الفصل الثاني: هل مرشدك الروحي موضع ثقة؟
منذ وقت دقَّت الصحف ناقوس الخطر بسبب خسارة مأساوية في الضحايا البشرية عندما تحطمت طائرة بسبب إشارة رادار خاطئة. ومع ذلك فإن هذه الحادثة تبدو ضئيلة إذا قورنت بما يحدث للناس، الذين يضعون ثقتهم في جهاز رادار روحي خاطئ يقودهم إلى كارثة روحية.
واليوم توجد أصوات عديدة متصارعة ومشوَّشة في العالم، يدَّعي كلٌّ منها أنه المرشد إلى الله. فكيف يمكنك أن تميِّز الصوت الذي تثق فيه؟ علماً بأن الخطأ هنا خطير للغاية، لأنه يؤدي إلى كارثة أبدية! قال رئيس الوزراء البريطاني أ. جلادستون: "يتميَّز الكتاب المقدس بخاصية الأصالة، وهناك مسافات شاسعة بينه وبين كل منافسيه". وقال الرئيس الأمريكي إبراهام لنكلن: "أومن أن الكتاب المقدس هو أعظم هدية أعطاها الله للبشر".
ورغم أن عظماء كثيرين في التاريخ شهدوا أن الكتاب المقدس فريد لا نظير له، إلا أن الشهادة العظمى له تنبع من داخله، من محتوياته!
كان الملك داود واضحاً في إمكانية الاعتماد على مرشده الروحي، فقال: "سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلَامُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي" (مزمور 119:105). وإلى هذا اليوم يجد الناس أن الكتاب المقدس موضع ثقة ليرشدهم إلى الله. ومع أن البعض حاولوا أن يحطموا حقيقة صدقه، إلا أنه يقف صادقاً راسخاً بلا مثيل بين كتب العالم، تضع فيه أرقى شعوب العالم ثقتها.
ولأن الناس تحتاج إلى التأكيد أن الكتاب المقدس هو حق أصيل، فقد ختم الله على صدقه بأختام عديدة تؤكد أنه "كلمة الله". فمن داخل صفحاته، ومن سجلات التاريخ العالمي، يجد الباحث المُخلص أقوى البراهين التي تدعِّم حقيقة أن "كُلَّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحىً بِهِ مِنَ اللّهِ" (2تيموثاوس 3:16).
ولو أن الكتاب المقدس كتبه كاتب واحدٌ، فلن نندهش إن كانت موضوعاته تتطوَّر بطريقة منظمة ومطَّردة. ولكن "كتاب الكتب" هذا لم يكتبه شخص واحد، بل "تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللّهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (2بطرس 1:21) وهم نحو أربعين، أتوا من ثقافات مختلفة في فترة قرون عديدة. ومع ذلك فهو يحتوي على سجل ثابت ومنظم وفريد عمَّن هو الله، وهذا في حد ذاته معجزي!
أضِف إلى ذلك أن علماء الآثار يكتشفون باستمرار إثباتات تؤكد الدقة التاريخية لما سجله الكتاب المقدس، وقد أكَّدوا صدق كل ما جاء به لمن كانوا يسخرون منه باعتباره أسطورة. فعلى سبيل المثال في سنة 1868 زار رحالة ألماني يُدعى "كلاين" أرض موآب القديمة، وهي اليوم "المملكة الأردنية" وهناك اكتشف حجراً أثرياً نُقش عليه أربعة وثلاثون خطاً بواسطة "ميشا" ملك موآب، وذلك في ذكرى تمرده على ملكي إسرائيل: عُمري وأخآب. وقد جاء ذكر ذلك في 2ملوك 1:1 حيث قيل إن هذين الملكين استعمرا موآب. فالكتاب المقدس والآثار متوافقان تماماً. وتؤكد حفريات اليوم الدقة التاريخية لما سجله الكتاب المقدس.
إن الكتاب المقدس هو كتاب الله الذي يحتوي على رسالة الله لكل الناس.
