كيف تتأكد من خلاصك؟
الأخ الفاضل:
يقين كامل عندما ننال الخلاص، علينا أن نتيقن من ذلك وإلا فكيف نكون شهوداً للمسيح. إن تعاليم الكتاب المقدس هي تعاليم إيجابية وقاطعة، وعندما نقرأها ننال اليقين من الروح القدس، ليس الروح القدس روح شك فهو لا يكتب أموراً مشكوكاً فيها، فوعود الله هي "نعم" و"أمين" وليس "لا" أو "ربما"، يكتب لنا الوحي المبارك هذه القصة التي حدثت منذ حوالي ألفي سنة، عندما حدث زلزال في مدينة اسمها فيلبى إذ تزلزل السجن وتزلزل أيضاً حارسه وصرخ "ماذا أفعل لكي أخلص" ولم يقل الرسول الذي اسمه "بولس" عندئذ: "حسناً ! ماذا تظن؟ أنت هل لديك أفكار معينة؟" بل قال له عبارة محددة وحاسمة: "آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك"(أعمال 16: 31). لذلك فالكتاب المقدس هو رسالة الله، وليس مجرد كتاب يحوى آراء مسيحية، كما أن تعاليمه ليست أفكاراً مقترحة تنال تقديراً خاصاً من رجال الدين والفلاسفة، بل هي إعلانات سماوية، فالخلاص ليس اختباراً عفوياً أو تلقائياً، فعندما نتوب ونؤمن ونأتي إلى الرب يسوع المسيح مخلصنا، يقبلنا ويطهرنا بدمه الثمين، فنختبر قوله: "من يقبل إلى لا أخرجه خارجاً "(يوحنا 6: 37)، "لأن ابن الإنسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك "(لوقا 19: 10)، إن الخلاص هو أمر حتمي وكامل، ومن الغريب أن يظن البعض أن يسوع يجدنا ويقبلنا ولكنه لا يريدنا أن نعرف ذلك.... لكنه في الحقيقة لا يخفي هذا الأمر عنا، وهناك دليل قاطع من كلمة الله المقدسة يقول: "الروح نفسه يشهد لأرواحنا أننا أبناء الله"(رومية 8: 16)، نعم... "إذاً لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع "(رومية 8: 1). يوقّع الله على هذا القرار قائلاً: "ولن أذكر خطاياهم وتعدياتهم في ما بعد"(عبرانيين 10: 1)، "لأن السماء تفرح بخاطئ واحد يتوب"(لوقا 15: 7). فها هو الرب الديان يريدنا بعد أن نتبرر بالنعمة أن نكون متيقنين من خلاصنا. علينا أن نعرف وعد يسوع المسيح في (يوحنا 5: 24) بأننا لا نأتي إلى الدينونة. هذا جزء من اختبار الخلاص إذ أننا حين ننال الخلاص نتخلص من كل خوف وشك. لقد قال الوحي: "من يؤمن بابن الله فعنده الشهادة في نفسه... كتبت هذا إليكم أنتم المؤمنين باسم ابن الله لكي تعلموا أن لكم حياة أبدية، ولكي تؤمنوا باسم ابن الله"(1يوحنا 5: 10،13). لاحظ هاتين الآيتين تقولان في تأكيد شديد "عنده", "لتعلموا" لا يقول "سيكون لكم" حياة أبدية بل "لكم" حياة أبدية الآن، فهذه الآية تحتوي على مفاتيح تأكيد الخلاص: الكلمة المكتوبة، الإيمان، المعرفة، الحصول على الاختبار، الحياة الأبدية وثم ابن لله (روحياً طبعاً)، كما يعطي الله لنا هذه المفاتيح مكتوبة في كلمته، وهذا يعني أنه يجب علينا أن نقرأ الكتاب المقدس.
يتحدث المبدأ الكتابي عن حتمية تأكيد أي شيء على يد شاهدين أو ثلاثة. وتأكيد الخلاص أمر في غاية الأهمية حتى أن الله قد أعطاه قوة تأكيد مضاعفة عن طريق شاهدين إلهيين لا يمكن أن يخطئا هما "كلمة الله" و "روح الله".
