الأَصْحَاحُ الحَادِي والعِشرُونَ
1بعدَ هذا أظهرَ أيضاً يسوعُ نفسَهُ للتلاميذِ على بحرِ طَبَرِيَّة. ظهرَ هكذا. 2كانَ سمعانُ بطرسُ وتوما الذي يُقالُ لهُ التوأمُ ونثنائيلُ الذي من قانا الجليلِ وابْنَا زَبْدِي واثنانِ آخَرَانِ من تلاميذِهِ مع بعضِهِم. 3قالَ لهم سمعانُ بطرسُ أنا أذهبُ لأَتصيَّدَ. قالوا لهُ نذهبُ نحنُ أيضاً معكَ. فخرجُوا ودخلُوا السفينةَ للوقتِ وفي تلكَ الليلةِ لم يمسكوا شيئاً. 4ولما كانَ الصبحُ وقفَ يسوعُ على الشاطئ. ولكنَّ التلاميذَ لم يكونوا يعلمونَ أنهُ يسوعُ. 5فقالَ لهم يسوعُ يا غلمانُ ألعلَّ عندكم إداماً. أجابوه لا. 6فقالَ لهم ألقُوا الشبكةَ إلى جانبِ السفينةِ الأيمنِ فتجدوا. فألقَوا ولم يعودوا يقدرونَ أن يجذبُوها من كثرةِ السمكِ. 7فقالَ ذلكَ التلميذُ الذي كانَ يسوعُ يحبُّهُ لبطرسَ هو الربُّ. فلمَّا سمعَ سمعانُ بطرسُ أنَّهُ الربُّ اتَّزَرَ بثوبِهِ لأنهُ كانَ عرياناً
--------------------------
(1:21) بعد قيامته، أظهر المسيح نفسه لحوارييه ولحوالي خمسمائة من تلاميذه فكانوا شهود عيان للمسيح المُقام من بين الأموات (1كورنثوس 6:15)، فاتُّهِمَ أولئك الأتباع بأنهم لفّقوا قصة القيامة (متى 3:28-15)، ولكن السؤال المهم هنا هو: هل ممكن لجماعة مؤلفة من أكثر من خمسمائة تلميذ أن يقبلوا برضى وفرح مقاساة أشد الاضطهادات وتحمُّل أشوَه التعذيب ومواجهة أشنع موت لأجل قصة ملفقة؟ هل ممكن لأولئك الأتباع أن يرضوا بأن تجتاحهم موجات هائلة متتابعة من الضيق والتعذيب فيها خسروا أموالهم وأملاكهم وعائلاتهم وحياتهم لأجل قصة اتُهموا بتلفيقها وبدون أن يأملوا بأي كسب مادي على الإطلاق؟ هل ممكن لعدد كبير مثل هذا أن لا يكون بينهم شخص واحد لم يكن مستعدا أن يخسر أمواله وأملاكه وعائلته وحياته لأجل قصة ملفّقة إن كانت القصة بالحقيقة ملفقة؟ أولا، لو لم تكن قصة الصلب والقيامة قصة حقيقية واقعية من صلب الحق لما كان بالإمكان أن تجد شخصا واحدا، رجلا كان أم امرأة، مستعدا أن يخسر درهما واحدا فكم بالأحرى أن يُضطهد أو أن يُقتل لأجل قصة ملفقة. ولكن لأن القيامة كانت حقيقة لا تُنكر ولا تُدحض تحمَّل مئات من شهود العيان أشر أنواع الاضطهادات والتعذيب والموت إذ لم يتوانوا ولو للحظة واحدة عن الشهادة للحقيقة التي شاهدوها بأم أعينهم. ولو لم تكن قصة الصلب والموت والقيامة من صلب الحق لوجد رؤساء الكهنة على الأقل شخصا واحدا مستعدا أن يرتد عن ضلالة الأتباع ويعترف بضلالته ! ولو وُجد شخص واحد كهذا لاحتضنه الكهنة والفريسيون ولجعلوا روايته وأقواله تتردد عبر الأجيال في محاولة شائنة وشنيعة لطمس حقيقة قصة القيامة. ولكن الكهنة لم يحاولوا أن يقدموا أي برهان ضد القيامة لأنهم كانوا يعرفون حق المعرفة أن القيامة حقيقة لا تدحض، وتأثيرها ظهر جليا في المعجزات والخوارق التي صنعها أتباع يسوع المسيح باسمه وتتميما لمواعيده لهم والتي تحققت بقيامته من الأموات.
