الرد على تهمة التحريف
"فإن الجبال تزول والآكام تتزعزع أما إحساني فلا يزول عنك وعهد سلامي لا يتزعزع قال راحمك الرب." إشعياء 54: 10
مقدمة
لقد دعي المسيحيين بحق أهل الكتاب وذلك لتعلقهم ومحافظتهم على كتابهم، ومن الناس من يدعونهم بالنصارى كونهم ناصروا المسيح، وهم من باب أولى يجب أن يدعوا أهل النجاة لاتباعهم المنجي من الهلاك(المخلص) يسوع المسيح الذي دُعيَّ اسمه عليهم فيقال لهم مسيحيين.
الكتاب المقدس هو الذي يؤمن به المسيحيون وفيه من الحكمة والموعظة والشريعة وقصص الأنبياء وخلق السماوات والأرض والنبوات، عما حدث وما سيحدث ويحمل بين طياته جميع فنون البلاغة من نثر وشعر وأدب وأمثال، وهو ما أوحى الله به إلى موسى (التوراة)، وما أوحى الله به إلى داود (الزابور/المزامير)، وكذلك صحف الأنبياء، وهذه جميعها تسمي العهد القديم، وعدد أسفارها 39 سفراً. وكذلك ما أوحى الله به للحواريين (تلاميذ) أصحاب المسيح، وأيضاً مخاطبات الحواريين (الرسائل)، التي تبين كيفية انتشار المسيحية، وتفصيلاً لتعاليم المسيح، وكذلك سفر أعمال الرسل، وسفر الرؤيا، وهذه جميعها تسمى العهد الجديد (الإنجيل). وعدد أسفاره 27 سفراً وكون تلاميذ المسيح هم من بني إسرائيل أصلاً يؤمنون بالتوراة من قبل الإنجيل فلقد احتفظوا وآمنوا بالكتابين ككتاب واحد من عند الله. أما كلمة إنجيل فهي كلمة يونانية تعني البشارة المفرحة وهذه البشارة هي المسيح نفسه، ولادته، حياته، موته، قيامته من الموت، ومجيئه في آخر الزمان ولقد تداول أتباع المسيح وغيرهم هذه الأخبار شفهياً بعد صعود المسيح للسماء لمدة تزيد عن ربع قرن حتى أنهم حفظوها عن ظهر قلب، وانتشرت هذه الأخبار انتشاراً واسعاً. ومن أجل الاحتفاظ بالإنجيل الشفهي أوحى الله لأصحاب المسيح بكتابة مضمون وجوهر البشارة وترك لهم حرية التعبير بأسلوبهم ولغتهم، وقاموا بتدوين الإنجيل بحسب ما أوحى لهم إلى اللغة اليونانية أولاً، وكان ذلك بعد ما يقرب من خمسين عاماً من ولادة المسيح. ومن ثم ترجم إلى لغات مختلفة وتناقلناه جيلا عن جيل إلى أن وصلنا مشهوداً له من الله والأنبياء، ولقد شهد للتوراة النبي يوحنا المعمدان (يحيى بن زكريا) وشهد لها أيضاً المسيح حيث اقتبس منها الكثير أثناء وعظه. وكذلك شهادة التاريخ والآثار والعلم، وأيضاً ترابط موضوعات الكتاب المقدس، رغم تباعد زمان ومكان تدوين كل سفر منه، ويشهد على صحته أيضاً تأثيره القوي في النفوس وانتشاره الواسع في كل العالم. ولأن الله لا يريد أن تكون اللغة حاجزاً بينه وبين البشر لم يوحي به بلغة شعب ما، فكتب بلغات الشعوب المختلفة. ولقد تعهد الله بحفظه وهو الحافظ الأمين لكلماته. كما قال المسيح بفمه الطاهر "السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول" ( لوقا 21: 33)
ولقد سجل أربعة أشخاص شهاداتهم بوحي من الله كما سمعوا من المسيح وشاهدوا. كما قال الله في الإنجيل الشريف "لأنه لم تأتِ بنوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (2بطرس 1: 21). فلقد كتب (متى) الذي لازم المسيح طيلة مدة خدمته شهادته من وجهة نظر العقيدة اليهودية بالنسبة للمسيح أي الملك المنتظر الذي ترتكز عليه نبوات التوراة والأنبياء، أما الشاهد الثاني من أتباع المسيح فهو (مرقس) الذي أوحى له بالروح القدس فلقد دون شهادته للأمم أي غير اليهود وخاصة الرومانيين مظهراً قوة المسيح من خلال معجزاته. أما الشاهد الثالث فهو (لوقا) الذي كان يعمل طبيباً كتب شهادته أيضاً بوحي من الله،للمتثقفين اليونانيين بأسلوب رائع وبليغ منبها على رحمة الله لكل الناس، وخاصة المنبوذين والفقراء والمساكين منهم. أما الحواري (يوحنا) فكتب شهادته عن المسيح كما رأى وسمع من المسيح نفسه، مظهراً أن المسيح روح الله وكلمته الكائن منذ الأزل، فلقد أظهر المسيح بصفته الشخص السماوي وكلمة الله المتجسد. وهذه الشهادات الأربعة تسمى الإنجيل لأنها واحدة في الجوهر والهدف.
القران والكتاب
ويؤمن المسلمين بالتوراة والإنجيل بالرغم من ان القرآن يتهمها بالتحريف والضياع فهل ينفع المسلمين الأيمان بكتاب محرف بكتاب او غير موجود فماذا يفيد هذا الإيمان أهو إيمان بكتاب محرف فهو طلب قريب إلى الكفر أكثر منه إلى الإيمان فالإيمان بكتاب غير موجود هو أقرب إلى الضلال من الهدى.
وإن كان الإيمان المقصود هو الإيمان بالإنجيل الذي بين أيدينا وهو الإنجيل الحقيقي فلم يعرف العالم غير هذا الإنجيل إن كان هذا هو المقصود بالإيمان فهذا يعني بصراحة ترك الإسلام واتباع المسيح لأن الإنجيل غايته الاولى والأخيرة هي المسيح.
أم أن الإيمان المطلوب بالكتاب هو إيمان دون عمل إذن ماذا ينفع هذا ألم يطلب القرآن من المسلمين الإيمان والعمل فلماذا لا تطبق هذه القاعدة عندما يقول المسلمين أننا نؤمن بالإنجيل، الإيمان دون عمل لا فائدة منه. إذن الإيمان بالكتاب أو عدم الإيمان به لا يعني شيئاً بل أن هذا لا يسمى إيماناً بكتاب وهمي
يعتقد المسلمين ان القران نسخ الإنجيل وانه اصبح لاغيا وهذا الكلام باطل من أساسه فالقول بالنسخ لم يأت بح الشرائع السابقة بل جاء بحق القران نسخ بعضه بعضا وقد ورد النسخ في موضعين من سورة البقرة الية 106 والحج52 وقد فسر البيضاوي والسيوطي هذه الآيات بأنها ناسخة لبعضها البعض وكما يقول صاحب كتاب إظهار الحق رحمة الله الهندي ان لا اثر في نسخ الكتب السماوية بعضها بعضا بل ان الله اختص بالنسخ هذه الأمة وإلا ما معنى هذه الآيات (شرع لكم من الدين ما أوصى به نوحا والذين ……) الشورى13 وكذلك الاية 25 سورة النساء ( وجعلنا لكل امة شرعة ومنهاجا…..)
شهادة القران للكتاب
أثرنا بحث هذا الموضوع أولاً قبل البدء بالحديث عن الزعم القائل بأن الكتاب المقدس يشهد على نفسه بالتحريف وأنه ينزف دماً من طعنات المبطلين فيه والتي لم يزالوا يوجهونها إليه على حد قول البعض وإن كنا نستدل ببعض نصوص القرآن أو بأقوال علماء المسلمين فليس لقلة الشهادات عندنا بل لعلها تكون أكثر إقناعاً للذين يؤمنون بالقران , وابدأ الرأي في بعض الآيات القرآنية لا يعني هذا تفسيراً لها من وجهة دينه أو تأويلاً مخالفاً للمعنى المقصود بل مجرد رأي ووجهة نظر من خلال فهمنا الشخصي والعقلي لهذه النصوص.من حقنا أن نتدبر القران الذي يدعونا للتفكر والتدبر في آياته وهذا جائز عند قراءة أي كتاب لأننا لا نعتقد بالقرآن كتاباً منزلا فنحن لا نتهمه بالتحريف أصلاً لأن الأمر ليس ذي بال عندنا وهذا بخلاف اعتقاد المسلمين في التوراة والإنجيل إذ انهم يؤمنون بأنها كتاباً منزلاً من عند الله وبالرغم من ذلك فهم يتهمونها بالتحريف فلا مناص للمسلمين لإنكارها على أية حال كونها سابقه للقرآن تاريخيا فمن هذا القبيل وحسب رأي القران لا يجوز للمسلم تفسيرها ارتجالا ومن يفعل هذا يحسب مع المحرفين. وأيضاً لا يجوز أن يؤخذ ببعضها ويترك البعض الآخر ومن يفعل ذلك يعد مع الذين أخفوا أو أنكروا آيات الله أذن فالأفضل والأسلم الرجوع لأهل الكتاب فهو كتابهم وهم أعلم الناس به أو ترك الأمر لله هو أنزلها وهو اعلم بما فيها وهناك آيات قرآنية كثيرة تشهد للكتاب المقدس
القرآن جاء مصدقاً للتوراة والإنجيل ومفصلاً لها "37 يونس" فكيف يعرف أن القرآن جاء مصدقاً للتوراة والإنجيل أن كانت الأخيرة محرفة. وكان الذي ينسب التحريف للكتاب ينسبه أيضاً للقرآن.ناهيك عن الآيات الكثيرة التي تكيل المديح للتوراة والإنجيل ذهب فقهاء الحنفية إلى أنه لا يجوز للجنب "أي من لم يغتسل بعد الجماع" لمس التوراة انتهى كلام ابن كثير في كتابه البداية والنهاية الجزء الثاني فهل يمتدح على ما فيه من تحريف.
"الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون" البقرة 121. أن الكتاب "التوراة والإنجيل" كان بين يدي محمداً مصدقاً للقرآن وكانا بين يدي أهل الكتاب أيضاً والكتاب أيضاً كان بين يدي أهله مصدقاً للقرآن "يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما أنزلنا مصدقاً لما معكم" 47 النساء "ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقاً لما معهم" 91 البقرة. فهو معهم ومعه ومصدقاً وصحيحاً على الأقل في وقت هذه الآيات.
وحسب راي القران أن الجن أيضاً شهدوا بصدق التوراة والإنجيل واعتبر القرآن نفسه صادقاً لكونه جاء موافقا لكتاب موسى. وهذا يعني أنه لو كان مختلفاً عن كتاب موسى لما كان صادقاً بحسب هذه الآية. "إن سمعنا كتاباً أنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه" 30 الأخفاف. والكتاب الذي انزل من بعد وهل تعني كلمة مصدقاً محرفاً. وهل تعني كلمة بين يديه وكلمة لما معكم ويتلونه، ويؤمنون به، لما معهم هل تعني هذه الكلمات أن الكتاب كان مخفياً أو ضائعاً أو مهجوراً.
القرآن جاء مصدقاً للتوراة والإنجيل ومفصلاً لها "37 يونس" فكيف يعرف أن القرآن جاء مصدقاً للتوراة والإنجيل أن كانت الأخيرة محرفة. وكان الذي ينسب التحريف للكتاب ينسبه أيضاً للقرآن.ناهيك عن الآيات الكثيرة التي تكيل المديح للتوراة والإنجيل حتى ذهب فقهاء الحنفية إلى أنه لا يجوز للجنب "أي من لم يغتسل بعد الجماع" لمس التوراة انتهى كلام ابن كثير في كتابه البداية والنهاية الجزء الثاني فهل يمتدح على ما فيه من تحريف.
"الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون" البقرة 121. أن الكتاب "التوراة والإنجيل" كان بين يدي محمداً مصدقاً للقرآن وكانا بين يدي أهل الكتاب أيضا والكتاب أيضاً كان بين يدي أهله مصدقاً للقرآن "يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما أنزلنا مصدقاً لما معكم" 47 النساء "ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقاً لما معهم" 91 البقرة. فهو معهم ومعه ومصدقاً وصحيحاً على الأقل في وقت هذه الآيات.
أننا لا نريد أكثر من شهادة أثنين على هذا الأمر من خلال القرآن ولن نطلب شهادة أشخاص عاديين بل شهادة أنبياء صادقين بل صفوة الصفوة وخيره الخيرة. فهذا نبي الله يحيى "يوحنا المعمدان" خاطبه الله بالتمسك بالتوراة "يا يحيى خذ الكتاب بقوة وأتيناه الحكم صبيا" 12 مريم. ويقول الطبري في تفسيره كلمة الكتاب "التوراة والإنجيل" فلم يكن قد نزل القرآن في زمن يحيى وما بين يحيى والنبي موسى فترة ربما تزيد على 1500 سنة ولو كانت التوراة محرفة لما أمر الله نبيه يحيى أن يأخذها بقوة إضافة إلى أن يحيى جاء "مصدقاً بكلمة من الله" 39 آل عمران والمقصود بكلمة من الله المسيح وهو يوحنا حتماً مصدقاً لما قاله المسيح عن التوراة.
زمان التحريف
والمسيح نفسه شهد للتوراة أنها مصدقة للإنجيل الذي بين يديه بين يدي المسيح "ومصدقاً لما بين يدي من التوراة" 50 آل عمران.
فالتوراة كانت موجودة على زمن المسيح وهي كما هي مصدقة لما معه من الإنجيل وجاء القرآن وكان مصدقاً لما بين يدي محمد من التوراة والإنجيل. فلا يوجد ثغرة لا قبل الإسلام ولا أثناء ظهور الإسلام فيحيى والمسيح ومحمد شهدوا للتوراة والإنجيل على أنها مصدقة صادقة ومطابقة وموافقة لبعضها بعضاً. فلو كانت محرفة لم يشهد لها هؤلاء الشهود إلا إذا أراد أحدا أن يطعن في شهادتهم
إذن في أي وقت وقع التحريف بحسب آيات القرآن . إن هذا لم يحدث وقت نزول القرآن بشهادة هذه الآيات التي لا تعد شيئاً أمام الشواهد الكثيرة عندنا على صحة الكتاب هل حصل قبل الإسلام. وماذا نفعل بهذه الآيات هل نقول أن هذه الآيات كانت تقصد مواضع معينة في التوراة والإنجيل. القرآن لم يحدد هذا بل ان كلام القران عن التحريف لا يقصد به موضعا معينا بل يقصد الكتاب بمجموعة. وهل امتدح القرآن تلاوة أهل الكتاب لكتابهم وهم يتلون آيات محرفة.
وربما يقول البعض أن التحريف وقع بعد الإسلام ولنقل بعد وفاة محمد. حتى هذه المقولة لا تخلوا من الإساءة للقرآن إذ نتهم القرآن بالإهمال وعدم السيطرة والحراسة للكتاب."وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه" 48 المائدة. مهيمناً حارساً بحسب كتب التفسير فهل يغفل الحارس فيقع التحريف. في غفلة منه وهناك آيات كثيرة تدل على ان الكتاب لم يتحرف لا قبل الإسلام ولا و لا وقت ظهوره ولا بعده وهناك أدلة كثيرة
أولا ، الآيات 68 المائدة و 43 المائدة و 93 آل عمران.تفيد أن الكتاب موجود ومتداول وهو على حالة و إلا فلا معنى لتحدي القرآن لأهل الكتاب بأن يأتوا بالتوراة ويتلونها ويقيموا أحكامها.( قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما اتبعه إن كنتم صادقين القصص 49)
يقول الطبري في تفسيره لهذه الآية يقول تعالى ذكره لنبيه محمد قل يا محمد للقائلين للتوراة والإنجيل هما سحران وان الحق في غيرهما ائتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما إلى طريق الحق ولسبيل الرشاد اتبعه ان كنتم صادقين . إن كانت التوراة محرفة أو مخفية في وقت ظهور الإسلام فأن هذه الآيات تصير بلا معنى في وقتها وخاصة ما أشارت إليه الآية 93 من سورة آل عمران حول ما حرم إسرائيل على نفسه فإنه يطالبهم بتلاوتها والتأكد مما حرم يعقوب على نفسه من المأكولات فهل يطلب منهم المستحيل أو البحث عن آيات مخفية أو مفقودة أو محرفة .
ثانياً، أن كانت التوراة قد تحرفت قبل مجيء الإسلام حسب ما زعموا فلماذا إذن يطلب الله من محمد الرجوع الى الكتاب المقدس لتحقق من نبوته والتثبت من صحة ما انزل إليه من القران سورة يونس الآية 94 ( فأن كنت في شك مما أنزلنا إليك فسئل الذين يقرءون الكتاب من قبلك …… )فأن كان محمدا نفسه غير متأكد لا من نبوته ولا من قرانه فكيف يطلب من غيره الإيمان به كرسول وبالقران ككتاب منزلا فالتفسير الصحيح لآيات القران هو أن التوراة والإنجيل كانت على حالها وقت مجيء الإسلام وما زالت .
معنى التحريف
وللتحريف معان عدة منها الزيادة والنقصان والتغير والتبديل والتأويل بخلاف المعنى المقصود للآيات غير ان المقصود بالتحريف المزعوم هو تفسير النص المكتوب تفسيرا مغلوطا وتحميل الآيات ما لا تحتمل ويحتج الذين يزعمون بتغير النص بهذه الآية القرآنية "فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله .." البقرة 79.ولقد فسر الطبري هذه الآية بقوله كان أناس من اليهود قد كتبوا كتابا من عندهم يبيعونه للعرب ولقوم لا علم لهم بالتوراة ويحدثونهم انه من عند الله ليأخذوا به ثمنا بخسا. الجزء الأول صفحه422 وحسب هذا القول لا زيادة ولا نقصان في التوراة بل ان هناك كتاب جديد لقوم لا يعلمون أما التوراة نفسها فلم تمسها يد العابثين .
فلقد أورد ابن كثير في كتابه البداية والنهاية تفسير الآية 78 من آل عمران أن أهل الكتاب يفسرونها "التوراة" ويؤولونها ويضعونها على غير مواضعها وهذا لا خلاف فيه بين العلماء وهم أنهم يتصرفون في معانيها ويحملونها على غير المراد كما بدلوا حكم الرجم بالجلد بالتحميم مع بقاء لفظ الرجم "والكلام لا يزال لابن كثير. فأما تبديل ألفاظها فقال قائلون بأنها جميعها بدلت وقالوا آخرون لم تبدل واحتجوا بقوله تعالى "وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله" المائدة 43 وقوله "الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل وقوله "قل فأتوا بالتوراة فأتلوها أن كنتم صادقين"آل عمران 93.
ويتابع ابن كثير ……وكذلك قصة الرجم كما ثبت في الصحيحين فلقد وضع عبد الله بن صوريا يده على آية الرجم التي في التوراة وقرأ ما قبلها وما بعدها فقال له رسول الله ارفع يدك يا أعور فرفع يده فإذا فيها آية الرجم. وعند أبي داود أنهم أي اليهود لما جاءوا بالتوراة نزع "محمد" الوسادة من تحته فوضعها تحتها فقال آمنت بك وبمن أنزلك" أخرجه البخاري.