ومع أن الكتاب المقدس هو كتاب الله، إلا أن البعض لا يقرأونه بسبب بدعة شائعة هي أن العالم ينقسم إلى مجموعتين: مجموعة العلماء الذين يواجهون الحقائق، ومجموعة المؤمنين الذين لا يريدون أن يدرسوا الحقائق. وتقول تلك البدعة إن العالِم الحقيقي لا يمكن أن يكون مؤمناً! ولكن يوجد اليوم كثير من العلماء العظماء الذين يؤمنون بالله وبكتابه المقدس. ورغم أن الكتاب المقدس ليس كتاباً علمياً، إلا أن الاكتشافات العلمية لا تناقض ما جاء فيه. غير أن أهداف الكتاب المقدس تذهب إلى ما هو أبعد من حدود العِلم، فالعِلم لا يقدر أن يشرح سبب وجودنا على كوكب الأرض، ولا أن يخبرنا إلى أين نحن ذاهبون بعد موتنا. والعِلم لا يستطيع أن يخبرنا ما هي الحياة، ولا ما هي قيمة الإنسان الروحية والفكرية والعاطفية. وعلى هذا فمهما بلغ ذكاؤنا، فإننا نحتاج إلى معونة إلهية لنعرف الحق عن الله، فلا غرابة أن يقول الفيلسوف وعالِم الرياضيات الفرنسي بليز باسكال: "إن أسمى إنجاز للعقل هو أن يرى أن هناك حداً للعقل". فالعقل وحده لا يمكنه أن يعطينا أجوبة يُعتمد عليها بخصوص أسئلة الحياة الأكثر أهمية، ما لم تكن هذه الأجوبة في كتاب الله.
والآن دعنا نتأمل برهانين قويين على أن الكتاب المقدس هو في الحقيقة كتاب الله:
البرهان الأول هو الدقة التي تفوق التصديق في نبوَّاته.
والبرهان الثاني هو تأثير الكتاب المقدس القوي والإيجابي في حياة كل الذين أخذوا رسالته مأخذاً جدياً.
الدقة النبويَّة للكتاب المقدس
هناك فضول داخلي في معظمنا لأن يعرف ماذا يخبئه لنا المستقبل. والكتاب المقدس يكشف بعض أحداث المستقبل الهامة، ويقدم بعضها في تفصيل موسَّع وخلاب. وقد تتساءل: "كيف يمكنك أن تتأكد؟".
لإجابة هذا السؤال دعنا نتصور أنك في إجازة تزور أثناءها بلداً لم يسبق لك أن زُرتَه، وليس لك من مرشد في ذلك إلا خريطة في يدك، وقد اكتشفتَ بالأمس أنه بإمكانك أن تعتمد على هذه الخريطة، لأن ما أشارت إليه هو ما وجدتَه، سواء كان نهراً أو بلداً قضيت فيها الليلة الماضية. واليوم عليك أن تختار الطريق الذي تسلكه. أمامك منطقة غير معروفة لديك، وتقول الخريطة إنك لو اتجهت يساراً ستجد غابة تؤدي إلى بحيرة واسعة، وأنت تريد أن ترى هذه البحيرة. فماذا تفعل؟ أعتقد أنك سوف تتبع ما توجِّهك إليه الخريطة، لأنها أثبتت بالأمس أنها مرجع دقيق جدير بالاعتماد في منطقة مجهولة لك، وأفادتك بما سوف تجده قبل أن تصل إليه. وكان هذا صحيحاً.
وتبرهن الدقة المتناهية لنبوات الكتاب المقدس عن الأحداث المستقبلية على أن هذا الكتاب هو من عند الله، لأننا نقرأ في صفحاته نبوات كثيرة تحققت تماماً، مع أن التنبّؤ بها سبق تحقيقها بمئات السنين. وهي تغطي دائرة متسعة من البلاد والشعوب، وتتضمَّن تفاصيل محددة جداً عن بني إسرائيل والبلاد المحيطة بهم. أما مئات النبوات الخاصة بمجيء المسيح إلى أرضنا، وميلاده ومعجزاته وموته وقيامته ومجيئه ثانية، فهي أكثر أهمية، لأن كثيراً منها هو الآن تاريخ واقع.
ويحقُّ لنا على أساس سجل الأحداث هذا أن نفترض أن المستقبل سوف يتكشَّف تماماً كما يتنبأ الكتاب المقدس. وتأتينا كل سنة بإثبات جديد يبرهن صدق نبواته، فكأنك وأنت تقرأ الكتاب المقدس تقرأ صحف الغد.
كان الدكتور ولبر سميث طيلة حياته تلميذاً للكتاب المقدس. وكان يسعده أن يشير إلى دقة نبوَّاته وهو يقارن نبوات التوراة العديدة التي تتكلم عن المسيح بالتعاليم الأخرى التي تدَّعي أن الحق عندها، فقال: "لا يستطيع مؤسِّس أية ديانة أن يجد كتابةً قديمة تنبئ بصورة دقيقة عن ظهوره".
