Skip to main content

كيف تُقام الصلاة عند المسيحيين؟

إلى الصديق العزيز:

الصلاة عند المسيحيين نوعان: الأولى: وهي الصلاة الفردية التي يسكب فيها المصلي نفسه أمام الله بالصلاة والدعاء منفرداً لوحده. والثانية: الصلاة الجماعية، حيث يشترك فيها المصلي مع عدد من المؤمنين للصلاة والدعاء في بيت الله المخصص للعبادة والمعروف بالكنيسة، أو في مكان آخر مخصص للعبادة، إذ كثيراً ما كان يصلي المؤمنون الأوائل في المنازل. فالمؤمن يستطيع أن يُصلي في كل زمان ومكان. والجدير بالذكر أن بعض الكنائس المسيحية تستعمل كتباً خاصة للصلاة، تجمع فيها الطِلبات والابتهالات والاعترافات، والتعاليم والتفاسير والأقوال المستمدة من الكتاب المقدس، كلمة الله، التي علمها المؤمنون من رجال الله الأمناء، خلال الأجيال المتعاقبة التي مرّت بها الكنيسة. وتعتبر هذه إذا استعلمت، مجرّد اختبارات روحية تتضمن نماذج من شهادات الإيمان، وهي تستعمل لمساعدة العابدين على جمع أفكارهم ووضعها بصورة متناسقة ومتوافقة. وتستعمل مثل هذه عادة في الصلاة الجمهورية. أما الصلوات الفردية، فتكون عادة مرتجلة أو محفوظة، يرفعها المؤمن بحرارة عندما يسكب نفسه أمام الله في الصلاة والدعاء. ولكل مؤمن الحرية أن يرفع تضرعاته إلى الله بحسب احتياجاته وحسب تنوّع الظروف بالنسبة له.

أما بخصوص أوضاع العبادة، فليس هناك ما يفرض على المؤمن الركوع أو الجلوس. فليست هناك طريقة معينة أو ركعات محددة، ولا يطلب أو يُفرض عادة على الفرد المصلي أن يركع، مع العلم أن البعض يركع أو يقف خاشعاً كتعبير عن التذلّل والخضوع أو الخشوع لله. فالمهم في الصلاة أن يكون الإنسان في شركة روحية عميقة مع الله، وأن تنبع صلاته من قلب مؤمن خاشع.

هل من أوقات معينة للصلاة عند المسيحيين؟

في الواقع، إن الكتاب المقدس لا يحدّد أوقاتاً معينة للصلاة، فالإنسان المصلي يستطيع أن يصلي في كل زمان ومكان. ومن المفروض أن يصلي الإنسان لأجل نفسه ولأجل الآخرين (يعقوب 16:5). لأجل الأقرباء والأصدقاء وحتى الأعداء (متى 44:5). ويجوز للإنسان المصلي أن يطلب من الله ما يحتاج إليه للجسد والنفس، على أن يطلب أولاً ملكوت الله وبرّه (متى 33:6). ومع أن الكتاب المقدس لا يحدد أوقاتاً معينة بالصلاة، إلا أنه يُستحسن حفظ أوقات معينة، إذ كان المؤمنون في العهد القديم ورسل المسيح أيضاً يصلّون عند الساعة الثالثة والسادسة والتاسعة من النهار، وعند بداية الليل، وعند تناول الطعام (مزمور 17:55 ودانيال 10:6 ولوقا 1:18 وأعمال 1:3 و3:10 و9 و30 و1تيموثاوس 3:4-4). وهناك من يصلي صبحاً وظهراً ومساءً وعند تناول الطعام وبعده، بالإضافة إلى الصلاة الجمهورية التي تقام في بيوت العبادة في أوقات معينة، مثل أيام الآحاد والأعياد الدينية. كما أن الكنيسة المسيحية على مرّ العصور رتّبت أوقاتاً خاصة للصلاة بالنسبة إلى الطقوس الكنسية المختلفة. ويعملنا الكتاب المقدس أنه على المؤمنين أن يصلّوا دائماً فيقول: "صلوا بلا انقطاع"(1تسالونيكي 17:5). ويقول أيضاً: "واظبوا على الصلاة والطلبة"(أعمال 1:14). ويقول السيد المسيح:".. ينبغي أن يُصلى كل حين ولا يُمل"(لوقا 1:18). فعلى المؤمن أن تكون حياته حياة صلاة.

المسيح يريد قلوباً نظيفة، أفكاراً نقيّة تتجه إلى الله بإيمان وبروح الصلاة. لذلك يمكن أن يصلي الإنسان في عمله وفي بيته وفي مدرسته أو في أي مكان آخر دون أن يفرض عليه الاغتسال قبل الصلاة. وكما ذكرنا، المهم في الأمر هو الاختلاء بالله والشركة معه بغضّ النظر عن الزمان أو المكان. كما أنه ليس من الضروري الاغتسال قبل الصلاة، لأن الله يريد قلب المصلي وفكره أن يكونا نظيفين.

هل هناك أمور تنجّس الإنسان المصلي وتبطل مفعول صلاته؟

إن الإنجيل المقدس لا يذكر شيئاً يبطل مفعول الصلاة الصادقة الخارجة من قلب المؤمن. والاعتقاد السائد، أنه لا يوجد سوى الشيطان والأفكار الشريرة ومخالفة الإنسان لشرائع الله. كل هذه وما شابهها، تسيطر على الإنسان وتحاول أن تبعده عن محور صلاته، وبخلاف ذلك، فإن الإنسان المصلي يستطيع أن يؤدّي صلاته الانفرادية في كل زمان ومكان وفي كافة الظروف والأحوال.

هل هناك شروط خاصة بالصلاة؟

لا يوجد شروط خاصة بالصلاة، سوى أن تكون الصلاة حقيقية نابعة من القلب، والتي يسميها الكتاب المقدس "صلاة الإيمان". كما يُطلب من المسيحي أن يرفع صلاته باسم المسيح، لأن المسيح هو الوسيط الوحيد بين الله والناس كما يقول الكتاب المقدس "لأنه يوجد إله واحد، ووسيط واحد بين الله والناس، الإنسان يسوع المسيح"(1تيموثاوس 5:2). وقد خاطب المسيح تلاميذه قائلاً: "مهما سألتم باسمي فذلك أفعله"(يوحنا 14:13). وقد حدّد الرسول يوحنا شروط الصلاة عند المسيحيين حين قال: "هذه هي الثقة التي لنا عنده، أنه إن طلبنا شيئاً حسب مشيئته يسمع لنا"(1يوحنا 14:5). وهكذا، فكل ما نطلبه من الله بالإيمان يُستجاب لنا، شرط أن لا تتضمن صلاتنا إيذاء أو مضرّة الآخرين. فلنرفع صلاتنا إلى الله في الضيق والفرح وفي الحزن، ونكون دائماً في شركة روحية مع الله، وبهذا نتأكد أن الله يكون معنا دائماً.

مع تحيات قاسم إبراهيم 

لمزيد من الفائدة والإضطلاع على موضوعات مشابهة، الرجاء زيارة موقع النور.
  • عدد الزيارات: 31644