وأن هذه الآية آية الرجم باقية على حالها إلى اليوم في توراة موسى "يخرجون الفتاه إلى باب بيت أبيها ويرجمها رجال مدينتها بالحجارة حتى تموت لأنها عملت قباحة في إسرائيل بزناها .." تثنية 22: 21و22. وأيضاً في لاويين 20: 10 وأيضاً في يوحنا 8: 5 "وموسى في الناموس أوصانا أن مثل هذه ترجم" أليس هذا شاهداً على صحة الكتاب ويضيف ابن كثير فلهذا قال من قال هذا من الناس أنه لم يقع تبديلهم إلا في المعاني وأن الألفاظ باقية وهي حجة عليهم وهذا المذهب وهو القول بأن التبديل في الكتاب إنما وقع في معانيها لا في ألفاظها حكاه البخاري عن ابن عباس وقرر عليه ولم يرده وحكاه العلامة فخر الدين الرازي في تفسيره عن أكثر المتكلمين. فالموضوع ليس موضوع التحريف بالتغير والتبديل بالنصوص. بل بحسب رأى القرآن هو إساءة التفسير لآيات الكتاب. ولكن الكتاب باق على حاله كما هو بين أيدينا
لكن المشكلة التي ينبر إليها القرآن ليست التحريف بمعنى تغير النص بل هي التفسير الخطاء للكتاب و عدم العمل بما فيه ونبذه من وراء ظهورهم والمشكلة لم تكن في صدق الكتاب بل المشكلة كانت في صدق أهل الكتاب وإلا بماذا تفسر هذه الآيات القرآنية "ما كان حديثاً يفتري ولكن تصديق الذي بين يديه" 111 يوسف ، أن الشهادة بأن القرآن لم يكن حديثاً يفتري أي حديثاً كذباً هو أنه كان مصدقاً موافقا لما بين يدي محمد من التوراة والإنجيل" "وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب" 48 المائدة فالذي بين يدي محمد هو الكتاب "التوراة والإنجيل" والكثير من الآيات بنفس المعنى يونس 37 و 81 آل عمران و 92الأنعام.
وقد حاول البعض الخروج من هذا المأزق بقولهم أن التحريف حصل بعد نزول القرآن وأنها كانت على حالها وقت نزول القرآن ولهذا طالب القرآن المسلمين الإيمان بها كونها غير محرفة وقتئذ. وأن التوراة والإنجيل هما في محتواهما ضمن سور القرآن فمن أراد أن يعرف الحقيقة فليقرأ القرآن فإنه يعرف الإنجيل.
من المعروف أن التوراة سابقة للإنجيل وتزيد المدة بينهما عن أكثر من خمسماية سنة فوحي التوراة قبل نزول القرآن بأكثر من ألف سنة يعني عندما جاء القرآن كانت التوراة في تمامها وكمالها وكانت منتشرة بين شعوب الأرض. إذن لا يمكن أن تكون تحرفت وقت الإسلام ولا يمكن منطقياً أن تكون تحرفت بعد الإسلام وخاصة بعد هذا الانتشار إضافة إلى وعود الله بحفظه لكلماته. فهل يحفظها الله ألف عام وعند ظهور الإسلام يضيعها حاشا لله.ثم أن آيات القران في التحريف لا يفهم منها أبداً أنه أخبار أو تنبؤ عن المستقبل أبداً. وحتى أنني لا أعلم أن العلماء قالوا بهذا. بل يفهم من آيات القرآن أن التحريف المزعوم حصل قبل مجيء الإسلام حتى أن بعض علماء المسلمين يقول أن التحريف حصل في الفترة ما بين صعود المسيح وبعثته محمد.وهذا باطل من عدة وجوه إن هذا يعد اتهام الله بالإهمال والتضييع وهو الذي وعد كثيراً بحفظ كلماته. و التوراة والإنجيل هما كلامه. فكيف يحفظ كتاباً ويضيع كتابين. إذن كيف يتبين الحق للذين يطلبون الحق.
أضف إلى أن هذا الزعم غير مقنع منطقياً. وخصوصاً بعد انتشار الكتاب انتشاراً كبيراً وكذلك أن التوراة موجودة بين يدي اليهود والمسيحيين في نفس الوقت والكل يعرف مدى العداوة التي يضمرها اليهود للمسيحيين منذ القدم. وبماذا يفسر صدق وتحقيق نبوات التوراة في المسيح. وكذلك اختلاف الطوائف المسيحية فلن يسكت أحد على الآخر أن قام أحدهم بتحريف كتابه. الأمر أشبه بالمعجزة أن تجمع كل هذه الكتب الكثيرة المنتشرة في بلدان مختلفة وبلغات مختلفة ومن ثم تحرفها وتعيد توزيعها فتعطي لليهود توراة جديدة وللمسيحيين إنجيل جديد ومن ثم تتلف الكتاب الأصلي وتحرف المخطوطات وتكتب مخطوطات جديدة موافقة للكتاب المحرف. لا أدري إن قال أحد أنني اصطدت سمكاً من البحر الميت أتصدقه لا لأن تحقيق التحريف أصعب من أن تعيش سمكه في البحر الميت لأنه ميت كما أنه هذا القول ميت لا حياة
ورب قائل يقول لماذا نذهب بعيداً والتحريف أمام أعيننا ظاهر بين صفحات هذا الكتاب. فنقول أين هذه الآيات المحرفة هل ذكر القران هذه الآيات أم آن هذا هو رأياً شخصياً بعيداً عن القرآن إذا كان الأمر كذلك فالأمر مختلف فتصير الأمور تبادل وجهات النظر الشخصية، ففي هذه الحالة يؤخذ برأي المؤمنين بهذا الكتاب لأنهم هم العارفين بخفايا الكتاب وبجمعه ونصوصه وعلومه. فيجب أن تأخذ العلم من أهل العلم ناهيك عن
الإيمان بحفظ الكتاب حسب مواعيد الله وحكمته.
أسباب القول بالتحريف
لم تأت مقولة التحريف وقت ظهور الإسلام من فراغ بل جاءت لعدة أسباب أولها الاختلاف الجوهري ما بين الكتاب المقدس والقران فلا بد أن أحدهما من عند الله والأخر من عند الناس لأن الله لا يناقض نفسه ويغير كلماته ولا يخلف وعوده ولما جاء القران مخالفا للتوراة والإنجيل وخاصة بعد انتشارهما ومن البديهي
فان الخروج من هذا المأزق هو اتهام الكتاب بالتحريف فهذا اسهل من القول أن القران هو من وحي البشر أو ترك الإسلام لان الإيمان بالكتاب المقدس يعني عدم الإيمان بالإسلام والسبب الثاني أن محمدا لم يجد اسمه مكتوبا في الكتاب والسبب الثالث أن محمد لم يستطع عمل المعجزات كما فعل الأنبياء السابقين
# النبي والمعجزات
بعض الأنبياء لم يصنعوا المعجزات لنهم جاءوا مبشرين بغيرهم ولم يأتون بشريعة جديدة ولم يتحداهم الناس بطلب المعجزات أما بالنسبة لمحمد فأنه شرطاً لازما عليهً أن يأتي بالمعجزات الواضحة المفهومة وفي وضح النهار وذلك لأنه جاء مشرعاً وخاتماً للأنبياء وجاء ليلغي الديانات التي قبله لا بل اتهمها بالتحريف وبالإشراك وجاء واضعاً مبدأ الجهاد في سبيل الله وواضعاً فرائض وأحكاماً جديدة .غير أنه لم يفعل رغم تحدي القوم له واكتفى بأعجاز القرآن الذي لم يكمل على تمامه إلا بعد موت النبي بسنين ولم يفهم بعضه العرب ولا العجم وحتى أنهم لم يعتبروه معجزة لهم. بل بقوا على موقفهم من الطلب للمعجزات تأسياً بالرسل السابقين ولهذا طلب النبي شهادة التوراة والإنجيل ومن ثم لم يجدف أتهمها بالتحريف وبعد أن اشتد عود الإسلام حارب الناس بالسيف فأرهبهم تارة ورغبهم تارة أخرى إلى أن انتشر هذا الدين.
هل فعلاً أن القرآن يثبت ان محمدا صنع المعجزات ولندع القرآن يجاوب على هذا السؤال وعلى أسئلة أخرى.
"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون" 59 الإسراء. وليس المقصود بالآيات آيات العذاب لأن آيات العذاب أن أتت لا يملك الإنسان التصديق أو التكذيب ولا يفيده ذلك لأنه يلقى حتفه لأنها آيات عذاب وليست آيات بمعنى معجزات. والناس قديماً كذبوا بالآيات أي بالمعجزات وليس بآيات العذاب. فالحديث هنا واضح على أنه آيات بمعنى معجزات كما فعل الرسل السابقين.
ولا يقال عن هذه الآيات أنها آيات القرآن لأن آيات القرآن نزلت وحتى ان معنى هذه الآية هنا ليست آية عذاب أو آية قرآن بل أنها آية بمعنى معجزة على غرار معجزات الأنبياء السابقين.