الشاهد الأول: هو كلمة الله:
عندما نتحدث عن تأكيد الخلاص يود كثيرون أن تسجل مشاعرهم هذا التأكيد وهذا خطأ شائع تنتج عنه نتائج مدمرة. فالله لم يقل قط أن مشاعرنا هي مفتاح تأكيد خلاصنا، لأن تأكيد الخلاص لا يعتمد على حالتنا النفسية، بل على كلمة الله الأبدية، وبرغم من أن النفس البشرية هي أبدع المخلوقات إلا أن الله خلقنا لتتباين مشاعرنا كلما اختلفت ظروفنا،فأحيانا تكون نفسيتنا مرتفعة أو منخفضة، وأحياناً نكون فرحين أو حزانى طبقاً لحالتنا الذهنية حتى بعد أن نخلص. إن المخلصين لا يبتسمون طول الوقت ابتسامات مصطنعة، لأنهم قد دخلوا في خطة الله الأصلية لحياتهم ولا حاجة لهم أن يعتمدوا على حالتهم النفسية كمقياس لحصولهم على الخلاص أو عدمه، لأن الخلاص مؤسس على صخرة قوية هي كلمة الله الأبدية، حسب قول يسوع: "السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول"(متى 2: 35). وهذه الصخرة كلمة الله هي المخبأ الذي ينبغي أن نلجأ إليه عندما يهاجمنا الشيطان بالشكوك، فلقد حصلت على الخلاص لأن كلمة الله تقول هذا، ومهما شعرت يجب أن يبقى يقينك ثابتاً، فإذا أردت مزيداً من الإثباتات أقرأ رسائل يوحنا (العهد الجديد) ففي رسالة واحدة استخدم الرسول كلمة "نعرف" ثلاثين مرة منها:
- بهذا نعرف أننا عرفناه..... - بهذا نعرف أننا فيه.....
- قد عرفتم الذي من البدء.... - نعرف أننا نثبت فيه......
- تعلمون الحق.... ونحن نعلم أننا قد انتقلنا من الموت إلى الحياة...
- نعلم أننا نحن من الله.... وهكذا الخ...
وهذا لا يجعل المؤمنين يقولون أنهم يعرفون كل شيء بل يقرون أنهم لا يعتمدون على مهارتهم ولا على قدراتهم للوصول إلى العالم الروحي، ولكي تتأكد من أمر واحد فإنك لا تحتاج أن تتأكد من كل شيء، ولكن عليك أن تثق فقط في الله الذي هو"أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم"(1يوحنا 1: 9) فالذي وعد هو أمين، فإننا نعلم من نحن.... فنحن أولاًد لله "روحياً". قال يسوع: "الحق أقول لكم إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية ولا يأتي إلى دينونة، بل قد انتقل من الموت لي الحياة "(يوحنا 5: 24). نعم يا لقوة تلك الكلمات! فهي تقول إن كنت قد تبت وقبلت يسوع كمخلص شخصي لك فإن لك بالفعل حياة أبدية وقد انتقلت من الموت إلى الحياة... مجداً للرب......
إن البشارة هي كلمة الصليب، وخلاصنا ليس مجرد نظرية، وهو غير مؤسس فقط على العواطف لكنه مؤسس على حقيقة أن المسيح مات لأجل خطايانا حسب الكتب (1كو 15: 3). فإذا كنت ترغب في الحصول على التأكيد والضمان بأن السماء ترحب بك والله راض عنك اليوم ويقف إلى جوارك، دعني أشرح لك كيف يحدث ذلك:
أولاً: نستمع إلى البشارة السارة..... المسيح مات عن خطايانا.
ثانياً: عندما نتوب ونؤمن بكلمة الله نستطيع بقوة الله أن نحصل على ما قدمه المسيح بموته الكفاري عنا ونختبر ذلك الأمر قلبياً.
ثالثاً: يحدث أمر رائع، فإن كلمة الله تحيي أرواحنا المائتة ونصبح أحياء وأطهاراً وكاملين في نظر الله لأن الروح القدس ينقل إلى حياتنا ما قد فعله المسيح لأجلنا على الصليب.
كيف تهزم الشك؟
إن مشاعر بولس الرسول في مدينة كورنثوس كانت ضعيفة ومتعثرة بل أنه كان خائفاً على حياته الفانية. لكنه كان يعلم بالرغم من هذا كله أن الله معه، لقد مرت عليه أوقات اختبر فيها الضعف الإنساني، بل أنه كان يشعر بالفشل في الحياة أحياناً. إنما كل ذلك لم يؤثر على يقينه في الرجاء، هل تعلم أن الشيطان يستطيع أن يخدعك بمشاعر كاذبة؟ فهو إن فشل في التشويش عليك بالكلام الكاذب يتحول ليصيب مشاعرك بالاكتئاب. لذلك يحذرنا الكتاب المقدس من أن الشيطان هو أبو الكذاب، وهو سيد هذه الألاعيب، فالبعض يشعرون اليوم بأنهم مخلّصون، ولكنهم في اليوم التالي لا يشعرون بذلك. بينما يبدو أن خلاصهم قد عاد في اليوم الذي يليه، وما إلى ذلك من المشاعر المتقلبة فإن كنت لا تصدق كلام الشيطان الكاذب، فلا تصدق المشاعر الكاذبة التي يقدمها إليك.فماذا يجب أن تفعل؟
الإجابة: أن تذهب إلى كلمة الله، فالكتاب المقدس هو شهادة ميلادك الروحية، حيث تستمد منه القوة والإرشاد فتهاجم مكايد إبليس، وتذكر دائماً كلام الله عندما يقول لك... أنك ابنه،وأن لك حياة أبدية، وكلام الله لا يخطئ أبداً. ضع إيمانك فيه ولن تشعر بالضياع إطلاقاً. ولكن قل لإبليس... لقد انتقلت من الموت إلى الحياة... يوحنا 5: 24. إن كلمة الله تُسكِت المشتكي وتهزم الشك، والكلمة المقدسة هي المرساة الثابتة التي أعطاها لنا الله للتمسك بها، وسوف يحمينا في الحياة والموت. لذلك ثق فيما قاله الله في كلمته المقدسة لأنه "بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه، لأنه يجب أن الذي يأتي إلى الله يؤمن...."(عبرانيين 11: 6).