وألقى نفسَهُ في البحـر. 8وأمَّا التلاميذُ الآخرونَ فجاءُوا بالسفينَةِ لأنهم لم يكونُوا بعيدينَ عن الأرضِ إلا نحوَ مئتي ذراعٍ وهم يجرّونَ شبكةَ السمـكِ. 9فلمَّا خرجُوا إلى الأرضِ نظرُوا جمراً موضوعاً وسمكاً موضوعاً عليهِ وخبزاً. 10قالَ لهم يسوعُ قدِّمُوا منَ السمكِ الذي أمسكتم الآنَ. 11فصعدَ سمعانُ بطرسُ وجذبَ الشبكةَ إلى الأرضِ ممتلئةً سمكاً كبيراً مئةً وثلاثاً وخمسينَ. ومع هذِهِ الكثرةِ لم تتخرَّقْ الشبكةُ. 12قالَ لهم يسوعُ هلمّوا تغـدّوا. ولـم يجسرْ أحدٌ من التلاميذِ أن يسألَهُ من أنتَ إذ كانوا يعلمونَ أنهُ الربُّ. 13ثم جاءَ يسوعُ وأخذَ الخبزَ وأعطاهُم وكذلكَ السمكَ. 14هذه مرةٌ ثالثةٌ ظهرَ يسوعُ لتلاميذِهِ بعدَما قامَ منَ الأمواتِ.
15فبعدَمَا تغدَّوْا قالَ يسوعُ لسمعانَ بطرسَ يا سمعان بنَ يونا أتحبُّني أكثرَ من هؤلاء. قالَ لهُ نعمْ يا ربُّ أنتَ تعلمُ أنـي أحبُّكَ. قالَ لهُ ارعَ خرافي. 16قـالَ لهُ أيضاً ثانيةً يا سمعان بنَ يونا أتحبُّني. قالَ لهُ نعمْ يا ربُّ أنتَ تعلمُ أني أحبُّكَ. قالَ لهُ ارعَ غنمِي. 17قالَ لهُ ثالثةً يا سمعانَ بنَِ يونا أتحبُّني. فحزنَ بطرسُ لأنهُ قالَ لهُ ثالثةً أتحبُّني فقالَ لهُ يا ربُّ أنتَ تعلمُ كلَّ شيءٍ. أنتَ تعرفُ أني أحبُّكَ. قالَ لهُ يسوعُ ارعَ غنمِي. 18الحقَّ الحقَّ أقولُ لكَ لما كنتَ أكثرَ حداثةً كنتَ تمنطقُ ذاتَكَ وتمشي حيثُ تشاءُ. ولكن متَى شِخْتَ فإنَّكَ تمدُّ يديْكَ وآخرُ يمنطقُكَ ويحملُكَ حيثُ لا تشاء. 19قالَ هذا مشيراً إلى أيَّةِ ميتةٍ كانَ مزمعاً أن يمجِّدَ اللهَ بها. ولما قالَ هذا قالَ لهُ اتبعني. 20فالتفتَ بطرسُ ونظرَ التلميذَ الذي كانَ يسوعُ يحبُّهُ يتبعهُ وهو أيضاً الذي اتّكأَ على صدرِهِ وقتَ العشاءِ وقالَ يا سيِّدُ من هو الذي يُسلِّمُكَ. 21فلما رأى بطرسُ هذا قالَ ليسوعَ يا ربُّ وهذا ما لهُ. 22قالَ لهُ يسوعُ إن كنتُ أشاءُ أنَّهُ يبقى حتى أجيءُ فماذا لكَ. اتبعني أنتَ. 23فذاعَ هذا القولُ بينَ الإخوةِ أن ذلكَ التلميذَ لا يموتُ. ولكن لم يقلْ لهُ يسوعُ إنهُ لا يموتُ. بلْ إن كنتُ أشاءُ أنَّهُ يبقَى حتَّى أجيءُ فماذا لكَ.
24هذا هو التلميذُ الذي يشهدُ بهذا وكتبَ هذا. ونعلمُ أن شهادتَهُ حقٌّ. 25وأشياءٌ أخرُ كثيرةٌ صنعَهَا يسوعُ إن كُتِبَتْ واحدةً واحدةً فلستُ أظنُّ أن العالمَ نفسَهُ يسعُ الكتبَ المكتوبةَ. آمِين.
--------------------------
(24:21) لقد كانت خطة اليهود ان يقتلوا المسيح لكي يبرهنوا للملأ بأن لا رجاء له ولا لرسالته ولا لأتباعه. وقد قصدوا في قتله أن يزرعوا الرعب والذعر في قلوب أتباعه وليلقنوا كل من تغويه نفسه أن يحيد عن تعليمهم ويخرج من تحت سيطرتهم درسا لا يُنسى. ولكن الرب يسوع، وبعكس تخطيطهم وقصدهم، قام من الأموات ليبرهن بأن عملية خلاص الإنسان قد أُكملت وتم تبرير كل من يؤمن. لأجل هذا استطاع تلاميذه أن يقلبوا المسكونة وليس بحد السيف، بل بوداعة سيدهم ومحبته الفائقة. وجاء القرآن ليصادق على حقيقة الصلب والقيامة مؤكدا لليهود أن المسيح لم يمت كباقي الناس موتا يقينا، إذ لم يبقَ في القبر كباقي الناس، بل قام من بين الأموات، قال: "والسلامٌ عليَّ يوم وُلدتُ ويومَ أموتُ ويوم أُبعثُ حيَّا" (مريم 34).
