ثلاثة مواقف من الله
أمّا أجوبة الناس على مختلف ميولهم ومذاهبهم فيمكن حصرها في ثلاثة:
أ-جواب الملحدين:
هؤلاء يقولون إنّ الله غير موجود. وقد نعتهم الكتاب المقدّس بالجهلاء، إذ يقول "قَالَ الْجَاهِلُ فِي قَلْبِهِ: "لَيْسَ إِلهٌ" (مزمور 14:1). وقد وُصفوا بالجهالة لأنّهم يستندون في إلحادهم إلى حجّة سلبيّة، قوامها إنكار الأشياء، دون أن يقدّموا مبرّراً معقولاً أو سنداً واضحاً. ولا نعرف أنّ أحداً منهم حاول أن يبرّر عدم إيمانه بالله تبريراً إيجابيّاً معقولاً.
ب-جواب اللا أدريّين:
هؤلاء يقفون في الوسط بين الإلحاد والإيمان، دون أن يقطعوا بهذا أو ذاك. ومصيبتهم أنّ ضباب الشكّ يغشى قلوبهم، وأنّ عواطفهم شُحنت بالقلق والاضطراب. ولعلّهم في فقدهم دوافع الإيمان صاروا أقرب إلى الإلحاد منهم إلى الإيمان. قال بعضهم إنّ الديانة في كلّ أبوابها لغز لا يُحَلّ وسِرّ لا يُكشَف. وجلّ ما نحصل عليه بالبحث في الدين هو شكّ وعدم تأكيد! ويقيناً أنّ اللاأدريّة عقم في التفكير، ينزل بالإنسان إلى درجة مؤسفة من الجهل. لأنّها تقتل فيه الشعور بالمسؤوليّة والكرامة، وتجعله في حالة إحجام عن مواجهة الأمور التي تتطلّب الإيمان.
ج-جواب المؤمنين:
هؤلاء يعلنون إيمانهم بوجود الله، وإنّما لا يُخضِعون إيمانهم للتحليل المادّيّ أو العقليّ أو الحسّيّ، لأنّ الله الذي يؤمنون به روح ولا يمكن إدراكه بالعقل أو الحسّ، لأنّه لو أُدرك الله بالمحسوسات لأصبحت المحسوسات أعظم من ذاته الإلهيّة. هذا أوّلاً. وثانياً لو استطاعت الحواس أن تدركه لانتفت كلمة "إيمان" من معاجم اللغة، لأنّ الإيمان كما عرّفه بولس هو "الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالْإِيقَانُ بِأُمُورٍ لَا تُرَى" (عبرانيّين 11:1).
- عدد الزيارات: 2678