معجزة أليشع الأولى
أليشع يشق نهر الأردن
2ملوك 2:13، 14)
بعد أن صعد النبي إيليا الى السماء، مزّق أليشع ثيابه علامة حزنه على فراقه للنبي إيليا، ثم رفع رداء إيليا، إشارة الى المقام الجديد الذي تسلّمه، وضرب ماء نهر الأردن وقال: »أين هو الرب إله إيليا؟«. ثم ضرب الماء أيضاً فانفلق نهر الأردن، وعبر أليشع على الأرض اليابسة.
ولا زال المؤمنون يردّدون السؤال نفسه: أين هو الرب إله إيليا؟
* نحن نسأل هذا السؤال وقت الضيق لأننا نريد أن نرى الله المنقذ الذي يسرع إلى عوننا، فنقول: »اَلرَّبُّ نُورِي وَخَلَاصِي، مِمَّنْ أَخَافُ؟ الرَّبُّ حِصْنُ حَيَاتِي، مِمَّنْ أَرْتَعِبُ؟ عِنْدَ مَا اقْتَرَبَ إِلَيَّ الْأَشْرَارُ لِيَأْكُلُوا لَحْمِي، مُضَايِقِيَّ وَأَعْدَائِي عَثَرُوا وَسَقَطُوا. إِنْ نَزَلَ عَلَيَّ جَيْشٌ لَا يَخَافُ قَلْبِي. إِنْ قَامَتْ عَلَيَّ حَرْبٌ فَفِي ذلِكَ أَنَا مُطْمَئِنٌّ« (مزمور 27:1-3).
* ويسأل المؤمنون السؤال نفسه عندما يرون فساد المجتمع من حولهم، والشر يكاد ينتصر على الخير ويمحقه، فيدعون الله بالدُّعاء الذي دعاه به النبي حبقوق، عندما قال: »حَتَّى مَتَى يَا رَبُّ أَدْعُو وَأَنْتَ لَا تَسْمَعُ؟ أَصْرُخُ إِلَيْكَ مِنَ الظُّلْمِ وَأَنْتَ لَا تُخَلِّصُ؟ لِمَ تُرِينِي إِثْماً، وَتُبْصِرُ جَوْراً؟ يَا رَبُّ، عَمَلَكَ فِي وَسَطِ السِّنِينَ أَحْيِهِ« (حبقوق 1:2 و3، 3:2).
* ويسأل المؤمنون: »أين هو الرب إله إيليا؟« عندما يقفون أمام نهر الأردن ليعبروه. فعندما تحين الساعة الأخيرة التي ينتقل فيها الإنسان ليَمْثُل في محضر الله، يحتاج إلى نعمة الله الغنية التي تعبر به نهر الموت.
* فنحن من أنفسنا لا نستطيع أن نواجه المحاكمة الإلهية، لكن رحمة الله ونعمته هي التي تمكّننا من أن نقف في محضر الله القاضي العظيم، عالمين أنه »لَا شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ الْآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، السَّالِكِينَ لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ« (رومية 8:1).
وفي معجزة شقّ نهر الأردن بركتان:
البركة الأولى: أن أليشع أدرك أن الله استجاب صلاته وأعطاه روح اثنين من إيليا. لقد ثبَّت الله دعوة نبيّه أليشع، وها هو الآن يرى أن الله يختم على صدق تلك الدعوة التي وُجِّهت اليه. ونحن دوماً نحتاج إلى تقوية إيماننا.
مولاي إني مؤمن، زدني عزماً يقوي بالفدا أمني
واجعل يقيني ثابت الركن واشدُدْ بروحك مولاي إيماني
آمنت يا ربي، فقوِّ إيماني شدّد يقيني، وزدْ فيك إركاني
أما البركة الثانية فكانت اعتراف بني الأنبياء بنبوَّة أليشع. لقد كانوا دوماً ينظرون الى أليشع باعتباره خادم إيليا، فمن يكون أليشع هذا ليتولى النبوَّة بعد إيليا؟ فأعطى الله نبيّه أليشع هذه المعجزة ليُقنع بني الأنبياء وبني إسرائيل جميعهم أن روح الله قد حلَّ عليه.
عندما يدعو الله نبياً فلا بد من أن يؤيدّه بما يُثبت صدق رسالته. هذا حدث مع موسى، ومع إيليا، ومع أليشع. والله دوماً يؤيّد رسالته بما يبارك ويبني، بكل ما هو حق وكل ما هو جليل وكل ما هو عادل وكل ما هو طاهر وكل ما هو مُسرّ وكل ما صيته حسن. لقد أبصر بنو الأنبياء إيليا يرتفع الى السماء في مركبة نارية، ورأوا أليشع يفلق نهر الأردن، فجاءُوا للقائه وقدموا له فروض الطاعة والإكرام. وتقول التوراة: »إنهم سجدوا إلى الأرض«. لقد كانوا يكرمون الرسالة التي جاءت من الله إليه، فالإكرام يُوجَّه كله الى الله، الذي جاء الأمر الكتابي عنه: »لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ« (متى 4:10).
إن كانت هناك صعوبة تعترض طريقك، أؤكد لك أن الله يريد أن يفتح لك في البحر طريقاً، وأن يعينك في وقت صعوبتك. إنَّ ما يبدو لك مستحيلاً هو عند الله ممكن، فاستمع للأمر: »ادْعُنِي فِي يَوْمِ الضِّيقِ أُنْقِذْكَ فَتُمَجِّدَنِي« (مزمور 50:15).
- عدد الزيارات: 2306