أدلة وحي الكتاب المقدس
سأل أحدهم الواعظ المشهور سبرجن عما إذا كان يمكنه الدفاع عن الكتاب المقدس، فأجاب السائل ماذا تقول؟ أنا أدافع عن الكتاب!! وهل يدافع أحد عن الأسد؟!! وهذا صحيح تماماً، فالكتاب المقدس يحمل ففي ذاته دلالة وحيه، وكل سطوره وكلماته تحمل الدليل على أنه كتاب الله. ولهذا فهو لا يحتاج منا أن ندافع عنه، بل هو الديني يدافع عن نفسه.
ومرة ذهب أحد الشباب إلى خادم الرب، وكان قد تأثر بأفكار الملاحدة، وطلب منه أن يذكر له اسم كتاب يثبت حقيقة وحي الكتاب المقدس. فقال له الخادم : الكتاب المقدس أجاب الشاب عفواً، إنك لم تفهمني. أريدك أن تذكر لي اسم كتاب يبرهن أن الكتاب المقدس صحيح ، أجاب الخادم أنا لم أخطئ فهمك. أقرأ الكتاب المقدس .. وهذا أيضاً صحيح تماماً ؛ أتُرانا محتاجين أن نوقد مصباحاً لكي نرى الشمس؟! إن الذي لا يرى النور هو ليس بحاجة إلى براهين لإثبات وجود النور ، بل إلى البصر لكي يراه.
ومع أنى سأقدم الآن بعض الأدلة الموجزة على وحي الكتاب. لكنى أنصحك من أعماق قلبي ألا تكتفي بها، بل اقرأ الكتاب المقدس بنفسك، واكتشف عصمته وعظمته بنفسك.
الدليل الأول : قوة تأثيره
لا يوجد كتاب أثٌر ففي تاريخ البشرية بعمق مثل ما فعل الكتاب المقدس. ولا يوجد شيء ففي الوجود كُتبت عنه المؤلفات التالي يستحيل حصرها مثل ما حدث مع الكتاب المقدس.
ولا عجب، فهو بخلاف الكتب البشرية ، يناسب كل شعوب العالم ، متخطياً حدود القومية، مما يبرهن أن مصدره سماوي. وهو كتاب كل العصور إذ لا يوجد كتاب قديم مثله لازال البشر يقرأونه بشغف ولذة وخشوع، مما يدل على أن صاحبه هو الله الأزلي ألهى. وهو كتاب الأجيال كلها ، إذ لا توجد قصص ملذة للصغار مثل قصص الكتاب المقدس ، ولا نصائح أكثر نفعاً للشباب من نصائح الكتاب المقدس، ولا رفيق للرجال أو أنيس للشيوخ أعظم أو ألذ من الكتاب المقدس.
قال هيجل فيلسوف الألمان إن الكتاب المقدس كان لي وقت مرضى خير معز
وقال المخترع الأصلي جورج سلدن وهو على حافة الموت
ليس هناك كتاب ففي الوجود ترتاح إليه نفوسنا عند الموت إلا الكتاب المقدس
إن من يقرأ الكتاب المقدس فإنه سينحني بخشوع أمام سلطانه غير المحدود، وإلا فإنه سيقاومه. لماذا يحبه المؤمنون ؟ لأنه
أحلى من العسل وقطر الشهاد مزمور 19 : 10 .
ولماذا يكرهه الناس ؟ لأنه الحق الذي يصل إلى الضمائر فيبكتها.
ولماذا يقاومونه؟ لأنه سيف الروح أفسس 6 : 17 .
والناس لا يتسلحون في مواجهة القش، بل في مواجهة السيف
الذي يرتعبون من مضاء حديه!!
مرة وقف أحد المبشرين يعظ، فقاطعه فيلسوف كان حاضراً الاجتماع بالقول : من قال إن الكتاب الذي تعظ منه هو كتاب الله؟ فرد المبشر عليه بهدوء طالباً منه إن كان بوسعه أن يحضر إلى الاجتماع في اليوم التالي ومعه شخص واحد كان معروفاً في المدينة بفساده وشره، ولما قرأ فلسفاته أو أية فلسفة أخرى تغيرت حياته إلى حياة جديدة فاضلة. وفي المقابل لذلك فإنه أي المبشر مستعد أن يحضر معه عشرات ممن كانوا أشراراً وسكيرين وتعساء، لكن الكتاب المقدس بدّل حياتهم إلى حياة التقوى والسعادة!
