Skip to main content

سليمان يملك

سليمان إمام الحكماء هو ملك بني إسرائيل، الذي خلف أباه الملك داود على العرش، وملك أربعين سنة. وكان أعظم ملك. ومع أن الملك سليمان عاش منذ ثلاثة آلاف سنة. إلا أن اسمه لا زال مشهوراً في العالم كله، بحكمته وبعظمة مملكته. ولقد وصلتنا تقاليد كثيرة من الأيام القديمة تروي عظمة قوة سليمان وإنجازاته وروعة حكمته، وربما كانت بعض هذه الاخبار صحيحة. على أن الكتاب المقدس يحتوي القصة الصحيحة عن حياة سليمان وعن مُلكه.

وفي كتابنا هذا سنعتمد على الكتاب المقدس كالمرجع الوحيد لحياة سليمان، هذا الملك العظيم.

كان سليمان أصغر أبناء الملك داود من زوجته بثشبع. وُلد في أورشليم عاصمة ممكلة داود حوالي سنة 970 قبل ميلاد السيد المسيح. وكان الله قد قال للملك داود إن ابنه هذا سوف يصبح خليفته على العرش وقال له: »يُولَدُ لَكَ ابْنٌ يَكُونُ صَاحِبَ رَاحَةٍ، وَأُرِيحُهُ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِهِ حَوَالَيْهِ، لِأَنَّ اسْمَهُ يَكُونُ سُلَيْمَانَ. فَأَجْعَلُ سَلَاماً وَسَكِينَةً فِي إِسْرَائِيلَ فِي أَيَّامِهِ. هُوَ يَبْنِي بَيْتاً لاِسْمِي، وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْناً، وَأَنَا لَهُ أَباً وَأُثَبِّتُ كُرْسِيَّ مُلْكِهِ عَلَى إِسْرَائِيلَ إِلَى الْأَبَدِ« (1أخبار 22:9 و10).

وسليمان اسم عبري معناه »رجل سلام«. ولقد أطلق الله على سليمان اسماً آخر - سمّاه »يديديا« أي محبوب الرب (2صموئيل 12:24، 25).

داود يختار سليمان خليفة له:

عندما بلغ داود السبعين من عمره أراد ابنه الأكبر أدونيا أن يأخذ المملكة من أبيه، وأن يجلس على عرشه. ولكن بثشبع أم سليمان أسرعت إلى داود تقول: »أَنْتَ يَا سَيِّدِي حَلَفْتَ بِالرَّبِّ إِلهِكَ لِأَمَتِكَ أَنَّ سُلَيْمَانَ ابْنَكِ يَمْلِكُ بَعْدِي وَهُوَ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي. وَالْآنَ هُوَذَا أَدُونِيَّا قَدْ مَلَكَ. وَالْآنَ أَنْتَ يَا سَيِّدِي الْمَلِكُ لَا تَعْلَمُ ذلِكَ... وأَعْيُنُ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ نَحْوَكَ لِتُخْبِرَهُمْ مَنْ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ سَيِّدِي الْمَلِكِ بَعْدَهُ« (1ملوك 1:17-20). وعندما عرف الملك داود من مصادر أخرى أن ابنه أدونيا قد حاول اغتصاب المُلك منه، أصدر أوامره بتجليس سليمان على العرش وقال: »حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي فَدَى نَفْسِي مِنْ كُلِّ ضِيقَةٍ إِنَّهُ كَمَا حَلَفْتُ لَكِ بِالرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ أَنَّ سُلَيْمَانَ ابْنَكِ يَمْلِكُ بَعْدِي وَهُوَ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي عِوَضاً عَنِّي، كَذلِكَ أَفْعَلُ هذَا الْيَوْمَ« (1ملوك 1:29-30). وأمر الملك داود صادوق الكاهن وناثان النبي وبقية قادة المملكة أن يُركبوا سليمان ابنه على البغلة التي له وينزلوا به إلى جيحون ليمسحه صادوق الكاهن هناك ملكاً. وأمر بأن يُضرب بالبوق وأن يقولوا: »لِيَحْيَ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ« (1ملوك 1:16-39).

ولما تمت هذه المراسيم جاء رجال الملك يهنئون ملكهم داود قائلين: »يَجْعَلُ إِلهُكَ اسْمَ سُلَيْمَانَ أَحْسَنَ مِنِ اسْمِكَ، وَكُرْسِيَّهُ أَعْظَمَ مِنْ كُرْسِيِّكَ. فَسَجَدَ الْمَلِكُ عَلَى سَرِيرِهِ. وَأَيْضاً هكَذَا قَالَ الْمَلِكُ: مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي أَعْطَانِيَ الْيَوْمَ مَنْ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّي وَعَيْنَايَ تُبْصِرَانِ« (1ملوك 1:47، 48).