ونعترف أن بعض ما نسميه "نبوَّات" لا يحتاج إلى كثير من الوحي حتى يصبح دقيقاً. فبمساعدة العقول الإلكترونية واستطلاعات الرأي والمعطيات التاريخية تستطيع وسائل الإعلام أن تتنبأ بمن سيفوز في الانتخابات قبل أن تُغلق صناديق الاقتراع. وليس هذا غريباً، فإن عندهم إحصائيات تمكِّنهم من فعل ذلك. لكن إن طلبت من أفضل صحفي أن يحدِّد لك قائمة الداخلين في الانتخاب الذي سوف يُجرى بعد عشر أو خمسين سنة من الآن، ثم سألته من الذي سوف يفوز، وعن تفاصيل الأماكن التي سوف يولد فيها من سيفوزون في الانتخابات وأسلوب حياتهم المستقبلي، والظروف التي سوف تحيط بموتهم، فلن تجد عنده جواباً! ولو سألت هذا الصحفي عما سيحدث بعد ألف سنة من الآن، وأن يحدِّد المدن التي سوف تُدمَّر أثناء هذه الفترة الطويلة، فلن تجده دقيقاً في نبواته!
لكن، لو أن الإله العارف بكل شيء ألهم هذا الصحفي، فسيعرف النهاية من البداية. وفي هذه الحالة فقط نتوقع منه أنه سيعرف الآتيات! لقد أنبأنا الكتاب المقدس بتفاصيل إجابات أسئلة مثل هذه التي اقترحنا أن نوجِّهها لهذا الصحفي، مع تفاصيل أخرى أكثر تعقيداً، وعلى مدى زمني أطول.
إن تاريخ مدينة صور القديمة على سبيل المثال، هو تحقيق يفوق الوصف لما أنبأ به الله أنه سيحدث لهذه المدينة، وذلك في حزقيال 26:3-21. فإذا قرأت "الموسوعة البريطانية" وما أوردَتْه عن "صور" ستقرأ تأريخاً موثَّقاً لما ورد في سفر حزقيال كنبوَّة مستقبليَّة!
النبوة: قبل أن تجري الأحداث تنبأت التوراة بمستقبل مخيف لمدينة صور. قالت: "هَئَنَذَا عَلَيْكِ يَا صُورُ فَأُصْعِدُ عَلَيْكِ أُمَماً كَثِيرَةً.. فيخربون أسوارك ويهدمون أبراجك. وأَسْحي ترابك عنك، وَأُصَيِّرُكِ كَضِحِّ الصَّخْرِ فَتَكُونِينَ مَبْسَطاً لِلشِّبَاكِ... وَيَضَعُونَ حِجَارَتَكِ وَخَشَبَكِ وَتُرَابَكِ فِي وَسَطِ الْمِيَاهِ" (حزقيال 26:3 و4 و12 و14).
التاريخ: عندما تقرأ سجلات التاريخ تعرف أن نبوخذ نصر دمَّر مدينة صور القديمة، وخرَّب أسوارها وأبراجها تماماً، فتحقَّقت النبوة حرفياً. وبعد ذلك رمى مهندسو الإسكندر الأكبر خرائب صور القديمة، من أحجار وأخشاب وتراب، في البحر ليصنعوا ممرّاً إلى الجزيرة. وإلى هذا اليوم ما زال حطام صور القديمة مدفوناً تحت مياه البحر. قال الله إنه سوف يحدث، وقد حدث. ورغم أن هناك مدينة معروفة باسم صور في الشرق الأوسط اليوم إلا أنها ليست مدينة صور القديمة التي دُمِّرت نهائياً في سنة 1291م.
فإذا زرت مكان مدينة صور القديمة اليوم، فسترى تحقيقاً فائق الوصف للنبوات. سترى تجمُّع بعض الصيادين معاً في قرية صغيرة، يخرجون بمراكب الصيد إلى البحر، بينما شباكهم تجفّ على الصخور العارية! فكيف تستطيع الحكمة الإنسانية أن تنبئ بهذا المستقبل غير المتوقَّع لمدينة مزدهرة تجارياً كصور القديمة؟!
قارن بيتر ستونر سبع نبوات عن صور القديمة بالسجل التاريخي، وبعد حسابه الاحتمال الحسابي لتحقيق نبوات حزقيال قال: "لو كان حزقيال في أيامه تطلع إلى مدينة صور، ونطق بهذه النبوات السبع بحكمته الإنسانية، فإن التقديرات تؤكد أن لديه فرصة واحدة من 75 مليون فرصة لتتحقَّق نبواته! ولكنها كلها تحققت بأدق التفاصيل".