عندما كان الشاعر والقصصي الإنجليزي الشهير والتر سكوت على فراش الموت، قال لصديقه وصهره لوكهارت أن يقرأ له في الكتاب. ولما نظر ذاك إلى المكتبة الضخمة، وما فيها من آلاف الكتب، سأله أي كتاب تقصد؟ أجاب السير والتر: لا يوجد سوى كتاب واحد يجب أن ندعوه الكتاب، وهو الكتاب المقدس!
نعم، صدقت يا والتر ، فإن كتاب الكتب هذا هو وحده الكتاب لأنه هو كتاب الله.
الدليل التالي : وحدة موضوعه
إنك إذا قرأت الكتاب المقدس بإخلاص سوف تُقِر بالوحدة العجيبة التي تجمعه. وكم يبدو هذا غريباً إذا عرفت أنه كتب بواسطة كُتّاب مختلفين، عاشوا في أزمنة متباعدة، وظروف اجتماعية متباينة؛ مبتدأ بموسى الذي تهذب بكل حكمة المصريين، منتهياً بيوحنا صياد السمك الذي هو عديم العلم وعامي. الأول كتب أسفاراً خمسة في أولى أسفار الكتاب، والأخير كتب أيضاً أسفاراً خمسة في آخر أسفار الكتاب. موسى كتب أسفاره الخمسة في التيه في سيناء، وهو محاط برمال البرية، والأخير كتب آخر أسفاره الخمسة سفر الرؤيا في النفي في جزيرة بطمس، وهو محاط بمياه البحر. وبين أول وآخر من كتب مرت 1600 سنة، أي نحو أربعين جيلاً فيها قام نحو أربعين كاتباً مختلفاً بكتابة أسفار الكتاب المقدس.
كان بين من استخدمهم الروح القدس لكتابة أسفار الكتاب المتعلم كلوقا الطبيب والأمي كعاموس جاني الجميز، الفيلسوف كبولس والشاعر كداود، القائد العسكري كيشوع والكاتب الذي كعزرا ، كان فيهم العظماء : ملك ورئيس وزراء، كسليمان ودانيال، وكان فيهم البسطاء : عشار ونجار، كمتى ويعقوب. لكن على الرغم من ذلك التنوع والتباين في الكُتَّاب خرج في النهاية كتاب واحد ، فكر متجانس يربط صفحاته معاً من الأول إلى الآخر. مما يؤكد أن الكُتّاب البشريين كتبوا واحداً تلو الآخر وماتوا، لكن الكاتب الحقيقي، استمر من الأول للآخر، وهو الروح القدس.
ثم إنك لتلحظ تقدماً في الإعلان. فالقضاة عرفوا أكثر من الآباء، والأنبياء أكثر من القضاة، والرسل أكثر من الأنبياء، دون أن يكون هناك أدنى تعارض بين ما أعلنوه جميعاً بالوحي. أليس هذا عجيباً؟!
ثم ما أروع تكامله التاريخي ! فالكتاب المقدس يغطى تاريخ البشرية من البداية إلى النهاية دون فجوات تاريخية. فسفر ينتهي ليبدأ سفر آخر من حيث انتهى سابقه تماماً، كأن الكاتب الأول سلم الراية لمن تلاه. مع أنهما قد لا يكونان التقيا على الأرض إطلاقاً!
هذا التكامل التاريخي لم يكن من عمل إنسان ، لكنه نما شيئاً فشيئاً عبر الأجيال حتى برز إلى الوجود بهذا الكمال المعجزي. والواقع أنه بدون الكتاب المقدس لظلت صفحات كثيرة في التاريخ لا نعلم شيئاً عنها. الكتاب المقدس هو أعظم كتاب تاريخي على الإطلاق!!