التبشير بمحمد
وبعد ان عجز محمدا عن عمل معجزة واحدة أستشهد بالكتاب لاثبات نبوته فلم يجد لنفسه ذكرا فيه فاتهم كتاب الله بالتحريف وهذا طبعا اسهل من صنع المعجزات
وان كان محمد يتهم آهل الكتاب بتحريف التوراة والإنجيل فلماذا يطالبهم بالنبوة التي تشير إلى إليه وأن اسمه مكتوب فيها حسب زعم القران في سورة الأعراف 157 "الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل" و يجدونه فعل مضارع وهذا شمل التوراة والإنجيل. فهل يعقل أن يطلب محمداً شهادة على نبوته من كتاب مزيف. إن كان علماء الحديث في الإسلام يرفضون الأخذ بالأحاديث من أشخاص عرفوا بالكذب فكيف يأخذ محمد شهادة كتاب محرف.و السؤال المهم لماذا يحتاج محمد التوراة والإنجيل لاثبات نبوته ألا يكفي الناس إعجاز القران أو معجزات محمد حسب ما يظن إخواننا المسلمين
ولكن لماذا كل هذا أليست التوراة والإنجيل بين أيدينا فأخبرني عن هذه النبوات. وأريد أيضاً أن تثبت أن هذه النبوات التي تستدل بها على نبوة محمد أنها لم تتحرف. ولماذا لم تتحرف كغيرها على حسب قولك أن الكتاب المقدس تحرف. ويقول البعض أن محمداً ذكر في التوراة و لإنجيل مرات كثيرة حسب ما تذكر الآية المشهورة في سورة الصف.وكذلك الآيات "الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل" 157 الأعراف. "ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه …" 29 الفتح أضافه إلى سورة الصف الآية 6. وكذلك ما جاء في السيرة النبوية على لسان ورقة بن نوفل
وهل يعتبر قول ورقة بن نوفل الذي لا يجزم أحد بأنه مات مسلماً هل يعتبر قوله صدقاً على نبوة النبي محمد. ورقه هذا ابن عم خديجة كان أمراً تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبراني فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب وكان شيخاً كبيراً قد عمي. ربما عمي بعد أن كتب وأن كان هو نصرانياً يكتب الإنجيل فمن أين وصلته التوراة ليعرف أن هذا الذي اتى محمداً هو الناموس الذي نزل على موسى. أما هذا يدل على أن المسيحيين كانوا وما زالوا يؤمنون بالتوراة والإنجيل كتاباً منزلاً من عند الله..وكما في السيرة "ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي" لماذا فتر الوحي أحزناً أم كمداً على هذا النصراني كاتب الإنجيل. أم أن هناك أموراً أخرى. الله أعلم. لقد مات كثيرون في حياة محمد فمنهم أحباء وأبناء وأصدقاء عزيزين على محمد ولم يفتر الوحي لكن الورقة بن نوفل له وضع خاص كونه ابن عم خديجة. ولا يعلم أحد بالتحديد كم هي هذه المدة التي فتر بها الوحي أهي سنة أم ثلاثة سنين لا نعلم على أية حال فهي لن تقل عن سنة كاملة وجبريل لم يأت ليراجع النبي فيما حفظه من القرآن.
ولكن لماذا يحتاج النبي محمد لشهادة الكتاب المقدس "الكتاب المحرف حسب ادعائكم" لاثبات نبوته ألم تكن معجزة القرآن كافية لإثبات نبوته في زمانه وفي هذا الزمان. ولماذا لم يشر القرآن أو محمد لواحده من هذه النبوات ولماذا لم يحرف المحرفون هذه النبوات المزعومة وما الذي منع الوحي في الكتاب المقدس أن يكتب اسم محمد أو أحمد صراحة حتى لا يبقى عذراً لمعتذر ولا قولاً لمتقول مع أن الكتاب المقدس لا يتوانى في ذكر الأسماء كما هي كما هو الحال في السفر الأول من أخبار الأيام الآية الرابعة والثلاثون فيقول "هاشم" ولو كان المقصود أحمد مثلاً لقال أحمد غير أبه بأي شخص.
, اذا كان القران يشهد للكتاب انه حق فكيف يناقض نفسه ويتهمه بأنه كتاب محرف
ولا ادري لماذا ينصب القران نفسه حكما وخصما في نفس الوقت فيطلق تهمة التحريف من غير تروي اننا نطلب حكما محايدا لينظر في هذا الاتهام الباطل والمتفحص ملياً لآيات القرآن حول نفس الموضوع يجد ان الأمر فيه تناقض كبير فكثير من الآيات التي تشهد للتوراة والإنجيل وتصفها بأعظم الصفات وتطلب إقامة أحكامها والإيمان بها ومرجعيتها لكل متشكك في بنوة محمد كما يؤكد القرآن تداول التوراة والإنجيل في زمن القرآن وأن أهلها يتلونها حق تلاوتها ويؤمنون بها لا بل أن بعض الصحابة قراؤها فأمرهم النبي بتركها واتباع القرآن وحتى أن إيمان المسلم لا يكتمل إن لم يؤمن بها وبعد هذا المديح وهذا التبجيل تنقلب الأمور رأساً على عقب فتصير محرفة ومخفية ويعتريها التغيير والتبديل. وهذا كله حدث في نفس الوقت الذي قال عنها أنها فيها هدى ونور فالتبس الأمر علينا وعليكم فكيف التوفيق بين الضدان كيف تكون هذه الكتب المحرفة المبتدعة المزيفة كتب فيها هدى ونور وتكون إماماً لمن أراد الهدى فهل في التزيف والتحريف هداية. وتهمه التحريف هي كفر كبير بالله و بالكتاب المقدس ، والإيمان بكتاب وهمي غير موجود لا يعد إيمانا بشيء ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون
و يحاول البعض أن يحل الأمر بطريقة توفيقية فيجدون أن الحل الأمثل وهو أن التحريف جزئي وليس كلي. وهذا ليس منطقياً. فهذه الآية توافق القرآن إذن فهي لم تحرف وهذه تخالفه إذن فهي تحرفت فتصبح الأمور بحسب الهوى وأن قلنا عن القران بمثل ما تقولون عن الإنجيل تقولون هذا كفر عظيم كيف تأخذون ببعض آيات الكتاب وتكفرون ببعضه فلماذا إذن تأخذون ببعض آيات الله وتتركون البعض الآخر.
ومعلوماً لديك أن العقيدة لا تؤخذ بخبر الواحد كما هو إجماع العلماء. حتى أن الإنجيل لم يؤخذ بخبر الواحد بل بأربعة شهود وعدول تقول في رسالتك أن زيد بن ثابت بحث كثيراً عن آخر سورة التوبة فلم يجدها إلا مع رجل واحد وهو أبي خزيمة الأنصاري فإنه لم يجدها مع أحد غيره.
إن كان الحديث لا يؤخذ بخبر الواحد أي الذي رواه شخصاً واحداً فكيف القرآن أضافه إلى التشديد على شخصية الراوي.ولماذا كان زيداً يطلب شهود اثنين مبالغة في الاحتياط. لماذا إذن اكتفى شهادة الواحد. وزيد هو من كتبه الوحي الذي يحفظ القرآن والحقيقة أن الأمر لا يحتاج لشهود لأن إعجاز القرآن حسب ما تعتقد هو أكبر شاهد لأنه لا يستطيع أحد أن يقلده فالقرآن يميز نفسه عن غيره لشدة إعجازه فلا داعي للشهود. لكن يبدو واضحاً خوف زيد من أن أحد ممكن أن يقلد آيات القرآن لهذا كان يطلب شهوداً ثقات للآيات حتى يكتبها في المصحف.
لغة وأسلوب الكتاب
ان القائلين بالتحريف من بعد القران عندهم أسبابهم الخاصة كقولهم ان الكتاب لم يكتب على غرار القران فان القارئ او المستمع لا يشعر بنشوة في داخله كما هو الحال مع القران ومهما بلغت الكتب من البلاغة والفصاحة والبيان، فإنها لن تفوق الأعمال إعجازاً وإقناعاً، لأن صدق الدعوة لا يكون باللغة المبدعة والتشابيه الأخاذة، بل ببرهان الروح والقوة. فنحن نعرف أن السماء فصيحة، وإن من السخف أن يتحدانا كتاب بفصاحته و بلاغته ، ويكون في الوقت نفسه هو الحكم والقاضي. فهل تغامر بمصيرك الأبدي من أجل كتاب؟
وقد ظن الناس ان كتاب الله يجب أن يكون على شاكلة الشعر أو بأسلوب خاص فمن يقرر هذه القاعدة هل يحتاج الله فصاحة اللغة ليثبت لنا نفسه ألا يكفي أن نفهم ما يريده الله منا بلغة بسيطة ان كان القران يقرر هذا النهج فهذا الأمر ملزم للذين يؤمنون به مع ان القران حذر من زخرف القول لأن ليس كل قول جميل هو قول صادق او فيه هدى * وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بغضهم الى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فدرهم وما يفترون* ولتصغي إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون*سورة الأنعام ألأية 112و113 فليس كل كلام منمق كلام مفيد ،الله لا يهتم لفصاحة اللغة فهو يهتم الى لغة القلب فهذه هي اللغة العالمية،
ولقد كلم المسيح الناس بأمثال ليبسط لهم كلامه وحتى أن التلاميذ لم يفهموا الكثير من كلام المسيح لكنهم فهموا فيما بعد واليوم يقرأ الناس الإنجيل مرات كثيرة فهو ليس كالقران في لغته ويفكرون بأمور كثيرة فهم لم يتعودوا على هذا الأسلوب من قبل ويظنون ان الله لا يخاطب الناس الا بالعربيه الفصيحه فيسوئون الفهم وتبدو الأمور متناقضة في ظاهرها فيعلقون الأسباب بالتحريف فهم لا يريدوا أن يتهموا أنفسهم بالجهل او عدم الأيمان لكن يسهل عليهم جداً اتهام كلام الله بالتناقض او التحريف.
وإن كنا نفهم بعض الآيات أنها إعجاز علمي فهي لم تكن كذلك عند من عايشوا الوحي الإلهي بل ربما كانت تعني لهم شيئاً آخر واليوم اكتشفت علوم تتفق مع نصوص الكتاب واعجازه وقد يأت قوم من بعدنا يكتشفون ما هو أعمق بكثير مما نكتشفه غير أن الكتاب المقدس لا ينضمن المبهم أو المتشابه. فمثلاً عندما قال بطرس في رسالته الثانية 3: 10 "تنحل العناصر محترقة" لم يفهم وقتها الناس أن نظرية علمية ربما بطرس نفسه لم يفهم البعد العلمي لهذه الآية، وفي عصرنا هذا اكتشفت الطاقة الذرية حيث ظهرت النظرية الأولى أن الذرة أصغر جزء في المادة لكن فيما بعد استطاعوا أن يحللوا عناصر الذرة حيث أوجدوا القنبلة الذرية التي تحرق وتدمر مساحات شاسعة من هذا الكون. فتحللت العناصر محترقة لا بل مدمرة.
ولكن ما الخطأ في أن يخاطب الله الناس بما يعرفون وبما يفهمون وبما درج عندهم من القول المأثور وكثير هو الكلام على هذه الشاكلة في القرآن ككلام فرعون والهدهد والشيطان والنمل فهل كلام النمل وحياً وبليغاً فمن باب أولى الأخذ بقول الإنسان فهو على الأقل أعلى مرتبة من الحيوان.