والآن دعنا ننظر إلى نبوَّة عن ميلاد طفل رضيع، هو المسيح. فقد ذكر البشير متى (جابي الضرائب المتقاعد) أربع نبوات جديرة بالملاحظة عنه، تحقَّقت بولادته. في إحداها، استشهد متى بالنبي ميخا الذي طالما هاجم ظُلم الحكام المخادعين في أيامه. وكان ميخا قد عاش كسير القلب لأن بلاده كانت بلا قائد ذي سلطان، ومع ذلك فقد رأى مستقبلاً أكثر لمعاناً لما أوحى الله له أن حاكماً صاحب سلطان سيُولد في بيت لحم، فقال ميخا بالوحي: "أَمَّا أَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمَِ أَفْرَاتَةَ، وَأَنْتِ صَغِيرَةٌ أَنْ تَكُونِي بَيْنَ أُلُوفِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ لِي الَّذِي يَكُونُ مُتَسَلِّطاً عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَمَخَارِجُهُ مُنْذُ الْقَدِيمِ مُنْذُ أَيَّامِ الْأَزَلِ" (ميخا 5:2).. وتحققت نبوة ميخا، فلم يولد المسيح في الناصرة مسقط رأس عائلته، بل في بيت لحم أفراتة، بسبب أمر أصدره الإمبراطور الروماني، حتَّم على يوسف ومريم أن يسافرا إلى مسقط رأس جدودهما في بيت لحم.
إن احتمالات تحقيق هذه النبوة ضئيل جداً. ومع ذلك فقد حدث تماماً ما تنبأ به ميخا. وهذه واحدة فقط من مئات النبوات المذهلة عن حياة المسيح، وقد تحقَّقت كلها.
يقول الله إنه "مُخْبِرٌ مُنْذُ الْبَدْءِ بِالْأَخِيرِ وَمُنْذُ الْقَدِيمِ بِمَا لَمْ يُفْعَلْ، قَائِلاً: رَأْيِي يَقُومُ وَأَفْعَلُ كُلَّ مَسَرَّتِي.. بِالْأَوَّلِيَّاتِ مُنْذُ زَمَانٍ أَخْبَرْتُ، وَمِنْ فَمِي خَرَجَتْ وَأَنْبَأْتُ بِهَا. بَغْتَةً صَنَعْتُهَا فَأَتَتْ. أَخْبَرْتُكَ مُنْذُ زَمَانٍ. قَبْلَمَا أَتَتْ أَنْبَأْتُكَ، لِئَلَّا تَقُولَ: صَنَمِي قَدْ صَنَعَهَا، وَمَنْحُوتِي وَمَسْبُوكِي أَمَرَ بِهَا" (إشعياء 46:10 و48:3-5). لقد أثبت التاريخ أن هذه النبوات وحيٌ إلهي، ولذلك تحققت تماماً.
تأثير الكتاب المقدس القوي
تأثير الكتاب المقدس القوي إثباتٌ ثانٍ أنه كلمة الله، ورسالته تعطي كرامةً للجنس البشري حيثما وأينما عُلِّمت وأُومن بها، اجتماعياً وثقافياً وشخصياً.
قبيل إرسال الطبعة المنقحة من هذا الكتاب إلى المطبعة زارنا صديق، راجعنا معه المخطوطة، فغالبته دموعُه بينما كنا نقرأ الفصل السابع. ورغم عدم وجود شيء يثير المشاعر، توقَّفنا مرتين لننحني في صلاة وتسبيح أمام الإله الذي كنا نقرأ عن محبته. ثم شكرنا الله معاً من أجل أناته ورحمته، ومن أجل كل لمسةٍ من حبه في حياتنا لا نستحقها. وامتلأت نفوسنا بالفرح ونحن نحس بحضور الله الحي معنا.
