ما هي قصة الخلق؟
الصديق الكريم
اذا فتحنا الكتاب المقدس -وهو كتاب كلام وحي الله - وقرأنا في أول صفحة منه ماذا نجد ? نجد الحل والجواب لكل الاسئلة المحيرة الدافقة من قلبنا الى لساننا. نجد ما يلي: في البد خلق الله السماوات والأرض. وهذه الكلمات القليلة في عددها، ترقى بنا الى حيث لا يستطيع ان يرقى المتفلسفون، وتحملنا في حضرة ذلك الذي هو مصدر كل بركة، وعلة الكائنات كلها عز وجل.
وهذه الكلمات واردة في سفر التكوين، السفر الأول من اسفار الكتاب المقدس. وكلمة تكوين تعني "الأصل" أو البداية. وكاتب هذا السفر هو النبي موسى.
يتدرج سفر التكوين الى الكلام عن عملية الخلق في مختلف مراحلها فيقول ؛ وكانت الأرض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة « لم يكن في الأرض نور، ولا نظام ولا حياة. فكم كانت مفزعة حالة ارضنا قبل ان يقرر الله ان يضبطها بنظام، ويحولها من كوكب سيار خرب خال مظلم الى ارض منظمة عامرة منيرة.
ولكن جدير بنا ان نلاحظ ان الارض في حالتها الاولى تلك، لم تكن قوة عمياء تفعل ما تشاء، بل ؛ كان روح الله يرف على وجه المياه
ونلاحظ ايضا قدرة الله على كل شيء، فيكفي ان يأمر الشيء ان يكون فيكون ؛ كن فيكون« ولا نملك نحن سبر أغوار كمالاته وطبيعته الالهية،ان صفات الله غير متناهية.
فقال الله: ؛ ليكن نور. فكان نور. ورأى الله النور انه حسن «. وفصل الله بين النور،الظلمة ودعا الله النور نهار والظلمة دعاها ليلا. وكان مساء وكان صباح يوما واحدا.
وفي اليوم الثاني، خلق الله الجلد وجعله فاصلا بين مياه ومياه، بين المياه التي تحت الجلد والمياه التي فوق الجلد ودعا الله الجلد سماء. وتعني كلمة الجلد شيء ممتد مطروق. والجلد مرصع بالكواكب المضيئة وتشبه الجلد بما شبهت به السموات اي خيمة منتشرة فوق الارض.
وفي اليوم الثالث، امر الله بقوة كلمته ان تجتمع المياه التي تحت السماء الى مكان واحد وان تظهر اليابسة. وهكذا كان. ودعا الله اليابسة ارضا، ودعا مجتمع المياه بحارا. ورأى الله ذلك انه حسن. وبعد ان كانت الارض مغمورة ومطمورة تحت المياه، اصبحت صالحة للحياة النباتية. ولذلك أمر الله الارض بان تنبت عشبا وبقلا وشجرا. وهكذا كان. فاكتست الارض بالعشب والازهار. يقول الكتاب المقدس : فاخرجت الارض عشبا،وبقلا يبذز بذرا كجنسه، وشجرا يعمل ثمرا بذره فيه كجنسه.
وفي اليوم الرابع أمر الله : لتكن أانوار في جلد السماء لتفصل بين النهار والليل، وتكون لضبط الاوقات والايام والسنين «. فكان كذلك. في ذلك اليوم خلقت الشمس والنجوم وقمر، ومنذ ذلك اليوم والافلاك سائرة في ترتيب ون-ظام، ودقة فائقة تحير الالباب. ومنذ ذلك اليوم بدأت الفصول في سيرها المنتظم البديع.
وفي اليوم الخامس، أمر الله ان تفيض المياه بالاسماك والحيتان، وأمر الطيور على أجناسها ان تطير في الجو، فكان كذلك. وامتلات البحار والانهار بالحيتان والاسماك على اجناسها، وامتلأ الجو باسراب الطيور على اجناسها. ورأى الله ذلك انه حسن وباركها الله قائلا : اثمري واكثري واملأئي المياه، والجو.
