الأموات لا يعملون أعمالاً صالحة
قالت لي والاهتمام يظهر على وجهها: جئت لأتحدث إليك عن موضوع الخلاص.. وأريد أن أعرف تماماً وبوضوح.. هل الخلاص بالإيمان وحده.. أم بالإيمان والأعمال.. أم بالأعمال وحدها؟ وتابعت حديثها قائلة: أنا في الخامسة والثلاثين من عمري.. خريجة إحدى الكليات الجامعية.. نشأت في أسرة متدينة.. أصوم مرتين في الأسبوع، وأصوم كل الصيامات المفروضة.. أصلي.. أساعد المحتاجين.. أعطي عشوري وأحياناً أكثر من العشور للكنيسة.. زرت مع أسرتي قبر المسيح الفارغ في أورشليم.. أواظب على تناول العشاء الرباني في الكنيسة أسبوعياً.. ومع ذلك كله فأنا لست متيقنة من مصيري بعد الموت.. هل سأذهب إلى السماء.. أو سيكون مصيري جهنم النار.. وباختصار أنا مضطربة جداً وحائرة.. وسؤالي ماذا أفعل لأرث الحياة الأبدية؟
قلت: هل يمكن أن نرفع صلاة مختصرة ليقودنا الروح القدس قبل الاستمرار في الحديث.. وصليت.. وطلبت إرشاد وعمل الروح القدس.. وبعد صمت قصير قلت للسيدة الجالسة أمامي:
قضية الخلاص، وهل هو بالإيمان وحده أو بالإيمان والأعمال معاً، قضية طال النقاش فيها.. والرد الصحيح على أسئلتك يجب أن يأتي مباشرة من الكتاب المقدس. وسأبدأ بأن أقرأ لك آيات من العهد الجديد.
الآية الأولى قالها الرب يسوع المسيح: "الحق الحق أقول لكم إنه تأتي ساعة وهي الآن حين يسمع الأموات صوت ابن الله والسامعون يحيون" (يوحنا 25:5).
الآية الثانية قالها بولس الرسول بالروح القدس: "من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع" (رومية 12:5).
الآيات التالية قالها أيضاً بولس الرسول: "وأنتم إذ كنتم أمواتاً بالذنوب والخطايا التي سلكتم فيها قبلاً حسب دهر هذا العالم حسب رئيس سلطان الهواء الروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية. الذين نحن أيضاً جميعاً تصرفنا قبلاً بينهم في شهوات جسدنا عاملين مشيئات الجسد والأفكار وكنا بالطبيعة أبناء الغضب كالباقين أيضاً" (أفسس 1:2-3).
توقفت بعد قراءة هذه الآيات وسألت السيدة الجالسة أمامي ما هو حال الإنسان الطبيعي، أي كل إنسان ولد على أرضنا كما تصفه هذه الآيات؟
أجابت: الإنسان الطبيعي ميت بالذنوب والخطايا..
الإنسان الطبيعي تحت سلطان الشيطان..
الإنسان الطبيعي تحت غضب الله.
قلت: نبدأ من البداية:
الإنسان الطبيعي ميت..
الرب يسوع أقام ثلاثة أموات:
أقام ابنة يايرس.. كانت ميتة في البيت (مرقس 22:5و23و35-42).
أقام ابن أرملة في مدينة نايين.. كان ميتاً محمولاً في الطريق (لوقا 11:7-15).
وأقام لعازر بعد موته بأربعة أيام وبعد أن أنتن في قبره (يوحنا 38:11-44).
هؤلاء كلهم كانوا أمواتاً.. واحدة في البيت.. والثاني في الطريق.. والثالث في القبر وقد أنتن.
سألتها: ما الذي نتوقع حدوثه للإنسان الميت؟
أجابت: أن "ينتن" وتصبح الرائحة الصادرة من قبره غير محتملة.
قلت لها: هذا صحيح..