ولما قربت أيام وفاة الملك داود، جاء بابنه سليمان وأصاه قائلاً: »أَنَا ذَاهِبٌ فِي طَرِيقِ الْأَرْضِ كُلِّهَا. فَتَشَدَّدْ وَكُنْ رَجُلاً. اِحْفَظْ شَعَائِرَ الرَّبِّ إِلهِكَ إِذْ تَسِيرُ فِي طُرُقِهِ وَتَحْفَظُ فَرَائِضَهُ وَصَايَاهُ وَأَحْكَامَهُ وَشَهَادَاتِهِ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي شَرِيعَةِ مُوسَى، لِتُفْلِحَ فِي كُلِّ مَا تَفْعَلُ وَحَيْثُمَا تَوَجَّهْتَ. لِيُقِيمَ الرَّبُّ كَلَامَهُ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ عَنِّي قَائِلاً: إِذَا حَفِظَ بَنُوكَ طَرِيقَهُمْ وَسَلَكُوا أَمَامِي بِالْأَمَانَةِ مِنْ كُلِّ قُلُوبِهِمْ وَكُلِّ أَنْفُسِهِمْ لَا يُعْدَمُ لَكَ رَجُلٌ عَنْ كُرْسِيِّ إِسْرَائِيلَ« (1ملوك 2:1-4).

وطالب الملك داود ابنه سليمان أن يُدير العدل في المملكة، وأن يقتصَّ من المجرمين الذين ثاروا ضده. وكلفه أن يقيم بيتاً للرب، وقال له: »يَا ابْنِي، قَدْ كَانَ فِي قَلْبِي أَنْ أَبْنِيَ بَيْتاً لاِسْمِ الرَّبِّ إِلهِي. فَكَانَ إِلَيَّ كَلَامُ الرَّبِّ: قَدْ سَفَكْتَ دَماً كَثِيراً وَعَمِلْتَ حُرُوباً عَظِيمَةً، فَلَا تَبْنِي بَيْتاً لاِسْمِي لِأَنَّكَ سَفَكْتَ دِمَاءً كَثِيرَةً عَلَى الْأَرْضِ أَمَامِي. هُوَذَا يُولَدُ لَكَ ابْنٌ يَكُونُ صَاحِبَ رَاحَةٍ، وَأُرِيحُهُ مِنْ جَمِيعِ أَعْدَائِهِ حَوَالَيْهِ، لِأَنَّ اسْمَهُ يَكُونُ سُلَيْمَانَ. فَأَجْعَلُ سَلَاماً وَسَكِينَةً فِي إِسْرَائِيلَ فِي أَيَّامِهِ. هُوَ يَبْنِي بَيْتاً لاِسْمِي... يُعْطِيكَ الرَّبُّ فِطْنَةً وَفَهْماً وَيُوصِيكَ بِإِسْرَائِيلَ لِحِفْظِ شَرِيعَةِ الرَّبِّ إِلهِكَ. حِينَئِذٍ تُفْلِحُ... تَشَدَّدْ وَتَشَجَّعْ لَا تَخَفْ وَلَا تَرْتَعِبْ. هَئَنَذَا فِي مَذَلَّتِي هَيَّأْتُ لِبَيْتِ الرَّبِّ ذَهَباً« (1أخبار 22:6-14). وجعل داود يحصر لسليمان كمية الذهب والفضة والنحاس والأخشاب التي جهزها لبناء بيت الرب. وطلب من سليمان أن يقوم بالبناء.

سليمان ينفِّذ وصايا أبيه:

وعندما تولى سليمان المُلك نفذ الوصايا التي أوصاه أبوه بها، فجعل يُرسي قواعد العدل في المملكة، ووقع العقاب على كثيرين من المجرمين الذين لم يكن داود قد وقع العقاب عليهم. ثم أخذ يبني بيتاً للرب، استغرق بناؤه سبع سنوات، على مثال الرسم الذي أعطاه الله لموسى، ولكن بضعف الحجم الذي بنى به موسى خيمة الاجتماع. ورفع الملك داود صلاة من أجل ابنه، قال: »أَعْطِهِ قَلْباً كَامِلاً لِيَحْفَظَ وَصَايَاكَ، شَهَادَاتِكَ وَفَرَائِضَكَ، وَلِيَعْمَلَ الْجَمِيعَ، وَلِيَبْنِيَ الْهَيْكَلَ الَّذِي هَيَّأْتُ لَهُ« (1أخبار 29:19).

وتقول التوراة إن الرب عظم الملك سليمان جداً في أعين جميع بني إسرائيل، وجعل عليه جلالاً ملكياً لم يكن على ملك قبله (1أخبار 29:25).

عندما نسمع الصلاة التي رفعها داود من أجل ابنه سليمان، نشكر الله من أجل كل أب تقي يرفع صلاة من أجل ابنه، ليُلهم الله ابنه حياة التقوى والصلاح. قد يترك الآباء لأولادهم ثروات كبيرة، لكن أجمل ثروة يمكن أن يتركها أب لابنه هي ثروة التقوى.

عزيزي القارئ، اترك لابنك قدوة حسنة بسلوكك اليومي الصالح وصلِّ من اجل ابنك لينشأ صالحاً، فلا بد أن يستجيب الله الصلاة. وإن كان لديك ابن ضال بعيد عن الله، فأرجوك أن تصلي من أجله، لكي يرجع إلى الله ويتوب، فلا بد أن الله يستجيب لك من أجل أولادك، كما استجاب صلاة داود من أجل سليمان، الذي تقول التوراة عنه: »جلس سليمان على كرسي داود أبيه وتثبت ملكه جداً«.

  • عدد الزيارات: 2314