Skip to main content

الخلاص

إن لم تتب

يقول المؤلف في هذا المقطع من كتابه:  

"كلما احتجنا الذهاب الى الرب اكثر، كلما شعرنا أننا نهين أسمه القدوس أكثر. فكم بالأحرى يجب أن يكون موقفنا كريما نحو الآخرين. إنني مقتنع بأن كثيرين من أولاد الله الأعزاء يعرفون القليل عن الشركة الحقيقية مع الأب، لأنهم وببساطه يخبئون ذكريات خاطئة، حقيقية كانت، أم خيالية، والتي لا يريدون نسيانها. فيقول أحدهم: "آه، لو تعرف كم كان جرحه لي سيئا، فسوف لا تستغرب أنني لا أستطيع مسامحته. لو لم يسئ سمعتي ولم يتصرف بهذا السوء، لكان أسهل علي مسامحته، لكن إساءته لي كانت عظيمة". أي تفاهة غريبة هذه، إن يراعيها أبن النعمة. لماذا، لأنه إن لم تساء معاملتك فسوف لا تكون لك فرصه للمسامحة، لكن لأنه قد أسيء إليك فأنت مدعوا لإظهار  نعمة الله للمسيء. 

لربما نحتاج أن نفتكر أكثر في الطرف الآخر بخصوص هذا الموضوع. هل أنا أرتكب الخطأ؟ هل أنا من رفض أن يتوب؟ إذاً فليس لدي أي حق بأن أتوقع منه الغفران، وأبي السماوي ايضاً لا يمنحني الغفران إلا عندما أقول من كل قلبي "أنا تائب". مواهبي نفسها تكون قد تدنست حتى أن الله يرفض قبول محاولتي للسجود له وشكره إلى أن أتوب.  لقد قال المخلص: "فإن قدمت قربانك إلى المذبح وهناك تذكرت أن لأخيك شيئا عليك، فأترك هناك قربانك قدام المذبح وأذهب أولا اصطلح مع أخيك، حينئذ تعال وقدم قربانك" (متى23:5-24). هذا مبدأ ثابت يتجاوز كل تقاليد الشعوب، ومع هذا فكم نكرر تجاهله.

كثيرون هم القديسين, الاخوة والأخوات في الاجتماعات، ينفرون من بعضهم البعض لسنوات عديدة. ناسين أن الخطيئة لا تموت مع كبر السن. محاولين تجاهل الإساءات الحاصلة منذ سنين مضت، مبررين أنفسهم ومواقفهم نحو بعضهم البعض, والبعيدة عن مثال المسيح. مقدمين نار غريبة على مذبحه، متوهمين أنه يقبل المال الذي يقدموه بالظاهر لعمله، والسجود الذي يقدموه في بيته، بينما ما زالوا بخطايا وذنوب لم يعترفوا بها أحدهم للآخر ولله.

لكن الله لا يقبل أي من هذه، إنها كلها مثل الرجاسه في عينيه. لأن عينيه أطهر من أن تنظرا إلى الإثم. إنه سيتقدس بالذين يقتربون إليه. وهو القائل "فلو علمتم ما هو، أني أريد رحمه لا ذبيحة" (متى12:7) فعندما يُصَحَّحُ الخطأ، وعندما يُعتَرفُ بالخطيئة وعندما تَأخُذ دموع التوبة مكان لغة الشفاه، فسَيقبل الله الذبيحة التي قُدِّمَتْ على مذبحه وسَيُعطي " جمالا  عوضا عن الرماد ودهن فرح عوضا عن النوح ورداء تسبيح عوضا عن الروح اليائسة" 

(أشعياء61:3).