وقد وصف الكتاب المقدس الناس الذين لم ينالوا الخلاص بأن "حنجرتهم قبر مفتوح. بألسنتهم قد مكروا. سم الأصلال تحت شفاههم. وفمهم مملوء لعنة ومرارة. أرجلهم سريعة إلى سفك الدم. في طرقهم اغتصاب وسحق. وطريق السلام لم يعرفوه. ليس خوف الله قدام عيونهم" (رومية 13:3-18).
قلت لها: هل حضرت حفلاً لهؤلاء الأموات؟
قالت بدهشة: وهل يقيم الأموات احتفالات؟
قلت: يقيناً.. في حفلات الأموات روحياً نراهم يسكرون ويعربدون، ونسمع من أفواههم القصص الجنسية القذرة، والنكات القبيحة، وهؤلاء الأموات من كل طبقات الناس "الجميع زاغوا وفسدوا معاً. ليس من يعمل صلاحاً ليس ولا واحد" (رومية 12:3). نجدهم من الفلاحين والعمال.. ونجدهم من المثقفين الجامعيين.. من الأطباء.. والمهندسين والمحامين، والمحاسبين، ورجال السياسة، ورجال الصحافة، والحكام، والمحكومين.. جميعهم أموات رغم كل مظاهر الحياة الطبيعية ورائحة الموت تظهر في تصرفاتهم الأثيمة وكلماتهم القبيحة حين يخلون إلى أنفسهم وأصدقائهم.. ويرفعون قناع الرياء الذي يخفي حقيقتهم فيظهر مستر "هايد" القاتل سفاك الدماء.. الذي كان دكتور "جيكل" الرقيق الطيب مع مرضاه.
وسؤالي الآن: كيف يخلص هؤلاء الأموات؟ أعتقد أنك توافقيني على أن الأموات ليس في قدرتهم القيام بأعمال صالحة!!
قالت وقد بدأت تفهم الصورة الحقيقية لكل إنسان قبل نواله خلاص الله: بالتأكيد، إن الإنسان الميت لا يستطيع أن يعمل أعمالاً صالحة.. إنه في حاجة أولاً إلى الحياة.
لعازر الميت كمثال
قلت لها: دعينا نأخذ لعازر الميت كمثال.
قالت مرثا أخته للمسيح وهو يأمر برفع الحجر عن قبره: "يا سيد قد أنتن لأن له أربعة أيام في القبر" (يوحنا 38:11). هل كان في مقدور لعازر الميت أن يقوم بأعمال صالحة؟ هل كان من الممكن لفرائض الهيكل أن تعيد له الحياة؟ افترضي أننا حملناه رغم الرائحة الكريهة المنبعثة من جسده وعمّدناه.. هل كانت معمودية الماء تعيد له الحياة؟ هل كان في قدرة لعازر الميت أن يتناول من عشاء الرب أو يصوم أياماً، أو شهوراً لينال الحياة؟
لحظة عقل.. لحظة تفكير سليم..
قالت وقد ظهر في عينيها نور الفهم الصحيح: لعازر الميت.. في حاجة إلى شيء واحد هو "الحياة".
قال المسيح لمرثا أخت لعازر الميت: "أنا هو القيامة والحياة" (يوحنا 25:11).
وقال لتلاميذه: "أنا هو الطريق والحق والحياة" (يوحنا 14:6).
ونقرأ عنه الكلمات:
"فيه كانت الحياة" (يوحنا 4:1).
قال أيضاً: "الحق الحق أقول لكم إنه تأتي ساعة وهي الآن حين يسمع الأموات صوت ابن الله والسامعون يحيون" (يوحنا 25:5).
وقد وهب الحياة لمن أقامهم من الأموات بكلمة من فمه. قال للفتاة التي كانت ميتة في البيت بعد أن أمسك بيدها: "طليثا قومي الذي تفسيره يا صبية لك أقول قومي. وللوقت قامت الصبية ومشت لأنها كانت ابنة اثنتي عشرة سنة" (مرقس 11:5و12). وقال لابن الأرملة الذي كان محمولاً في نعشه في الطريق: "أيها الشاب لك أقول قم. فجلس الميت وابتدأ يتكلم فدفعه إلى أمه" (لوقا 14:7و15).