وهذا لقمان الذي لا يعد من الأنبياء بل أن أحداً لا يعرف بماذا يدين هذا الرجل فلقد سجلت أقواله لابنه في القرآن باسمه صورة من القرآن وماذا قال النبي عن مجلة لقمان في سيرة ابن هشام "قدم سويد بن صامت أحد بني عمرو بن عوف. أنه جاء مكه حاجاً أو معتمراً فتصدى له رسول الله حين سمع به فدعاه إلى الله وإلى الإسلام فقال له سويد فلعل معك مثل الذي معي فقال رسول الله وما الذي معك قال مجلة لقمان فقال الرسول أعرضها علي فعرضها عليه فقال له أن هذا الكلام حسناً والذي معي أفضل من هذا.." فكلام لقمان لا يرقى إلى مستوى كلام القرآن سواء بنصه أو بمضمونه إذن لماذا يجعل جزءاً من الوحي فهل أنزل الوحي على لقمان "وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم" لقمان 13-19 أي أنه هناك ست آيات على الأقل من كلام لقمان. فهل هذا كلام الله ام كلام لقمان وهل ارتقى كلام لقمان إلى بلاغه القرآن.فإن كان لقمان نبياً يوحي إليه فيكون النبي محمد قد جعل تفاوتاً وتفضيلاً في كلام الله فما عنده أحسن مما عند لقمان وأن لم يكن لقمان نبياً يوحي إليه فيكون وضع في القرآن ما هو ليس بوحياً وخصوصاً أن مفهوم الوحي في الإسلام هو نصاً ومضموناً أو وحي حرفي .
# طريقة الوحي
قال ابن كثير في كتابه البداية والنهاية الجزء الثاني حول هذا الموضوع عن أبي هريرة قال كان رسول الله إذا نزل عليه الوحي صدع وغلف رأسه بالحناء. وقالت أسماء بنت زيد إني لآخذ بزمام ناقه رسول الله إذ نزلت عليه سورة المائدة وكادت من ثقلها تدق عضد الناقة. وحديث آخر في صحيح مسلم عن عطاء عن يعلي قال: قال لي عمر ايسرك أن تنظر إلى رسول الله وهو يوحي إليه فرفع طرف الثوب عن جُهه "وجه محمد" وهو يوحي إليه بالجعرانه فإذا هو محمر الوجه وهو يغط كما يغط البكر وأيضاً حديث عبادة بن الصامت قال كان الرسول إذا نزل عليه الوحي كربه ذلك وتربد وجهه وغمض عينيه وكنا نعرف منه ذلك.
وحديث آخر عن يزيد أبي حبيب عن عمرو عن عبدالله بن عمرو قلت يا رسول الله هل تحس بالوحي قال نعم أسمع صلاصل ثم اثبت عند ذلك وما من مرة يوحي إلي إلا ظننت أن نفسي تفيض منه" إضافة إلى حديث عائشة كيف أنه عندما نزل الوحي يعرق النبي عرقاً شديداً في اليوم البارد "ابن كثير" وأيضاً ما قاله مدرس علوم القرآن بكية أصول الدين في الجامعة الأزهرية الفاضل محمد عبد العظيم الزرقاني في كتابه مناهل العرفان الجزء الاول صفحة 57. اسمع ما يقوله ثم أن ملك الوحي يهبط هو الآخر على أساليب شتى فتاره يظهر للرسول في صورته الحقيقية الملكية وتارة يظهر في صورة إنسان يراه الحاضرون ويستمعون إليه وتارة يهبط على الرسول خفية فلا يرى. ولكن يظهر أثر التغيير والانفعال على صاحب الرسالة فيغط غطيط النائم ويغيب غيبه كأنها غشيه أو إغماء وما هي في شيء من الغشيه والإغماء إن هي إلا استغراق في لقاء الملك الروحاني وانخلاع عن حالته البشرية العادية فيؤثر ذلك على الجسم فيغط ويثقل ثقلاً شديداً قد يتصبب منه الجبين عرقاً في اليوم الشديد البرد. وقد يكون وقع الوحي على الرسول كوقع الجرس إذا صلصل في أذن سامعه وذلك أشد أنواعه وربما سمع الحاضرون صوتاً عند وجهه كأنه دوي النحل لكنهم لا يفهمون كلاماً ولا يفقهون حديثاً. وفي سيرة ابن هشام ان جبريل غت النبي "عصره عصراً" حتى ظن أنه الموت فأرسله وغته ثلاثاً حتى انصرف عنه جبريل. هل هكذا يكون الوحي أم أن الوحي على عهد النبي وحياً من نوع مختلف لكن القرآن لا يقول بهذا بل يؤكد أن الوحي هو الوحي ذاته لم يتغير "كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم" 3 الشورى "وما أرسلنا مثلك إلا رجالاً نوحي إليهم .." 7 الأنبياء. "واوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب والأسباط .." 163 النساء.
اذن سنه الله في الوحي هي هي. فهل كان يعتري الأنبياء السابقين ما يعتري النبي من اعراض وأمور عند نزول الوحي. هل أغشي على موسى أم غط عيسى كغطيط النائم عند نزول الوحي؟ وأيهما أشد وقعاً جبريل الذي كان يأتي بالوحي إلى محمد حسب ما تعتقد أم حديث الله مع موسى حديثاً مباشراً. موسى كليم الله لم يحصل له ما حصل لمحمداً أبداً بل أنه كان في تمام وعيه لقد سمع وأخبر الشعب بكل كلمة سمعها.
فهل يعقل أن يكون تأثير جبريل وهو المخلوق لله تأثيراً كبيراً إلى هذه الدرجة التي يذكرها الزرفاني وابن كثير. فكيف لو كلمة الله كما كلم موسى. أن طريقة الوحي هذه طريقة لا تليق بلطف الله ورحمته ولم نعهدها في تاريخ الأنبياء.
يظن اخونانا المسلمين ان الوحي يجب ان يكون كلام الله حرفيا منزل من السماء وما على النبي الا ان يعيد ما سمعه على الناس وهل يمكن ان نحدد الله في طريقة معينه وما هو دور النبي في هذا ان كان سيردد ما سمعه فقط والحالة تلك فلماذا لا يسمع الله صوته للناس ليكفيهم عاقبة التكذيب بالوحي وأيضا في هذه الحالة يجب ان يكون النبي على درجة كبيرة من الكمال كي لا ينسى او يخطئ او لا يتدخل الشيطان في تلاوته فيفسد كلم الله ويضل السامعين وبعدها من يكون مسؤول عن هذا أذن أين هي عدالة الله واين هذا بالنسبة للمسيح الكامل الذيلم يخطئ أبداً أما محمداً فإنه أخطأ وقرأ كما أوحى له الشيطان أيضاً أن النبي كان في ناد من أندية قريش كثير أهله فتمنى أن لا يأتيه من الله شيء فينفروا عنه فأنزل الله عليه والنجم إذ أهوى. وهذا بحسب ما رواه الطبري في كتابه تفسير الطبري. ولتلاحظ معي أن بداية الأمر لم يرغب النبي أن ينزل عليه كلام رب العالمين بسبب أن لا ينفروا. وكأن كلام النبي لهم شخصياً لا ينفرهم وكلام الله ينفرهم وهذا أيضاً خطأ. ثم أيضاً أن محمداً سجد فسجدوا القوم معه. أي أن القوم سمعوا القرأه من فم النبي ووافقوا ولقد أمسى هذا القول فيهم ففرحوا به أي ان هذا القول أخذ وقته في أذهانهم وأفكارهم حتى المساء ومحمداً نفسه لم يكن عارفاً أن هذا القول من قول الشيطان وليس كلام الله فمازال مغتماً مهموماً لخطأه حتى نزلت الآية في سورة الحج وما أرسلتا من قبلك من رسول. فهذا الأمر هو تدخل للشيطان في الوحي حتى أن الأمر اختلط على النبي فلم يميز كلام جبريل من كلام الشيطان وهذا يعني أن كلام الشيطان "وأن تلك الغرانيق العلى ان شفاعتهن لترتجي" مشابه ومماثل للقرآن حتى أن صاحب القرآن لم يميزه وحتى السامعين من المسلمين والمشركين هم أيضاً لم يميزوا الفرق فهل الشيطان وهو من الجن أبطل تحدي القرآن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن. ربما تقول أن هذه آية واحدة والمطلوب على الأقل ثلاث آيات. وما يدرينا إن كان الأمر كذلك أن يكون هناك آيات أخر مماثلة للقرآن لم يكشف عنها النبي، والعكس تماماً مع المسيح فلقد كان المسيح عارفاً ان المجرب له إبليس ولم يرضخ له لثانية واحدة لا بل أن المسيح كان يخاطب الشيطان بالمكتوب أي بكلام رب العالمين.
وتدخل الشيطان في تلاوة محمد أثارت ضجة كبيرة وأرتد بعض الناس عن إسلامهم بسبب هذا وحتى أن أصدائها لغاية هذا اليوم. فلا وجه للمقارنة أبداً.
وقالوا أن الشيطان أوهم الناس بهذه الآيات آيات الغرانيق التي ألقاها الشيطان على لسان محمد وما هي من كلام الله. وهذه الكلمات التي قالها الشيطان هي "تلك الغرانيق العلى وأن شفاعتهن لترتجى."ماذا نستنتج من هذا. أولاً ما يدرينا أن هناك آيات أخرى على هذه الشاكله لم يكتشف أمرها. وهذا ما جعل بعض الناس يفتنوا. ثانياً أن هذه الكلمات تحاكي القرآن وتشابهه حتى أن محمداً لم يميز هذه الآية عن باقي آيات القرآن وهو القائل عن نفسه أنا أفصح العرب بيد أني من قريش.
ثالثاً أن السامعين أنفسهم وهم كثيرون لم يميزوا بين هذه الآية وباقي السورة. وهذا يبطل التحدي بالاتيان بمثله وإن كانت آية واحدة فقط.
