Skip to main content

أحبوا أعداءكم

امتحان إيمانك وتجربة اختبار خلاصك تأتي إليك عندما تلتقي بأناس قساة، يجرحونك بكلمات مستهزئة، أو يهددونك لأنهم متعصبون يتظاهرون بالتقوى. ولكن كما أن يسوع المسيح غفر كل ذنوبنا مجاناً هكذا نغفر نحن من كل قلوبنا للمذنبين إلينا، لأن محبة الله تدفعنا إلى محبة العدو، ليس كواجب علينا ولا في سبيل الشريعة بل كضرورة تنبع من قوته العاملة فينا. والروح القدس يمنحنا القوة لنتمم وصية المسيح القائلة: »أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لَاعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لِأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ« (متى 5:44 و45).

سار أحد خدام الرب على دراجته النارية في طريق برية ورأى شاباً واقفاً مشيراً إليه طالباً منه أن يركبه معه. وبعدما سارا قليلاً معاً شعر السائق في ظهره فوهة مسدس وسمع صوتاً: »قف، انزل، أعطني أموالك وجواز سفرك«. وبعدما نزل رجل الله عن الدراجة، وحاول أن يخرج حقيبته، مد اللص يده ليقبضها متفرساً بالمال، فاستغل الأخ الفرصة وضرب يد اللص فسقط المسدس منها وهجم عليه وألقاه أرضاً ثم أخذ المسدس منه وهدده وهو جاثم عليه بركبتيه: »صلّ واعترف أن لحظتك قد أتت، عين بعين وسن بسن، كما عملت لي سأعمل لك«.

فصرخ اللص المرمي على الأرض: »الرحمة فإنني رجل مسكين« . ولكن رجل الله جاوبه: »أنت سارق وقاتل، وغضب الله معلن عليك، ستموت الآن وتذهب إلى جهنم«.

وأكمل الأخ المؤمن أقواله: »هذا هو الأسلوب الذي أنت تعيشه، وهكذا عملت أنا سابقاً أيضاٌ. أما الآن فبعدما التقيت بالمسيح الذي غفر لي ذنوبي وغلب بغضتي فإني أسامحك، ومع السلامة«. فتمتم الشاب قائلاً: »أنت تتركني فعلاً؟ ولا تطلق رصاصة في ظهري إذا مشيت عشرة أمتار؟«.

فجاوبه خادم الرب: »ليكن معلوماً عندك، لست أنا أهديك الحياة بل المسيح. لست أفضل منك ولكن المسيح الذي خلصني يريد أن يخلصك أيضاً، آمن به وتغير في سلوكك حتى لا تهلك في جهنم«.

وابتعد الشاب المضطرب رويداً رويداً عن خادم الرب، وتطلع إلى ورائه مرة تلو المرة حتى ابتلعه الليل.

ليس كل الناس يختبرون قصصاً وحوادثاً دراماتيكية مثل هذه. ولكن في حياتنا اليومية يدربنا المسيح على غفران ذنوب الآخرين ونسيانها وعلينا أن نصلي لأجل المذنبين إلينا ونهتم بقساوة القلوب، ونخدمهم إن قبلوا خدمتنا.

لقد صلى مخلصنا لأجل قاتليه وهو على خشبة العار: »يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ« (لوقا 24:28).

وهكذا يفكر أتباع المسيح وهكذا يعيشون:

»لَا يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ« (رومية 12:21).

لأن المحبة أقوى من الموت والغفران أقدر من الحقد.

أيها القارئ العزيز إن تعمقت في توضيحاتنا عن خلاص المسيح لاحظت أن لهذا الخلاص وجهين: أولاً يخلصنا من الخطية وغضب الله والدينونة، وبعدئذ يرشدنا إلى خدمات محبته. فالخلاص من السلبيات غير كامل بل يحتاج إلى التكملة العملية. فالمؤمن الناضج يسلك بالمحبة واللطف والتأني والتواضع والسرور. فهل خلصت حقاً؟ 

لمزيد من الفائدة والإضطلاع على موضوعات مشابهة، الرجاء زيارة موقع النور.
  • عدد الزيارات: 2755