وقال للعازر الذي أنتن: "لعازر هلم خارجاً. فخرج الميت ويداه ورجلاه مربوطات بأقمطة ووجهه ملفوف بمنديل" (يوحنا 33:11 و44).
وهب المسيح الحياة لهؤلاء الأموات "بكلمة".. وعادت الحياة لكل واحد منهم "في لحظة".
استطردت قائلاً: واضح تماماً أن الإنسان الطبيعي، أي كل إنسان من نسل آدم هو ميت.. وأن الميت لا يستطيع أن يقوم بأعمال صالحة.. وأن الحياة هبة لا تُعطى بالأعمال الصالحة..
"لأن أجرة الخطية هي موت. وأما هبة الله فهي حياة أبدية بالمسيح يسوع ربنا" (رومية 23:6).
فتعليم الخلاص بالإيمان والأعمال، هو باليقين ليس من كلمة الله.. كلمة الله النقية تقول:
"لأنكم بالنعمة مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم. هو عطية الله. ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد" (أفسس 8:2و9).
لا مكان للأعمال الصالحة في خلاص الإنسان الميت.. فالإنسان الميت نجس، وأعماله الصالحة نجسة مثله، كما تقول كلمة الله "وقد صرنا كلنا كنجس وكثوب عدة كل أعمال برنا وقد ذبلنا كورقة وآثامنا كريح تحملنا" (إشعياء 6:64) وكلمة "ثوب عدة" أي ثوب قذر.. أو ثوب مهلهل لا يستر عرياً.. ولو كان الخلاص بالأعمال الصالحة، لما مات المسيح وسفك دمه على الصليب لأجل خلاصنا.
قالت السيدة الجالسة أمامي: وماذا أفعل الآن لأنال الخلاص وأتيقن تماماً من ذهابي إلى السماء؟
قلت لها: يقول الرب يسوع "هأنذا واقف على الباب وأقرع إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي" (رؤيا 20:3). فقولي للمسيح الفادي: ادخل قلبي، وهو عندما يدخل قلبك سيتعشى معك.. وهو يحضر عشاءه معه.. عشاء الغفران.. والسلام.. والفرح.. ويقين الحياة الأبدية.. واسمعي كلمات إنجيل يوحنا عن الرب يسوع: "وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله" (يوحنا 12:1و13).
قالت السيدة التي فتح الرب قلبها لتصغي إلى كلمته الصادقة: هل يمكن أن نصلي معاً؟ وأغمضت عينيها ورفعت للرب هذه الصلاة: أشكرك يا رب لأنك أوضحت لي حقك.. أظهرت لي حقيقة حالي.. فأنا ميتة بالذنوب والخطايا.. والأموات لا يستطيعون القيام بأعمال صالحة.. أشكرك لأنك قرعت باب قلبي بكلمتك.. وها أنا بنعمتك أفتح لك قلبي.. أشكرك لأنك بموتك على الصليب دفعت أجرة خطاياي. فادخل قلبي الآن يا ربي.. وفادي.. ومخلصي..
سألت هذه الأخت العزيزة التي دخل المسيح قلبها: والآن ماذا صرت؟
قالت ودموع الفرح تسيل على خديها: لقد صرت بنتاً لله..
قلت لها: على أي أساس؟!
قالت: على أساس صدق كلمة الله "وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله" وأنا فتحت قلبي بنعمة الله للمسيح وقبلته وصرت باليقين بنتاً لله..
فيا قارئي العزيز، هل ترفض الاتكال على أعمالك الصالحة.. وتفتح قلبك للمسيح الذي مات لأجلك على الصليب وتقبله رباً ومخلصاً وتتمتع بيقين الخلاص وتتحرر من سلطان الشيطان ومن عبودية الخطية.. وتنجو من غضب الله والدينونة الأبدية.. وتفرح بيقين نوالك الحياة الأبدية؟
افعل هذا الآن "هوذا الآن وقت مقبول هوذا الآن يوم خلاص" (2كورنثوس 2:6).
إذا أردت الحصول على دراسات إضافية حول كلمة الله، اكتب إلى العنوان التالي:
Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935, USA
- عدد الزيارات: 1968