ويقولون أن الله ينسخ ما يلقي لشيطان "آية الغرانيق" ويثبت كلامه والنسخ لا يجوز إلا بحق القرآن فالآية القرآنية تنسخ آية قرآنية أخرى وهذا اعتراف بأن هذه الآية هي آية من القرآن فجاز عليها النسخ مثلها مثل أي آية أخرى. فهل هكذا يكون الوحي وأي وحي وحي حرفياً كما تقول.
يظن البعض أنه لا وجود لنسخة أصلية للإنجيل بينما توجد النسخة الأصلية للقرآن "المصحف العثماني" في مدينة اسطنبول / تركيا.. فكيف نثق في صحة كتاب لا وجود لأصله في العالم أن هذا ليس صحيحاً.
وسؤالي هل فعلاً توجد النسخة الأصلية للقرآن التي كتبت على زمن محمد. تلك النسخة التي كتبت قبل نحو 1450 سنة تقريباً على جريد النخل والحجارة الرقيقة والرقاع. هذه النسخة الأصلية اين هي.
لكن دعنا نتجاوز هذه لأنها تكون قد تلفت من العوامل الطبيعية وهل فعلاً أن نسخة عثمان بن عفان هي النسخة الأصلية. لنقرأ اذن ما كتبه الزركشي في كتابه البرهان في علوم القرآن الجزء الاول .. وأعلم أنه قد اشتهر عند الناس أن عثمان هو أول من جمع المصاحف. وليس كذلك بل أول من جمعها في مصحف واحد هو أبي بكر الصديق ثم أمر عثمان حين خاف الاختلافات في القراءة بتحويله منها إلى المصاحف. وأن التأليف كان في زمن النبي كما روينا عن زيد أن الجمع في المصحف في زمن أبي بكر والنسخ في المصاحف في زمن عثمان. انتهى كلام الزركشي.
إذن مصحف عثمان الأصلي هو نقلاً عن ما جمعه أبى بكر وحرقت المصاحف الأصلية الأخرى وبقي مصحف عثمان وهذا الأخير لا يقطع بأنه موجود أصلاً وهذا ما قاله الزرقاني في كتابه مناهل العرفان الذي يدرس بالكليات الازهرية إضافة أن صاحب الكتاب نفسه هو مدرس علوم القرآن وعلوم الحديث بتخصص الدعوة والإرشاد بكلية أصول الدين بالأزهر اسمع ما يقوله. إذ أنه ليس أكيداً أن النسخة الأصلية للقرآن موجودة. "أنه ليس بين أيدينا دليل قاطع على وجود المصاحف العثمانية فضلاً عن تعيين أمكنتها .. ثم أن عدم بقاء المصاحف العثمانية قاطبة لا يضرنا شيئاً ما دام المعول عليه التلقي والنقل ثقة عن ثقة وأماماً عن اماماً" انتهى كلامه الجزء الأول ص 398.
إذن فكيف نثق بكتاب لا وجود لأصله. لكن نقول كما قال الزرقاني أن العبرة في نقل الخبر عن طريق التواتر وحتى أن كان شفهياً غير أن للإنجيل مخطوطات كثيرة مثل مخطوطة رايلاند لسنة 125م. وبرديات من إنجيل لوقا تعود لـ 200م وأجزاء من يوحنا 135م ومخطوطة مترجمة من المخطوطة اليونانية ترجع 150م والنسخة السينائية لإنجيل يوحنا ترجع لعام 350م ناهيك عن اقتباسات آباء الكنيسة الأوائل مثل كلميندس وبوليكاريوس التي يعود تاريخ رسائلهم إلى 96م حيث كان أول تدوين للعقيدة في عام 55م وهي رسالة كورنثوس الأولى أي بعد صعود المسيح بنحو 18 سنة وهذا عهد قريب جداً، إلا أنه كان الإنجيل متداولاً شفاهتا قبل هذا التاريخ بكثير أي من وقت صعود المسيح حتى تدوين هذه الرسالة أي أن الخبر المتواتر لم ينقطع. إضافة إلى ما يطالعنا به علماء الآثار من وقت لآخر لاكتشافات جديدة مثل اكتشاف مخطوطات قمران عام 1947 وعام 1953 فلقد تم اكتشاف مخطوطات الكتاب المقدس لأكثر من ثلاثة أرباع الكتاب
وهل ما فعله عثمان عندما أحرق المصاحف كان برأيه الشخصي أم بوحي من الله. ولا ندري بأي لهجة كتب القرآن في اللوح المحفوظ وبأي ترتيب هل هو بحسب المصاحف التي أحرقت أم بحسب المصحف الحالي. وأيهم نسخ ما كتب في القرآن ام ما كتب في اللوح المحفوظ.
وهل كلام النبي في الأحاديث وحياً كوحي القرآن أم أنه وحياً من درجة ثانية أم أن الأحاديث القدسية "ما رواه محمد عن الله" وحي من درجة أعلى من كلام النبي في سائر أحاديثه ام وحي مساو لوحي القرآن كونه في الحالتين كلام الله الذي قاله النبي.
والذين يدعوون التحريف على كلام الله لابد لهم من الإجابة المنطقية علىالأسئلة التي تتعلق في موضوع التحريف مثل زمان التحريف ومكان التحريف ومن هم الذين حرفوا واين النسخة الحقيقية إلى آخر هذه الأسئلة التي تطلب إجابة مدعمه بأدلة تاريخية و بآيات قرآنية بالنسبة للمسلمين.وأيضا اننا نحتاج لشاهد محايد فلا يجوز ان يكون القران هو الخصم والحكم وكيف اتفق اليهود مع المسيحية على تحريف كتبه مع ما عرفوا عنهم انهم مختلفين وبينهم عدواه لو تنتهي بحسب ما يزعم القران والذي يريد ان يحرف شيء يعمد الى الأشياء المهمة فيحرفها ويجعل كتابه موافق لبعضه بعضا ويكيل المديح لصاحبه واذا قرأت التوراة والإنجيل فإنها تصف بني إسرائيل بأقبح الصفات فلماذا لم يحرفوا تلك المخازي الواردة بحقهم وهم يدعون بأنهم شعب الله المختار
وأيهما اجدر بالتحريف الكتاب الذي خالف كل الكتب التي قبله والذي تدخل الشيطان في وحيه والذي ام الكتاب الذي يشهد له المسيح الكامل المسيح روح الله وكلمته الباقية وكذلك الني الصادق المصدق لكلمات الله نبي الله يوحنا المعمدان (يحي بن زكريا) وهل فعلاً يسمح الله للبشر المخلوقين بالعبث برسالته وتركهم في ضلالهم حتى مجيء الإسلام بعد أن تفنى أجيالهم فيقول لهم أنكم كنتم تتبعون كتاباً محرفاً فكيف يتبين لهم الحق أن تحرف كلام الله والأعظم من هذا أننا لا نجد الكتاب الحقيقي لنقارنه بالكتاب المحرف. حتى لا يبقى للناس حجة فقول القرآن بتحريف الكتاب لا يعتبر شهادة حقيقية بل اتهام لا يستند إلى حكمه الله وعدالته..
التوهم بوجود تناقضات
يظن البعض انهم يستطيعون أن يبطلوا الإنجيل بالإنجيل نفسه وفي ذات الوقت يدعون أيضاً أن التحريف حصل في بعض آيات الإنجيل وليس في كل الإنجيل فالتحريف المزعوم جزئي وليس كلي وهذا ما يفسر إيمان المسلمين بالكتاب المقدس ومدحهم له واستشهادهم به أيضاً وهذا الإدعاء ينطوي على تناقض كبير وتناقض
فهل يريدون أن يثبتوا تحريف الإنجيل من خلال الآيات الصحيحة. ام من خلال الآيات المحرفة. فهل يبطل الإنجيل بآيات محرفة. وما يدريهم لعل الآيات التي يستشهدون بها على ادعاءهم بالتحريف هي الآيات المحرفة أو العكس فأنهم يجهلون تماماً أي الآيات الحقيقية وأيها المزيفة حسب قولهم. فأما ان يقبلوا الإنجيل كما هو كاملاً أو يرفضوه بالكلية. فهذه الطريقه مخالفة لأوامر القرآن ويصيرون تحت حكم القران فيهم : "فتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة والدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون" البقرة 85.
وأيضاً في أي آيات الإنجيل يؤمن المسلمين وفي أيها يكفرون. وجوابهم على هذا السؤال ان ما وافق القران فهو الصحيح وما خالفه فهو المحرف وهذا يعني ان كلام الله اختلط فيه كلم الناس أذن نستطيع أن نتبع نفس الأسلوب فنقول أن آيات القرآن التي توافق الكتاب المقدس هي الآيات المقتبسة من التوراة والإنجيل وآيات القران التي لا توافق الكتاب المقدس هي الآيات التي أخذت من مصادر أخرى ونحن نقول هذا بثقة كون الكتاب المقدس أقدم تاريخياً من القرآن و الكتاب المقدس كان متداولاً ومقروءً قبل مجيء الإسلام بمئات السنين... وهو أيضاً ليس معقداً ولا صعباً فيمكن أن يفهمه الإنسان العادي. لكن كثيرين من الناس تنقصهم أمور روحية مثل الإيمان. أو أن يكون الإنسان فعلاً يسعى إلى الله من كل قلبه وفكره طارحاً التعصب جانباً غير منحازاً وإلا كيف يفهم مقاصد الله إن كان الله لا يهمه في شيء بل يهمه الدين فقط.
× شهادة الكتاب نفسه على التحريف الذي وقع فيه
وأني لأستغرب هل يعقل أن يشهد كتاب محرف على نفسه وخاصة أن كان الذين ألفوه أناس أمثال اليهود الذين عرفوا بالذكاء والحيلة والدهاء هل يعقل أن يغفلوا عن هذه الأمور.وهل يعقل أن يعمد المحرفون إلى تحريف أمور هامشية بمعنى أنها لا تزعزع أركان العقيدة فمثلاً لماذا لم يحرف اليهود النبوات حول المسيح أو لماذا لم يحرفوا الآيات والوقائع التي تذكر مخازيهم ومعاصيهم لماذا لا يحرفوها كي لا يعيروا بها من قبل الشعوب الأخرى التي يعتبرونها أقل منهم شأناً.
