Skip to main content

هل أكل لحم الخنزير محرم في المسيحية؟

هل يحلّل المسيحيون أكل لحم الخنـزير، مع العلم أن الخنـزير من الحيوانات النجسة ولحمه مضرّ بالصحة، ويُقال أنه يسبب الأمراض؟

إلى الصديق العزيز

- للإجابة على هذا السؤال، تجدر الإشارة أولاً إلى أن الخنـزير كان يعتبر من الحيوانات النجسة في العهد القديم، أي في الفترة التي سبقت مجيء المسيح، وكان أكله محرماً من قِبَل اليهود كما أن الجمل والوبر (وهو حيوان يشبه الأرنب البرّي) والأرنب أيضاً، كانت تُعتبر من الحيوانات النجسة المحرّم أكلها بالنسبة للناس في العهد القديم. وكانت هذه الحيوانات، أي الخنـزير والجمل والأرنب والوبر، تُعتبر مع عدد من الطيور والأسماك نجسة لا يجوز أكلها، ولا يجوز لمس جثثها، لأن الذي يلمسها يتنجس. وقد ورد ذلك ضمن شريعة العهد القديم. التي كانت تحلّل أكل بعض اللحوم، وتحرّم البعض الآخر. فقد ورد في سفر التثنية أسماء الحيوانات النجسة وغير النجسة. وهي كما يلي: "لا تأكل رجساً ما. هذه هي البهائم التي تأكلونها. البقر والضأن والمعز والإبل والطبي واليحمور والوعل والرئم والثيتل والمهاة. وكل بهيمة من البهائم تشق ظلفاً وتقسمه ظلفين وتجترّ فإياها تأكلون إلا هذه فلا تأكلوها مما يجترّ ومما يشق الظلف المنقسم. الجمل والأرنب والوبر لأنها تجترّ لكنها لا تشق ظلفاً فهي نجسة لكم والخنـزير لأنه يشق الظلف لكنه لا يجتر فهو نجس لكم. فمن لحمها لا تأكلوا وجثثها لا تلمسوا. وهذا تأكلونه من كل ما في المياه. كل ما له زعانف وحرشف تأكلونه. لكن كل ما ليس له زعانف وحرشف لا تأكلوه. إنه نجس لكم.

كل طير طاهر تأكلون. وهذا ما لا تأكلون منه. النسر والانوق والعقاب والحدأة والباشق والشاهين على أجناسه وكل غراب على أجناسه والنعامة والظليم والسأم والباز على أجناسه والبوم والكركي والبجع والقوق والرخم والغواص واللقلق والببغا على أجناسه والهدهد والخفاش. ولك دبيب الطير نجس لكم لا يؤكل كل طير طاهر تأكلون" (تثنية 3:14-20).

والمعروف أن شريعة العهد القديم كانت تقيّد الناس بقوانين معينة وتفرض عليهم شرائع مختلفة، لها علاقة بالأكل والشرب واللبس والتعامل في الحياة اليومية والأعياد. وقد ظل الناس في العهد القديم يمارسون تلك العادات ويأكلون المحلّلات، ويمتنعون عن المحرّمات إلى مجيء المسيح، الذي أبطل هذه العادات، وحلّل الناس أن يأكلوا ما يشاؤون.

وبعد مجيء المسيح:

بدأ الناس أكل لحم الخنـزير بعد مجيء المسيح، لأن المسيح لم يربط إيمان الإنسان بما يأ:له من لحوم أو غيرها. وبما أن المسيح جاء لحررنا من الناموس ومن قيود العهد القديم، فإنه لم يحلل أو يحرّم أي نوع من اللحوم باعتبار أن كل إنسان يأكل ما يطيب له، ولا يأكل ما لا يستطيع أكله، وباعتبار أن "ليس ما يدخل الفم ينجّس الإنسان، بل ما يخرج من الفم هذا ينجّس الإنسان" (متى 11:15). أي الشتائم والتجديف والكلام البطّال والكذب والخداع الخ. وعلى هذا الأساس يستطيع المسيحي أن يأكل ما يطيب له من اللحوم، لأن المجاسة ليست بالأكل والشرب، بل بعمل الخطية وعدم إطاعة شريعة الله، وأيضاً "ما طهّره لا تدنّسه أنت" (أعمال 15:10).

هل يسبب لحم الخنـزير بعض الأمراض؟

صحيح أن جميع أنواع اللحوم تسبب الأمراض ومضرّة بالصحة إن لم تُطبخ جيداً، ويمكن القول إن لحم الخنـزير يتأثر بالبكتريا، أي الجراثيم أسرع من غيره، فإنه يعطب قبل غيره من اللحوم. فإذا لم يحفظ جيداً أو يضوع في الثلاجة فإنه يعطب أسرع من غيره من اللحوم. وعندها فإن تناوله يضرّ الصحة، وقد يسبب أحياناً بعض الأمراض الخطيرة. ولكن إذا حُفظ الخنـزير وطُبح جيداً، فلا يسبب الأمراض أو يضرّ باصحة مطلقاً، وجليل على ذلك أن معظم الدول الراقية التي تحافظ على صحة مواطنيها تأكل لحم الخنـزير بكثرة، فلو كان لحم الخنـزير يسبب الأمراض ويضرّ بالصحة العامة، لما سمح بذبحه وبيع لحمه هذا طبعاً إذا لم تكن الخنازير مصابة أصلاً بأمراض معيّنة قبل ذبحها، والمعروف أن أحد الأمراض الشائقة التي يسببها لحم الخنـزير المريض "هو التريشينويز" الذي يؤثر على الجهاز العصبي عند الإنسان، وقد تكون الإصابة به خطيرة إن لم يعالج جيداً. على كل حال، هناك عدد من الناس لا يأكلون لحم الخنـزير والأرنب والجمل، ليس لأنه لحم نجس، ولكن لأن أكلهذه اللحوم لا يروق لهم. كما أن هناك من يحرّم أكل لحم الخنـزير لأسباب شخصية أو دينية ونحن تحترم رأيهم. أما تعاليم الدين المسيحي بهذا الخصوص تشير إلى أن "ليس ما يدخل الفم ينجّس الإنسان، بل ما يخرج من الفم ينجّس الإنسان" (متى 11:15).

مع تحيات قاسم ابراهيم

لمزيد من الفائدة والإضطلاع على موضوعات مشابهة، الرجاء زيارة موقع النور.
  • عدد الزيارات: 170163