ثم تأمل معي موضوع الكتاب المقدس. إن موضوعه من الأول للآخر هو المسيح. ومن لا يفهم هذه الحقيقة سيتعذر عليه فهم الكتاب المقدس، وتختلط الأمور في ذهنه كما حدث مع تلميذي عمواس انظر لوقا 24 : 27 . وبالإجمال نقول إن العهد القديم كله يشير متقدماً إلى الشخص الذي سيأتي، والعهد الجديد يشير راجعاً إلى الشخص الذي أتى:
في أسفار موسى نرى صوراً ورموزاً عن المسيح.
وفي كتاب الأنبياء نجد النبوات عن المسيح.
وفي المزامير نستمع إلى مشاعر المسيح وهو على الأرض.
ثم في الأناجيل إذ نلتقي بشخصه فعلاً فان لنا الحقائق الخاصة بالمسيح.
وفي الرسائل نجد ثمار المسيح التي ينبغي أن تظهر في تابعيه.
لكأننا في العهد القديم نرى المسيح مُظلَلاً، وفي العهد الجديد نراه مُعلَناً. وكما أن المساء والصباح يوم واحد، هكذا العهد القديم والعهد الجديد كتاب واحد. أليس هذا كله عجيباً!!
الدليل الثالث : صدق نبواته
إن نبوات الكتاب المقدس هي واحد من أقوى الأدلة على وحيه. لأن من يستطيع أن يخبرنا عما سيحدث بعد مئات وآلاف السنين سوى الله؟انظر إشعياء 41 : 23 فإذا كان هذا الكتاب يحتوى على نبوات قيلت قبل حدوثها بأجيال وقرون وتمت بكل دقة، فهذا دليل لا يُنقَض على أنه فعلاً كلمة الله.
لقد حسب أحد الدارسين عدد نبوات الكتاب المقدس فوجدها 10385 نبوة. ولهذا فقد أطلق الرسول بطرس على هذا الكتاب الكلمة النبوية وقال إننا نفعل حسناً إن انتبهنا إليها 2بطرس 1 : 19 .
وسنذكر بعضاً من أبرز هذه النبوات التي تمت.
1 نبوات عن المسيح
لقد وردت في العهد القديم نحو 333 نبوة عن المسيح مثل :
إنه سيولد من عذراء إشعياء 7 : 14 انظر متى 1 : 22, 23
وإنه سيولد في بيت لحم ميخا 5 : 2 انظر متى 2 : 5, 6
وعن إلتجائه إلى مصر هوشع 11 : 1 انظر متى 2 : 15
وعن حياته الكاملة الفريدة إشعياء42: 1ـ4 انظر متى 12 : 14ـ 21
وعن دخوله إلى أورشليم فإننا
موكب راكباً على جحش زكريا 9 : 9 انظر متى 21 : 4,5
وأن أحد تلاميذه سيخونه مزمور41 : 9 انظر يوحنا 13 : 18
وعن موته على الصليب مزمور22: 6 انظر متى 27 : 35
وعن دفنه في قبر رجل غنى إشعياء53: 9 انظر متى 27 : 57ـ60
وعن قيامته مزمور16: 10 انظر أعمال 2 : 31
هذه النبوات وكثير غيرها يتضمنها الكتاب العظيم، كتاب الله وهي موجودة في توراة اليهود الذين يكرهون يسوع وينكرون أنه المسيح.
فهل تمت هذه النبوات كلها في الرب يسوع مصادفة أم أن وجودها في التوراة يؤكد أن هذه التوراة في جزء من كتاب الله العظيم، الكتاب المقدس؟!
للإجابة على هذا الاستفسار اختار أحد علماء الرياضيات بأمريكا، واسمه بيتر ستونر، أوضح 48 نبوة من هذه النبوات التي تزيد على الثلاثمائة. ثم طبق نظرية الاحتمالات في أن تتحقق تلك النبوات عن طريق المصادفة في شخص واحد. فماذا كانت النتيجة؟
لو كان الأمر مجرد صدفة ولم تكن هذه النبوات جزءاً من كلمة الله الذي يعرف النهاية من البداية فإن احتمال حدوث هذه النبوات الثماني والأربعين فقط في شخص واحد هو فرصة واحدة أمام رقم هائل يكتب هكذا :
واحد وأمامه 181 صفراً !!!