ولا ندري لماذا يستشهد بعض الناس بآيات من الإنجيل ليبطلوا فيها الوحي وآيات أخرى يحاولون ان يثبتوا نبوة محمد وآيات أخرى تثبت خطأ الكتاب وآيات أخرى تثبت تشابه القرآن والتوراة في بعض الأحكام حسب ظنهم وهم لا يعرفون أي هذه الآيات محرف وأيها حقيقي فيخلطون الأمور ببعضها. ولا يعرف بآيها يؤمنون وبآيها يكفرون وبآيها يثبتون وبآيها ينفون.
حسب قولك عن الآيات أرميا 23: 36 ومزمور 56: 4و5 ورسالة بطرس الثانية 3: 15و16.
لقد اعتبرت هذه الآيات بمثابة شاهد على تحريف الكتاب وتقول أيضاً أنه لا يوجد آيات في الكتاب تقول أن الكتاب سوف يحفظ ولن يحرف. لكن دعنا نبدأ بهذا. مثلاً في سفر أرميا 1: 12 "فقال الرب لي احسنت الرؤيا لأني أنا ساهر على كلمتي لأجريها" فهل يناقض أرميا نفسه. عندما خاطب شعبه قائلاً في سفره 23: 36 "لأن كلمة كل إنسان تكون وحية إذ قد حرفتم كلام الإله الحي رب الجنود إلهنا" هل يسمح الله الساهر على كلمته ليجريها هل يسمح بتحريفها بمعنى تغير النصوص والتبديل ثم انتشارها بهذا الشكل إلى جميع الناس. طبعاً لا لأن هذا لا يليق بحكمة الله وعدالته. لكن كلمة التحريف تعني أن كل كلمة إنسان وليس كلمة الله تكون وحيه بمعنى مفهومه وإيمانه فالتحريف أن الناس فهموا كلام الله بحسب أهوائهم وهل نستطيع أن نمنع الناس أن يفهموا كلام الله كما يريدون هل استطعنا أن نمنع بعض الناس من أن يفهموا كلام الله بما يناسبهم. فكلام الإنجيل والتوراة متداول بين الناس يفهمونه كما يشاءون. ونحن نحتاج لإرشاد ومعونة الروح القدس في فهم كلام الله وفهم الناس لكلام الله لا يعتبر وحياً لا بل أن الله يعاقب من يحرفون كلامه بحسب ما تشتهي أنفسهم كما قال في نفس السفر "لذلك هأنذا انساكم نسياناً وأرفضكم من أمام وجهي أنتم والمدينة التي اعطيتكم وآباءكم إياها. وأجعل عليكم عاراً أبدياً وخزياً أبدياً لا ينسى" أرميا 23: 40. فهل تعتبر هذا الكلام شهادة على التحريف أم أنه شهادة على ثبات كلمة الله.
أما الآية في مزمور 56: 5 "اليوم كله يحرفون كلامي." أن التحريف وقع في كلام داود وليس في وحي الكتاب لأن وحي الكتاب لا تحريف فيه أبداً واقرأ المزمور من أوله. لتجد كلام داود من الآية الأولى ارحمني يا الله. وداود متضايق ويقول على الله توكلت ماذا يصنعه بي الشر اليوم كله يحرفون كلامي. فهو يشكو إلى الله الناس والأشرار الذين أساءوا فهم داود في كلامه. وهل يناقض داود نفسه عندما قال في مزموره المائة وتسعة عشر الآية 89 "إلى الأبد يا رب كلمتك مثبته في السماوات" وأيضاً الآية 140 "كلمتك ممحصة جداً وعبدك أحبها."
أما الآية 15 و 16 في الإصحاح الثالث من رسالة بطرس الثانية "التي فيها أشياء عسرة الفهم يحرفها غير العلماء وغير الثابتين كباقي الكتب أيضاً لهلاك أنفسهم" وهذا أيضاً في نفس المعنى أن غير العلماء والمتشككين يفسرون آيات الله بحسب ما يرضيهم ولم يسلكوا طريق الحق وهذا طريق يقودهم لهلاك أنفسهم. لأنهم حملوا الآيات معان لا تحتملها فبهذا قد يضل الجاهلون. وهذا ليس تحريفاً لكلام الله بل هذا سوء فهم منهم ليس فقط في هذه الرسائل التي يبدو فيها أشياء عسرة الفهم بل أيضاً باقي الكتب وبطرس نفسه في رسالته الأولى 1: 23 يقول "وأما كلمة الرب فتثبت إلى الأبد" وهذا حقاً.
وفي القرآن أشباه هذا كثير. فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به … آل عمران 7 .
فكثير من الناس يؤولون الآيات المتشابهة التي لا يعلم تفسيرها إلا الله والراسخون في العلم. وكثيراً من الناس وحتى هذا الزمان يفسرون القرآن تفسيراً معاصراً أمثال المهندس محمد شحرور في كتابه القرآن والكتاب وكذلك المؤلف خليل عبد الكريم وغيرهم فهم يفسرون تفسيراً مختلفاً عن تفسير القدماء إضافة إلى المفسرين القدامى هم أنفسهم يختلفون في التفسير. وحتى بعض الآيات لا يفسرونها أبداً فهل تسمي اختلافهم في الفهم والتأويل هو من باب التحريف للقرآن هذا غير منطقي فسوء الفهم وقع في التفسير وليس في التنزيل وهكذا أيضاً في التوراة والإنجيل.
اسفار غير قانونية
ثانياً، الكلام على ما يسمى بأسفار الأبوكريفا أو الأسفار القانونية الثانية يوجد مغالطة في كلامك تقول نقلاً عن القس وديع ميخائيل أولاً أن الكنائس الطقسية دست بين الأسفار المقدسة الستة والستين سفراً سبعة أسفار غير قانونية.
وتضيف أيضاً في نفس الموضوع أن الكتاب المقدس لدى البروتستانت يحتوي على 73 سفراً وعند الكاثوليك 66 سفراً. وهذا سبب نزاعاً بين الطرفين ويبدو أنك فهمت كلام القس بطريقة خطأ. وهو أن الكنائس الإنجيلية في كتابها 66 سفراً والكنائس الطقسية 73 سفراً وتوضح هذه الكنائس أن هذه الكتب السبعة في العهد القديم هي أسفار غير قانونية أو قانونية ثانية أي ان الكنائس لا تعترف بها. ناهيك عن اتفاقهم على العهد الجديد.
. والأبوكريفا تشبه الأحاديث الضعيفة التي تعد بالآلاف وهذه الأحاديث الضعيفة رغم ضعفها إلا أنها تتفق مع العقيدة لكن الضعف السند أو الشبه في أحد الرواة فلا يؤخذ بها.
وماذا لو احتفظ المسلمين في المصاحف التي أتلفها عثمان أو اختلاف الرسم والقرءات. غير أن المسيحيين احتفظوا بكل النصوص والمخطوطات ولم يتلفوا شيئاً منها.
وفي آخر ترجمة للكتاب المقدس الترجمة العربية المشتركة لدار الكتاب المقدس ووضعتها لجنة مؤلفة من علماء كتابين ولاهوتيين من مختلف الكنائس كاثوليكية وأرثوذكسية "طقسية" وإنجيلية وهذ الترجمة لا تذكر الأسفار القانونية الثانية أو الأبوكريفا. فهي تعد كتباً تاريخية. وحتى الكتاب المقدس الذي يحوي هذه الأسفار يشار إليها بين قوسين "سفر قانوني ثاني" فالإجماع واضح على أنها أي هذه الأسفار لا ترقى من جهة وحيها إلى مستوى الأسفار القانونية التي يقر بها جميع المسيحيين على مختلف مذاهبهم .. وهذه الأسفار تعود إلى قبل التاريخ الذي ذكرته 393م فهذا تاريخ متأخر جداً لأن إقرار قانونية الأسفار كان في سنة 90م.
المسيح ابن الله اسمعنا وارحمنا ثم يأتي المزمور 151 فلماذا هذا الحذف وهذه الزيادة.
، ثالثاً، القول في اختلاف الترجمات أو كما ذكرت أخطاء الترجمة اختلاف الترجمة بين التفسيرية وبين دار الكتاب المقدس "فاندايك" ويضربون مثالاً على الاختلاف كقوله الله الشريعة بدلاً من الناموس أو أنجب بدلاً من ولد. وهذه الكلمات ليست موجودة في الأصل.
ما الذي يشين في هذا. و لنسأل نفس السؤال حول القرآن هل يمكن ترجمته حرفياً
فمثلاً كلمة تنكح وتنكحوا في القرآن تعني المعاشرة الجنسية ولا يقصد بها الزواج كما تظن "الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة" 3 النور. فلماذا لم يقل أن الزاني لا يزني بدلاً من ينكح إلا زانية. فهذه الكلمة تنطوي في مفهومها على تفاصيل عملية الزنا كذلك كلمة البغاء "ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء كما ورد في كتاب الشيخ حسين مخلوف في تفسير كلمات القرآن قال البغاء يعني الزنا. يعني أن لم يرغبن في الزواج فلا يكرهن على البغاء يعني الزنا. والعكس صحيح لأن عدم الإكراه مشروط برغبتهن في الزواج أو التحصن. وكذا كلمة فرج ويقصد بها الأعضاء التناسلية عند الرجل أو المرأة. "ومريم ابنة عمران التي أحضت فرجها فنفخنا فيه من روحنا" 12 مريم.