كان لهذا اليوم أهمية خاصة لصديقي. فقَبله بسنة واحدة كان جالساً وحيداً في شقة فاخرة. ولكن كل هذا الجمال المحيط به وقتها لم يعطه أي فرح، بل انتابه يأسٌ داخلي حتى أنه فقد الرغبة في الحياة. وكان في بحثه عن السعادة قد أطلق العنان لكل شهواته الحيوانية. كلفه إدمان الكوكايين ثروة! شرب أفخر أنواع الخمور. ولكن هذه كلها كانت سبباً في تزايد شقائه. قضى سنوات يسافر حول العالم. أكل ولائم مع أغنى الأغنياء، ولكنه في تلك الليلة كان وحيداً، ليس له من أنيس! وقرر أن يضع نهاية لحياته التعيسة، وبتصميم صارم أخذ مسدسه ووجَّهه إلى رأسه، وأمسك بالزناد وهو يقول لنفسه: "هي لحظة وأمضي إلى عالم النسيان! عندئذ تنتهي آلامي إلى الأبد". في هذا الجزء من الثانية (صديقي لا يعرف كيف حدث ذلك) تغيَّر برنامج التلفزيون الذي كان مفتوحاً، ووجد نفسه يستمع إلى رسالة من الكتاب المقدس تُقدِّم مستقبلاً عامراً بالرجاء. ولمس ما سمعه قلبَه، فسجد يسأل ربَّه الغفران والرحمة، وآتاه الله ما سأل! وبسبب قوة الله التي غيَّرت حياة صديقي جذرياً، كان يجلس أمامي وكله تسبيح لله وانبهار من محبته. وروى لي أنه قبل ولادته كان أبواه يصلّيان من أجله، ورغم أنه كشابٍّ صغير درس الكتاب المقدس، إلا أنه رفض أن يقبل رسالة الله. وفي عالمه المليء بالغِنى والرفاهية والامتيازات تمرَّد على الله وانغمس في لامبالاة أخلاقية لا يمكن تصديقها.
قبل سبعة عشر عاماً من تلك الليلة المشهودة كان صديقي قد عزم أن يسجل مذكراته، ولكنه لم يجد ما يستحق التدوين خلال تلك الأعوام السبعة عشر من العيش المرفَّه والمسرف. لقد أدار صديقي ظهره لله الحي، وسافر رحلة روحية مزيفة غير مشبعة، بدأت بالانشغال ب "حظك اليوم" ثم الاستعباد الذهني للموسيقى الصاخبة وحفلاتها. وبعد ذلك قاده إعجابه باليوجا إلى دراسة الفلسفة الهندوسية والاندماج الفعلي في أعمال السحر والشعوذة. لم يكن هناك شيء اختبره خلال تلك السنين يستحق أن يدخل في كتاب مذكراته البني اللون المغلَّف بالجلد الفاخر، فبقيت صفحاته بيضاء مع ألم الفراغ، حتى تلك الليلة المشهودة عندما تقابل مع الله، حيث سجَّل صديقي أول حَدَث ذا قيمة في مذكراته. وكم فرحتُ بقراءة ما كتبه. إنه تفسير مقدس وروحي لإنسان محتاج خلَّصه الإله الحي برحمة عظيمة من عماه الروحي، وأنقذه من اليأس والموت بنور حقّه وحبّه العجيب.
أعلن الله لنا ذاته في الكتاب المقدس بسبب ارتباك الإنسان الروحي، مثل عمى صديقي. إن تحوَّلت عن الكتاب المقدس، المرشد الروحي الوحيد الذي يُعتمد عليه ستحبس نفسك في الخديعة والخطأ. ولكن إن كنت في بحثك عن الله تقرأ الكتاب المقدس بعقل منفتح قابل للتعلُّم، فستجد أنه يحتوي على كل النور الروحي والقيادة التي تحتاجها.
ومن خلال كلمة الله وحدها ستكتسب فهماً واضحاً لله كما أعلن لنا ذاته، ففي الكتاب المقدس تتعرَّف على المسيح الحق نفسه، الذي هو كلمة الله ونور العالم.
يا رب كلمتك لا تهتز
وخطوات قدميَّ بها تعتز
خليقتك تصدق الحق فيها
نوراً وفرحاً تهديها.
وقفة للتفكير
هل توجد مخطوطات أو "كتابات مقدسة" يمكن مقارنتها بالكتاب المقدس من حيث صحة إنبائها بالمستقبل؟
هل تعرف شخصاً تغيَّرت حياته لأنه قبِل رسالة الكتاب المقدس؟
هل حدث مرة أنك أنقصت من قيمة تعاليم الكتاب المقدس الفريدة، في وقت كنت فيه تهمل قراءته بفكر منفتح؟
"لو واجهنا جميعنا كل ما في السماء والأرض من مشاكل، لَمَا قورنت بالتساؤلات: من هو الله؟ وبمن نشبِّهه؟ وما هو موقفنا منه كمخلوقات عاقلة" (أ. و. توزر).
- عدد الزيارات: 2975