نسعى وراء حياة روحية متزنة ترضي الله.

وأختم كلامي بالكلام عن حياة السيد المسيح الذي تعذب وتألم وقبل الموت على الصليب من أجلنا جميعا لكي يعطينا خلاصا وفرحا وحياة أبدية.

مع تحيات قاسم ابراهيم

لمزيد من الفائدة والإضطلاع على موضوعات مشابهة، الرجاء زيارة موقع النور.
  • عدد الزيارات: 7364