10,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,
000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,00
0,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000,000
ملاحظة بسيطة لتصوير مقدار عظمة هذا الرقم فإننا سوف نأخذ الرقم 100,000,000,000,000,000
أي واحد وأمامه 17 صفر
فلو أحضرنا عدد من الريالات الفضية تساوي هذا الرقم وفرشناها على أرضية مصر لغطيناها بعمق 60 سنتيمتر , والآن خذ أحد الريالات وضع عليه علامة واخلطه مع بقية الريالات وانثرها على ارض مصر , ثم غطّ عيني شخص واطلب منه أن يسافر حيثما يشاء ليستخرج هذا الريال .أي فرصة تكون أمامه ليجد هذا الريال ؟؟؟؟
فكيف إذا أتينا إلى الرقم واحد وأمامه 181 صفراً
إن عدد الالكترونات في كل الكون قد لا تساويه؟؟
ألا يكون رفض الكتاب المقدس والحال هكذا هو كمن يرفض الاعتراف بنور الشمس؟!
2 شعوب الأرض والقارات
وردت هذه النبوة في تكوين 9 على فم نوح، أي يرجع تاريخها إلى ما قبل الميلاد بنحو 2500 سنة. فهل تمت؟ نعم إنها تمت بكل دقة !
فحام، ومنه عمرت قارة أفريقيا ـ القارة السوداء ـ لم يذكره نوح في بركته لأولاده، فظلت معظم القارة الأفريقية أجزاء منسية.
وعن سام، الذي منه عمرت قارة آسيا قال مبارك الرب إله سام ، فجاء كل الأنبياء وكتبة الوحي من نسله.
وعن يافث، الذي منه عمرت قارة أوروبا قال ليفتح الله ليافث ، ففتح له الله، واكتشفوا الأمريكتين ثم أستراليا. وقال أيضاً
ليسكن في مساكن سام فكانوا هم أشهر غزاة وفاتحين في كل تاريخ العالم !!
3 أعجب النبوات اليهود
لما سأل فريدريك الكبير ملك بروسيا، واعظ قصره : هل تقدر أن تبرهن على صدق الكتاب المقدس بكلمتين. أجابه : اليهود يا مولاي!
فمجيء المسيح إليهم، ورفضهم إياه، وبالتالي خراب هيكلهم، وتشتتهم في كل العالمعقاباً لهم على شرهم، كل هذا تفيض به نبوات الكتاب المقدس. وما تجمعهم الآن في أرض فلسطين وقد ذكرته النبوات أيضاً ، إلا لكي يجتازوا أولاً في الضيقة العظيمة التي لم يكن مثلها، ولن يكون. وإني أترك القارئ العزيز ليعرف ذلك بنفسه، إن أراد، مستعيناً ببعض الفصول الهامة مثل تثنية 28، دانيال 9، حزقيال 36 ,37 متى 23 الجزء الأخير مع 24 .
هذا بالإضافة إلى النبوات الدقيقة جداً التي تعطى لنا وصفاً لإمبراطوريات العالم المتعاقبة دانيال 2, 7 والنبوات عن زوال بعض المدن من الوجود وعدم بنائها من جديد إشعياء 13، حزقيال 26 . وطابع الأيام الأخيرة التي نحن فيها الآن : سواء حالة الناس السياسية والاجتماعية لوقا 21 أو الروحية 2بطرس 2, 3 وغيرها الكثير جداً.
4 دقته العلمية
مع أن الكتاب المقدس ليس كتاباً علمياً بل هو كتاب روحي، يكلمنا عن الخالق لا الخليقة، وعن الخلاص ألهي لا نظريات العلم المرتبطة بالعالم الذي يزول. ومع أنه لم يُصغ في أسلوب علمي وإلا استحال على البشر البسطاء أن يفهموه، ومع أنه لم يركز على الحقائق العلمية وإلا لتعارض مع أفكار البشر في فترات كثيرة كانت العلوم فيها لازالت في بدايتها، لكنه مع كل هذا كتاب دقيق جداً من الناحية العلمية إذا أشار عرضاً لأي من حقائق العلم.