وهذه الكلمات نكاح بغاء وفرج. وغيرها الكثير في الأحاديث النبوية أيضاً كلها كلمات للعملية الجنسية فالفرج تقابلها في الكلمة العامية هذا فعلاً استحي أن اكتبه. فتصور معي لو أن المترجمين ترجموا القرآن للغات أخرى بماذا يستبدلوا هذه الكلمات أو تصور أنهم أرادوا أن يكتبوا القرآن باللغة المحكية سواء في مصر أو أي دولة عربية بماذا يستبدلوا هذه الألفاظ نكاح، بغاء، زنى، وفرج وفروجهن وفرجوهم وارجع إلى الكلام في تفسير نساء الجنة فأرى أنه لا فرق سوى أن الكتاب المقدس لم يصف امرأة حقيقية وزناً حقيقي بل هو من باب التشبيه. ولو ترجمنا القرآن كما ترجمنا الكتاب المقدس لوجدنا فيه الكثير من هذا الكلام الذي يقصد به مرأة حقيقية وزناً حقيقي وليس تشبيهاً بشيء. فلماذا نكيل بمكيالين.
فبماذا تترجم كلمة غسليين. أو أبا أوغساقا والكثير من الكلمات التي ذكرت في القرآن وخاصة تلك الكلمات الغير عربية.
ولم يكن السماح يترجمه القرآن أمراً متفقاً عليه وحتى بعد أن صار هذا الأمر صار متأخراً رغم ان القرآن كتاب لكل الناس حتى وأن اختلفت ألسنتهم والترجمة هي ترجمة للمعاني وليس لحرفية النص. وهذا مماثل لما نجده في ترجمات الكتاب المقدس فالترجمة التفسيرية كقولها الشريعة بدلاً من الناموس هي ذات المعنى فلا اختلاف.
وهذا ما قاله الزركشي في كتابه المشهور أعلم أن القرآن أنزله الله بلغة العرب فلا يجوز قراءته وتلاوته إلا بها لقوله "إنا أنزلناه قرآنا عربياً" يوسف 3 ولقوله أيضاً "ولو جعلناه قرآناه اعجميا .." فصلت 44 ويدل هذا على أنه ليس فيه غير العربي. ويتابع فمن زعم أن فيه غير العربية. فقد أعظم القول وذلك لو أن القرآن لو كان فيه من غير لغة العرب شيء لتوهم متوهم أن العرب عجزت عن الاتيان بمثله لأنه أتى بلغات لا يعرفونها.
ومذهب ابن عباس وعكرمه وغيرهما أنه وقع في القرآن ما ليس من لغتهم مثل الطور سريانية وطفقا بالرومية تبنا بالعبرية وسجل بالفارسية إلى آخر هذه الكلمات الكثيرة. انتهى كلام الزركشي الجزء الاول من كتاب البرهان في علوم القرآن صفحة 288.
إذن يا صديقي هم على اختلاف الفريق الأول يقول لا يوجد كلمات غير عربية لأن هذا يوقع شبه الأعجاز باللغة العربية وهذه كلمات أعجمية والفريق الثاني يؤكد هذه الكلمات الأعجمية. نظراً لمخالطة العرب للعجم والتأثر بلغتهم فهي كلمات معربة وليست عربية أصلاً. العلماء يقولون أنه تحرم قراءة القرآن بغير العربية وكأن الدعوة صارت للغة وليست لله.
ولعل في القرآن أشباه هذا من غير ترجمة ولا تفسير أقصد أشباه تلك الكلمات المترادفة في المعنى المتباينة في اللفظ. "قالوا أرجه وأخاه وأرسل .." الأعراف 111. "قالوا أرجه وأخاه وأبعث .." الشعراء 36. "وأوحينا إلى موسى أن الق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون" الأعراف 117 "وألق ما في عينك تلقف ما "ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين" الأعراف 108. وهذا وحي حرفي لنفس القصة فأي كلمة قالها الله لموسى ارسل أم ابعث؟ اسلك أم اضمم؟ لا بد أن الله قال كلمة واحدة في المرة الواحدة فقط.
فهذه الكلمات صغوا." طه 69. " أسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء" القصص 32. "وأضمم يدك إلى جناحك" طه 22. المتشابه لا تعرف أيهما الأصح وأيهما كان أصلاً في النسخ القديمة "الرقاع وجريد النخل" أو مصحف أبي بكر أو المصاحف التي أحرقها عثمان. فهل تسمى هذه أخطاء واختلافات.ونحن لدينا كل الترجمات. فهل الاحتفاظ بجميع النصوص الإنجيلية يعد تحريفاً واختلافاً. لا.. وهذا يعني أننا نحتفظ بجميع النصوص فلا يغير هذا في شيء بل هو أدعى للتحقق والاثبات لكل دارس وأشباه هذا موجود في القرآن فتدبر واقتصرت فقط في البحث على قصة موسى فقط ولو بحثت لوجدت الكثير فمثلاً أن الله لما كلم موسى مؤيداً إياه بالآيات البينات قال له ألق عصاك فألقاها "قال خذها ولا تخف ستعيدها سيرتها الاولى" طه 20 وفي سورة القصص "وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبراً ولم يعقب يا موسى أقبل ولا تخف انك من الامنين" القصص 31. فإنه في سورة طه لم يذكر أن موسى هرب بعد أن ألقى عصاه وفي القصص ذكر أنه هرب فلماذا لم يذكر هذا في سورة طه.
رغم أن هذا ليس قياساً للترجمات لأنه في ذات الكتاب وهذا يجعله مستغرباً أكثر أن تحري المسيحيين للدقة ضاربين عرض الحائط بما يقال أنه لأثبت دليل على حفاظهم على الكتب المقدسة. واختلاف الترجمات لا يغير المعنى شيئاً. بل على العكس فإن اختلاف الترجمات يساعد على فهم المعنى أكثر ويساعد على نشر الإنجيل وفهمه من قبل جميع الناس حتى وإن اختلفت لغاتهم تسهيلاً عليهم.
وقد تجد بعض الآيات موجودة في ترجمة وفي أخرى قد لا تجد كلمة أو جزء من هذه الآية مثل خاتمة إنجيل مرقس. التي موجودة في باقي الأناجيل. فإن رسالة المسيح تثبت في الأقوال المتوافقة والمتكررة في الأناجيل الأربعة. فهذا لا يعني حذفاً للوحي لأننا كما ذكرنا أن مفهوم الوحي ليس الوحي نصاً بل الوحي بالمعنى أو الهدف ويترك الأسلوب وطريقة الإنشاء لكاتب الوحي .. والوحي لا يعني الكلمة المكتوبة حرفياً بل يعني فكر الله وهدفه ومقاصده في حياتنا. ولا يعني أن يصير النص مقدساً فالقداسة لله وحده.
وأتسأل لماذا لا يُعد الإنجيل ناقلاً أميناً لأفعال وأقوال المسيح له المجد ومن هم الذين قالوا بهذا القول الباطل. فكيف كان أميناً في نقل جميع النبوات وتحقيقها في حياة المسيح. ومن ثم حسب قول المسلمين أن النبوات حول محمد موجودة في الإنجيل حتى يومنا هذا هل بقي الإنجيل أميناً طوال هذه الفترة ومن ثم تغيرت الامور وصار تخيلات من متى وأقوال من بولس وصحبه هذا ضرباً من السخف والجهل وكنا سابقاً تحدثنا عن سور قرآنية لا نجدها اليوم كسورة الخلع والنورين. إضافة إلى الآيات التي نسخت "الغيت أو حذفت" نصاً فلم توجد أصلاً فماذا يُضير القرآن لو أنه وضع هذه الآيات مثلاً واختلاف القراءات بين قوسين ليتبين كل دارس لا يضيره شيئاً بل يصير ادعى للتصديق.
والقرآن بحسب ما يعتقد المسلمين هو كلام الله حرفياً وأنه مكتوب كما نراه اليوم في اللوح المحفوظ وأنه ليس فيه زيادة ولا نقصان. فلقد أورد الزركشي في باب الزائد وأقسامه كزيادة الألف "لا اذبحنه" النمل 21 وزيادة الواو "سأوريكم دار الفاسقين" الأعراف 145 وزيادة الياء"بأييد" الذاريات 47.
والناقص وأقسامه. حذفت الالف "أنا انزلناه قرءناً عربياً" القيامة 17 وحذف الواو مثل "ويمح الله الباطل" الشورى 24 وحذف النون "فلم يك ينفعهم إيمانهم" المؤمن 85. إن هذا الحذف والزيادة في حروف القرآن ليس بفعل بشر بل هكذا نزلت وواضح أن العرب لم يألفوا هذه اللغة فاعتبروها زيادة لأسباب إعجازية أو نقلت بصورة غير الصورة التي كانت عليها أولاً فتفذلك العلماء بأنها من أعجاز القرآن فماذا نقول هل في كلام الله زيادة ونقصان حتى وإن كانت حروفاً فهل يجوز هذا. أن بعض الترجمات تقسم بعض المزامير وبالتحديد 147 إلى مزمورين وترجمات أخرى تجعل المزمور التاسع والعاشر مزموراً واحداً ففي بعض الترجمات تجد 150 مزمور كما هو الحال في ترجمة فاندايك والبعض الآخر 151 فلا اختلاف.
وهذا الأمر يشبه كثيراً ما حصل عندما جمع القرآن ولقد اختلف على سورة التوبة أهي والأنفال سورة واحدة لأنه لم يفصلهما بسملة. أم أنهما صورتان كما في صحيح الحاكم ان عثمان قال كانت الأنفال من أوائل ما نزل وبرأ أي التوبة من آخر ما نزل وكانت قصتها شبيه بقصة التوبة وقضى النبي أي توفي ولم يبين لنا انها منها وظننا أنها منها ثم فرقت بينهما ولم تكتب بينهما البسملة وهذا الكلام للزركشي ويضيف عن مالك أن أولها لما سقط سقطت البسملة وقد قيل أنها كانت تعدل البقرة لطولها وقيل لأنه لما كتبوا المصاحف في زمن عثمان اختلفوا هل هما سورتان أم سورة واحدة تركت البسملة بينهما. انتهى كلامه. والقرآن كما تعلم حديث عهد مقارنة مع التوراة والمزامير إضافة إلى ترحال بني إسرائيل إلى مناطق مختلفة وحملهم أسفارهم معهم حيثما ذهبوا.
- عدد الزيارات: 9948