نتحدث عن الحاجة للانتعاش، نرنم عن الانتعاش، نصلي لأجل الانتعاش، لكن يظهر أن السماء فوق رؤوسنا من نحاس. يمكن أن نحصل على الانتعاش والبركة غدا لو كنا مستعدين أن ندفع النفقة "فكن غيورا وتب"

توضيح عملي آخر، موثوق به تماما بشهود سمع وبصر يخصونني والذين اشتركوا بالانتعاش الموصوف. فربما يقوي شرحي بوضوح أكثر من محاولتي إعطاء الإرشاد والوعظ. في مجتمع لن أذكر اسمه كان هناك لفترة طويلة من الجفاف الروحي. قبل أن تولد كنيسة هناك، صارت نهضة عظيمة عندما عمل روح الله بقوه ومئات أتوا للتوبة ووجدوا سلام مع الله. كانوا معا في رباط الروح والمحبة، لقد كانوا اجتماع، عاملين دائما، شهادتهم حملت الكثير من الثمار عبر كل المنطقة. من وسطهم خرج المبشرون في قلوب مشتعلة وألسنه حارة لتحمل الإنجيل للمناطق القريبة وحتى للأرضي البعيدة.

كان هذا في الماضي البعيد. لكن فتره من البرودة والضعف تبعت تلك الفترة المليئة بالدفء والنشاط. ومع أن المؤمنون أنفسهم كانوا يجتمعون للاجتماعات المعلنة، لكن كلها كانت شكليه وبلا حياه، ما عدا فريق صغير  منهم كانوا ينوحون على الوضع الساقط للكنيسة، اجتمعوا من حين لآخر للبكاء أمام الله متوسلين إليه لينعش ميراثه الظمئان. بلا شك ونتيجة لصلاتهم أتى إليهم اثنان من رجال الله المكرسين، لأجل ما سموه "خدمة انتعاش". بالرغم من أنه سريعا ما ظهر أن روح الانتعاش كان غائبا. ومع هذا وخلال الثلاثة أسابيع كانت أكبر قاعة يمكن إيجادها في البلد تعج بالحاضرين، حيث الترنيم القلبي، والوعظ واضح ومقنع، إلا أنه لم يكن بوادر لخلاص أي نفس، مع أن المبشران كانا يرجوان الحضور ليتصالحوا مع الله، وعملوا كل ما يمكنهم لربح النفوس للمسيح.

أخيرا، متضايقون من الوضع الذي لا يمكن شرحه قد أُعلن أنه سوف لا يكون وعظ أكثر، بل بدل ذلك  سيكون يوم صيام وصلاه، يتبعه أيام أخرى إذا اقتضت الضرورة حتى الله نفسه يظهر العوائق ويزيلها.

كان من المستحيل وصف حالة الانتظار في ذلك اليوم وكثيرون هم الأفراد الذين وقفوا متضرعين إلى الله لكي يعيد المرتدين إلى الشركة وإيقاظ الذين هم بدون المسيح.

في اجتماع المساء، كانت القاعة مليئة تماما، لكن لم يكن هناك وعظا. وصلى أحدهم بعد الآخر والبعض بروح الألم لكي يتدخل الله. وفجأة انقطع الصمت الطويل بصوت مجهش من رجل قوي، راع في الكنيسة، وقف على رجليه. وقال بصوت عال "أيها الأخوة أنا هو العائق وحجر العثرة أمام البركات".

وبعد ذلك اعترف علنا أنه لسنوات كان يراعي الحقد والكره في قلبه ضد زميله أحد الرعاة الذي كان مرة صديقه الحميم. كان على خلاف معه حول حدود عقار بحيث ظن انه قد خدع ببضعة عشرات سنتيمترات من الأرض. والجدال على ذلك قاد إلى مزيد من الحقد، والنزاع استمر لمدة أشهر، وعندما حسم الأمر أخيرا في المحكمة، فقد تركه بقلب مليء بالحقد ضد أخيه. 

وبخطى ثابتة تقدم للأمام مقدما يده لذلك الرجل الذي بدوره وقف على قدميه، وبأعين دامعة، أعلن أنه هو الملام في هذا الأمر وليس الآخر. وذهب كلاهما عند قدمي منبر الوعظ وسقطا على ركبهما معترفين بخطاياهم ومسامحين أحدهما الآخر.