في سنة 1861 أعلنت الأكاديمية الفرنسية للعلوم عن اكتشافها 51 غلطة في الكتاب المقدس. لكن مع تقدم العلم صحح العلم نفسه، وقلٌت هذه الغلطات المنسوبة للكتاب. ثم مع مرور الأعوام، إتضح أن الأخطاء الواحد والخمسين كانت كلها أخطاء الأكاديمية لا أخطاء الكتاب المقدس !!
وسنذكر القليل جداً من الحقائق العلمية المذهلة التي في الكتاب المقدس :
1 كروية الأرض :
التي كان أول من اكتشفها كولومبس عام 1492. لكن إشعياء، قبل الميلاد بنحو سبعمائة عام، قال عن الله
الجالس على كرة الأرض وسكانها كالجندب إشعياء 40 : 22 .
2 الفضاء السابح فيه الكون :
قبل كتابات اسحق نيوتن عام 1687 لم يكن الناس يعرفون ذلك. لكن أقدم سفر في الكتاب المقدس ـ سفر أيوب ـ سجل هذه الحقيقة بكل وضوح
يمد الشمال على الخلاء ويُعلٌق الأرض على لا شيء أيوب 26 : 7 .
3 إستهلاك كتلة الأجرام السماوية :
أوضح العلم الحديث أنه نتيجة ما تشعه الأجرام السماوية من طاقة حرارية وضوء فإنها تفقد مقداراً معيناً من كتلتها باستمرار. ولقد أشار الكتاب المقدس من نحو ثلاثة آلاف سنة لهذه الحقيقة في أسلوب رائع لما قال عن هذه الأجسام
هي تبيد.. وكلها كثوب تبلى مزمور 102 : 26، عبرانيين 1 : 11 .
ونحن نعرف أن الثوب لا يبلى دفعة واحدة، بل تتناقص جدته شيئاً فشيئاً، ويأخذ في القدم يوماً بعد يوم. هكذا الأجرام السماوية !!
4 تحلل العناصر :
لم يكن أحد يتحدث عن تحلل العناصر قبل القرن العشرين عندما جاء البرت إينشتين بتفجيره النووي، التفجير الذي يصاحبه ضجيج رهيب وحرارة هائلة. لكن الرسول بطرس، صياد السمك، كان قد سبق وتحدث عن هذا الأمر إذ قال:
يوم الرب الذي فيه تزول السموات بضجيج وتنحل العناصر محترقة...
... تنحل السموات ملتهبة والعناصر محترقة تذوب
2بطرس 3 : 10 ـ 12 .
وهناك قصتان طريفتان عن الدقة العلمية للكتاب.
القصة الأولى : عن العالم متى موري ، الذين يسمونه أبا المسالك البحرية، إذ كان أول من رسم الخرائط لطرق البحار وأسٌس علم جغرافية المحيطات. فلقد حدث أثناء مرض ذلك العالم أن دعا ابنه ليقرأ له في الكتاب المقدس فقرأ له في سفر المزامير، ولفت نظره قول داود في مزمور 8 : 8 إن الرب مسيطر على سمك البحر السالك في سبل المياه
أستوقف الأب ابنه وطلب منه إعادة قراءة الآية مرة ثانية. ولما سمعها ثانية قال هذا يكفى، طالما أن كلمة الله قالت إن هناك سبلاً في المياه ، فلابد أنها هناك، وسأكتشفها. وبعد سنوات قليلة كانت أول خريطة عن هذا العلم الكبير قد رسمها ذلك العالم!
القصة الثانية : حدثت إذ كان أحد ضباط الجيش الأبدي يلقى على زملائه محاضرة عن الكهرباء، وأخذ يوضح الإكتشاف العظيم للورد كلفن، الذي كان من شأنه أن يلمع اسمه، وهو أن المطر يحدث دائماً بسبب تفريغ شحنة كهربائية. وكان هذا الضابط مؤمناً ، فاشار إلى كتاب قديم كان معه وقال: لكن أيها السادة أنا أملك كتاباً أقدم من جون كلفن، سبق اللورد في هذا الإكتشاف .. هذه المفاجأة أثارت شغف الضباط، مما جعلهم بعد المحاضرة يلتفون حول الضابط ليسألوه عن هذا الكتاب القديم الذي أشار إلى اكتشاف كلفن. فأخرج لهم كتابه المقدس وقرأ لهم مزمور 135 : 7، إرميا 10 : 13.