وفي اليوم السادس، أمر الله بأن تخرج الارض اجناسا من البهائم ووحوش الارض، ومن كل مل يدب او يزحف. فكان كذلك. فعمل الله وحوش الارض كأجناسها، والبهائم كأجناسها. ورأى الله ذلك انه حسن.
الان وقد اصبح الكون طافحا بالنور، سائرا بالترتيب والنظام، وأصبحت الارض غنية بالاعشاب والبقول الازهار والاشجار، زاخزة بحيوانات الماء والبر والفضاء، وبالاسماك والدبابات والطيور، لم يكن ينقص سوى شيء واحد : كان ينقص الخليقة رأس. كان ينقصها من يملأ الارض ويخضعها، ويتسلط على السمك والطير وكل ما يدب وعلى كل بقل وثمر وشجر...... كان ينقصها الانسان.
خلق الانسان :
قال تعالى : "نعمل الانسان".وفي كلمة "نعمل" إشارة الى التدخل الالهي مباشرة في خلق الانسان. ودلالة على العناية الخاصة بها صنع الله الانسان، معلنا لنا بذلك انه اله القدرة الخلاقة والمحبة غير المتناهية.
أولاً : تظهر عناية الله بالانسان في خلقه. فالكتاب المقدس يقول: جبل الرب الاله آدم ترابا من الارض ونفخ في انفه نسمة حياة، فصار آدم نفسا حية ؛ صحيح ان الانسان جبل من التراب، مما يشير الى ضعف الحالة التي منها أخذ. ولكن هذا التراب في يد الخلاق الذي ليس عليه أمر عسير، قد تحول الى اثمن من التبر النفيس. لقد تحول التراب، بفضل نفخة الله، الى نسمة حياة. واذا الانسان مزين بالعقل والارادة والحرية، مزين بالجسد والنفس والروح.
ثانياً : تظهر عناية الله بالانسان في تدخله لصنع رفيق معين لآدم نظيره. قال الله ؛ ليس جيدا أن يكون آدم وحده، فاصنع له معينا نظيره "فاوقع الرب الاله سباتا على ادم، فنام. فأخذ واحده من اضلاعه وملأ مكانها لحما، وبنى الرب الاله الضلع امرأة واحضرها الى آدم، فدعاها آدم امرأة لأنها من امرىء اخذت ".
جميع البشر يولدون بتناسل طبيعي، الا آدم فانه خلق بيد الله القديرة، وحواء فانها صنعت من احدى اضلاع آدم بيد الله القديرة. وبهذا الشأن يقول الوحي الالهي : ان الرجل لم يخلق من اجل المرأة، بل المرأة من اجل الرجل....الرجل ليس من دون المرأة، ولا المرأة من دون الرجل في الرب، فكما ان المرأة هي من الرجل كذلك الرجل هو ايضا بالمرأة. وكل شيء من الله.
ثالثاً : تظهر عناية الله ومحبته في انه - تعالى - وضع آدم في جنه بديعة هي غرس يد الله. يقول الكتاب : وغرس الرب الاله جنه، ووضع آدم. وانبت الرب الاله من الارض كل شجرة جميلة المنظر طيبة المأكل. واللفظ غرس « تعبير مجازي يؤدي معنى بديعا هو ان الله هو الذي خلق الجنة. فمثلا اذا صح ان للانسان يدا فما يمنع ان يكون لله يد قديرة، ليست كاليد البشرية؟
رابعا :،اخيرا تظهر عناية الله بالانسان في اخضاعه عالم الحيوان والنبات والجماد تحت سلطة آدم وقيادته. يقول الكتاب المقدس : ؛ ان الله بارك ابوينا الاولين وقال لهما:
اثمروا واكثروا واملأوا الارض واخضعوها، وتسلطوا على السمك والطير، وعلى كل حيوان يدب على الارض. اني قد اعطيتكم كل بقل، وكل شجر فيه ثمر.
وهذه الجنة التي سكن بها آدم وحواء كانت على الارض. ومما يثبت ذلك ان الكتاب المقدس يذكر صريحا اثنين من الانهر الأربعة التي كانت تحيط بالجنة وتسقيها وهما دجلة والفرات
نوضح بان جنة عدن غير الجنه المذكورة في الاسلام..... الجنة ليس لها ذكر البتة في الكتاب المقدس.
- عدد الزيارات: 16007