كان الوقع عظيما ورائعا على الجمهور الغفير. كان ذلك بداية لعمل النعمة العظيم في المدينة. كانت النتائج ظاهره لمدة سنوات تلت. كثيرون الذين تبكتوا في الماضي على خطاياهم، لكن لم يسلموا للمسيح بسبب التصرفات الغير لائقة المتسببة من هذين القائدين، سريعا انضموا إليهم الى الأمام، وأصوات الاعتراف والندم دوَّت في القاعة الضخمة مع ترانيم الفرح من الذين اقتيدوا للفرح بخلاص الله. أما بالنسبة للاثنين اللذان وقفا كل هذه المدة في طريق الآخرين، واللذان حياتهما كانت عاثرة وبلا ثمر، حصلا على اختبارات جديده من الإصلاح والنفع عندما رجعت إليهم الغيرة الروحية. هذه ليست قصه خيالية. وإنني متأكد أنه في أماكن كثيرة سيكون بركات مثلها أو حتى أعظم، إن كان هناك إخلاص حقيقي بتعاملنا مع الله ومع بعضنا البعض... دائما تكون العوائق من طرفنا وليس من طرفه، والمشكلة الأكبر هي أننا لسنا واقعيين، ومكتفين بأنفسنا، وقلما نعالج وضعنا الحقيقي كما يراه الله. أليس من واجبنا أن نأتي تائبين متضرعين، صارخين مع مرنم المزمور، "ألا تعد أنت فتحيينا فيفرح بك شعبك" وعندما نطرح خارجا كل الشك، ونعترف بكل خطيئة معروفه وندينها، فسنثبت بذلك صحة الكلمات القائلة "فرح الرب هو قوتكم" وكما نفرح هكذا به وهو بنا، فسنمنح محبته ولطفه للآخرين ويكون لنا الفرح الزائد بقيادة الخطاة المحتاجين لخلاصه عند قدميه"

"لنفحص طرقنا ونمتحنها ونرجع إلى الرب" إن احتفظنا بشيء عنه بذلك نكون قد اغتصبنا منه ما هو حق له. لقد قال "هاتوا جميع العشور إلى الخزنة ليكون في بيتي طعام وجربوني بهذا قال رب الجنود إن كنت لا أفتح لكم كوى السموات وأفيض عليكم بركة حتى لا توسع. وأنتهز من أجلكم الآكل فلا يفسد لكم ثمر الأرض ولا يعقر لكم الكرم في الحقل قال رب الجنود. ويطوّبكم كل الأمم لأنكم تكونون أرض مسرة قال رب الجنود"(ملاخي3:10-12) فالذي سيتم لإسرائيل حرفيا، عندما يتمموا شروطه في النهاية. نستطيع نحن أن ندخل إليه في الحاضر إن منحناه مكانه الحقيقي، وتعاملنا بحزم مع كل شيء شرير في قلوبنا وحياتنا، كما يكشف لنا نوره الفاحص."

 

أسئلة للتطبيق الشخصي

1.  ما هي المواقف الخاطئة والتصرفات والتجاهلات المذكورة في هذا المقال، ما الأثر الذي تتركه الخطايا الغير معترف بها، على حياة المؤمن والكنيسة؟

2. "الخطايا لا تموت مع كبر السن" كما جاء في المقال، ما معنى هذا؟ هل تختفي الخطايا مع مرور الزمن؟ هل تستطيع التكفير عن الخطايا بواسطة "نسيان الماضي" ؟ من فضلك وضح جوابك.

3. هل في قلبك مشاكل بلا حل، أو في حياة الكنيسة؟

بدل أن تفكر بما يجب أن يفعله الآخرون، فكر بما ينتظره منك الله أن تفعله.

4.  اقرأ متى 5: 23-24. لماذا من الخطأ الاستمرار مع الروتين الروحي أو البحث عن شيء جديد نعمله عندما يكون الرب معاق بسبب المشاكل بين الأخوة.

  • عدد الزيارات: 1195