الدليل الخامس : الكتاب يتحدى الكفر!
واجه الكتاب المقدس تحديات ثلاثية رهيبة، في حقب متعاقبة ثلاث:
أولاً : من السلطة السياسية الحاكمة، تمثلت ذروتها في اضطهاد الإمبراطورية الرومانية الوثنية له ، في القرون الثلاثة الأولى للمسيحية.
ثانياً : من السلطة الدينية ذاتها في العصور الوسطى المظلمة، إذ حجبته الكنيسة عن الناس ومنعت تداوله، بل واضطهدت ـ حتى الموت ـ من تجاسروا على ترجمته أو نشره.
ثالثاً : من الهيئات الفكرية، عن طريق الملحدين من الفلاسفة ابتداء من عصر النهضة وحتى اليوم.
ولضيق المقام، أكتفي بالإشارة إلى التحدي الثالث المستمر حتى اليوم، وأذكر هنا حادثة لها مدلولها البليغ عن الملحد الفرنسي الشهير فولتير ، الذي قال متهكماً على الكتاب المقدس إنه في خلال مائة عام سيختفي الكتاب المقدس من الأرض ويدخل التاريخ ومرت المائة عام فيها دخل فولتير التاريخ، وأما الكتاب المقدس فلازال حياً، ويهب الحياة لكل من يقرأه ويطيعه. ومن سخريات التاريخ أن مطبعة فولتير القديمة، وبيته نفسه، عرضا للبيع بعد موته، واشترتهما جمعية الكتاب المقدس واستخدمتهما في طبع وتخزين الكتاب المقدس !!
وحدث عندما أرادت الحكومة الشيوعية في روسيا التخلص من كل ما هو مسيحي لديها أن عرضت للبيع النسخة السينائية للكتاب المقدس التي أشرنا إليها فيما سبق فاشترتها الحكومة البريطانية منها نظير مبلغ نصف مليون دولار. وفي نفس ذلك اليوم بيعت الطبعة الأولى لأعمال فولتير من مكتبات باريس بمبلغ 11 سنتاً!!!
أجل إنه كتاب الله؛ لأنه الكتاب الذي صمد رغم كل المقاومات والتحديات، كما برهن على ألوهية مصدره بكل المعايير وأمام كل الامتحانات. إنه الكتاب الذي كتبه بالوحي العشرات، واشترك في ترجمته الآلاف، ويقوم بطبعه وتوزيعه الربوات، ويحبه ويقرأه الملايين.
والآن ماذا؟
والآن بعد أن عرفت أن هذا الكتاب الفريد الذي ليس له نظير هو كلمة الله، فماذا أنت فاعل بهذه الكلمة؟
عندما يتكلم الله أليس من الواجب أن نسمع؟
أسمعي أيتها السموات وأصغي أيتها الأرض لأن الرب يتكلم
إشعياء 1 : 2 .
وعندما يتنازل الله ليعطينا كتاباً، ألسنا مسئولين أن نقرأه ونفهم ما فيه؟
فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة أبدية وهي التي تشهد لي يوحنا 5 : 39
أما من يرفض هذا الكتاب ويحتقره، أو من يحاول النيل من محتوياته، أو أن يحرفه عن قصده، فإنه على نفسه وحده سيجني. وما أمّر ما سوف يجني!!
قال الحكيم : من ازدرى بالكلمة يخرب نفسه أمثال 13 : 13 .
وقال يوحنا الحبيب عن هذا الكتاب
إن كان أحد يزيد على هذا يزيد الله عليه الضربات... وإن كان أحد يحذف.. يحذف الله نصيبه من سفر الحياة
رؤيا 22 : 18, 19
وقال الرسول بطرس عن الكتب فيها أشياء.. يحرفها غير العلماء .. لهلاك أنفسهم 2بطرس 3 : 16 .
وأما إذا كنت مؤمناً بهذا الكتاب فطوبى لك. هيا بنا إذاً نواصل الحديث في الفصل التالي عن أقدس ما يحتويه هذا الكتاب العظيم من إعلان :
إنه إعلان الله نفسهِ عن نفسهِ
ولإلهنا كل المجد
- عدد الزيارات: 9051