--------------------------
(25:21) عزيزي القارئ، لقد انتهيتَ الآن من قراءة أعظم قصة كُتبت عبر الأجيال، وهي أعظم قصة لأنها تخصك أنت بالذات إذ تخبر عن الإله العظيم الذي أحبك هكذا حتى أرسل ابنه الوحيد لكي يفتديك من لعنة الخطية. فقراءة هذه القصة تضعك يا عزيزي القارئ على مفترق تتشعب منه عدة طرق، وتُحَمِّلك المسؤولية لكي تختار الصراط المستقيم الذي يؤدي إلى حياة أبدية في السماء في المسيح يسوع ربنا. ولكن اعلم أن اختيارك هذا يجعلك مسؤولا عن جميع التبعات التي تنتج عن اختيارك. فرجائي للرب أن يقودك لاختيار الطريق التي تؤدي إلى الحياة والبركة. وهذا يعتمد على الموقف التي ستأخذه حيال المسيح! فما هو الدرب الذي ستختاره؟
1. هل أنت اخترت درب الكهنة والفريسيين الذين بعدما رأوا أعمال الله العظيمة في المسيح قرروا أن يقاوموه ويظهروا العداء له؟
2. أم انك تريد أن تكون كأولئك الذين شهدوا شهادة زور ضد المسيح؟
3. أم انك تريد أن تكون كبيلاطس الذي أصدر حكما جائرا وغير عادل ضد المسيح مع انه لم يجد فيه ولا علة واحدة؟
4. أم انك تريد أن تنكره كأولئك الذين احبوا مجد الناس أكثر من مجد الله؟
5. أم انك اخترت أن تكون مشككا كتوما ولكن بعكس توما الذي آمن واعترف قائلا: "ربي وإلهي"، تريد أنت أن تبقى في تشككك الذي يبقيك بعيدا عن الإيمان الأقدس؟
6. أم أنك تريد أن تكون كبطرس الذي لأجل خوفه من الناس أنكر سيده. ولكن بطرس تاب ورجع إلى الرب بقوة، فهل تريد أن تأتي إلى الرب يسوع أم تريد أن تستمر بإنكاره لأجل خوفك من الناس؟
7. أم تريد أن تكون كالكثيرين الذين وقفوا عند الصليب وقفة المتفرج فقط غير مستعد أن تأخذ موقفا معينا؟
8. أم انك تريد أن تكون كالحواريين وتلاميذه الأمناء الذين ثبتوا في الإيمان الأقدس رغم عداء العالم كله وبذلك حصلوا على النعيم الأبدي وعلى الوعد الذي جعل درجتهم فوق درجات غيرهم من الناس لأن الأصغر في ملكوت السماوات أعظم من يوحنا المعمدان الذي قِيل عنه بأنه أعظم إنسان وُلد من امرأة؟ بذلك صدقت الآية القرآنية حين صرحت بأن أتباع يسوع لهم مركز في نظر الله فوق كل الذين لم يتخذوا المسيح مخلصاً شخصياً لحياتهم. فالقرآن تمم عمله إذ صادق على رسالة الإنجيل وأرشد الناس مشيرا إلى الكتاب المقدس وواصفا إياه بترديد كثير أنه نور وهدى للمتقين. وهكذا يُتوقع منك أن تأتي إلى هذا الكتاب الذي هو نور وهدى فتقبل رسالته وتتخذ مخلصه ربا لك ومخلصا. فقلبك سيبقى جائعا وحياتك فارغة ونفسك عطشانة للحق الإلهي وسيعوزك سلام الله الذي يفوق كل عقل والذي لا تستطيع أن تحصل عليه إلا بقبولك الرب يسوع المسيح كمخلصك الشخصي. هذا يتطلب منك أن ترفع قلبك لله بصلاة صغيرة بإخلاص ومن أعماق القلب، قائلا:
"أيها الرب يسوع أشكرك لأنك متّ على الصليب من أجل خطاياي أرجو أن تغفر خطاياي وتمحو آثامي وتجعلني أحد أولادك وتعطيني حياة أبدية لأني باسمك أطلب هذا. آمين."
والكتاب المقدس يؤكد لنا أن من يقبل المسيح بالإيمان يصبح من أولاد الله: "وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه" (يوحنا 12:1).
- عدد الزيارات: 2013