الشاهد الثاني هو روح الله:
بعد أن أضع ثقتي في كلمة الله التي تعطيني يقيناً في خلاصي بواسطة يسوع المسيح يسكن فيّ الروح القدس ويصير فعالاً: "الروح نفسه يشهد أيضاً لأرواحنا أننا أولاًد الله "(رومية 8: 16). ويفرق الكتاب المقدس بين "روح الله" و "الروح الإنسانية". فروح الله يشهد لأرواحنا الإنسانية أننا أولاد الله. وعندما نقبل الطبيعة الإلهية تؤكد قلوبنا وأرواحنا الجديدة لنا أن الله هو أبونا، وفى الحال تنشأ بيننا وبينه صلة ونصرخ له قائلين "يا أبا الآب"(غلاطية 4: 6).
وهذا الحق يثبت الأمر تماماً بصورة مجيدة، لأنه حتى مشاعرنا ستتوافق مع شهادة الروح القدس فينا ومع الإيمان الذي هو الثقة في كلمة الله التي بدونها لن نستطيع أصلاً أن نتأكد من خلاصنا. فأنا أقرأ في الكتاب المقدس أن الله يدعوني ابناً، لذلك أتستطيع أن أتأكد من أن الله هو أبي وأن كل المؤمنين هم أخوتي، وهذا يجمع أسرة الله معاً بدون تفرقة أو تمييز عنصري أو تمييز في الحكمة أو السن أو في التعليم على الأرض أو السماء، نعم مجداً للرب..... وإذا حاول أناس آخرون أن يلفتوا الأنظار إلى معرفتهم بوضع المشاكل في طريق غيرهم، مفترضين أنهم بذلك يستعرضون "أمانتهم العقلية" فإن يسوع يقول ببساطة أنكم "تضلون إذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الله"(متى 22: 29). فالمنطق لا يستطيع أن يشمل بعد الخلاص الأبدي النابع من عقل الله وقلبه،كما لا تستطيع أنت أن تضع الله في أنبوبة اختبار.
رسالة هامة في الثالوث الأقدس إليك:
في اللحظة التي قبلت فيها الرب يسوع كمخلص شخصي لك، يبدأ الروح القدس فوراً في العمل بداخلك قائلاً لك: الآن قد قبلت المسيح مخلصاً، عليك أن تتأكد أن خطاياك قد غفرت وتم محوها من أمامي (كولوسي 2: 14). بل أكثر من ذلك، فإن اسمك قد كتب في سفر الحياة (لوقا 10: 20).
ويطلب منك أن تظل أميناً إلى الموت (رؤيا 2: 10)، لأن في انتظارك تاجاً وميراثاً لا يتدنس في السماء (1بطرس 1: 3-5). وأخيراً تقوّى في الرب وفى شدة قوته (أفسس 6: 10).
فالخلاص هو أعظم أعمال الروح القدس، ونتائجه عظيمة فهو لا يصلح سلوكنا فقط ولا يريدنا أن نصير مجرد متدينين ولكنه يغيرنا تماماً. إن كنت حقاً قد أصبحت ابناً لله، فإنك ستعرف ذلك بكل تأكيد، والآن قد نفشل في بعض الأحيان. لكن الخلاص يستمر في عمله فيما لنتغلب على ضعفاتنا، لكن لابد أن تكون رغبتنا لإرضاء الله على الأقل حقيقة وحتى يأتي اليوم الذي نرى فيه وجه المسيح الرائع.
وحتى ذلك اليوم عليك مهما حدث أن تردد مع الرسول بولس: (2تيموثاوس 1: 12): "لأني عالم بمن آمنت وموقن أنه قادر أن يحفظ وديعتي (أي حياتي) إلى ذلك اليوم".
مع تحيات قاسم إبراهيم
- عدد الزيارات: 3418