كيف تتأكد أن لك حياة أبدية؟
الأخ الفاضل:
إن كنت قد قبلت يسوع المسيح ربا وسيداً، فأنت قد سلّمته حياتك تسليماً ثلاثيا:
تسليماً عقلياً، تسليماً عاطفياً، وتسليماً إراديا.
أولاً : التسليم العقلي
المسيحية ليست قفزة إيمان عمياء، بل هي مبنية على حقائق ثابتة وقوية. ولا بد أن تقتنع عقلياً أن المسيح يستحق أن تسلّمه حياتك.
ولكي تصبح مسيحيا حقيقيا، عليك أن تؤمن عن يقين أن يسوع المسيح هو الله، إتّخذ جسداً بشرياً ليموت لأجل خطاياك، ويدفن، ويقوم مخلصا إياك من سلطان الخطية، واهباً لك الحياة الأبدية. عليك أن تقتنع أن ذبيحة المسيح كاملة كافية لكي تبررك من كل خطية وتنقلك من الموت إلى الحياة كما أكّد يسوع ذلك بنفسه مِراراً. عليك أن تعرف أن الحياة الأبدية هي هبة من الله، وهبنا إياها بالإيمان بيسوع المسيح " وأما هبة نعمة الله فهي الحياة الأبدية في المسيح يسوع ربنا " (الرسالة إلى مؤمني روما 23:6).
ثانياً: التسليم العاطفي
الإنسان كلّه كتلة عواطف. وكل ما نقوم به من أعمال وتصرفات تدفعنا إليه العواطف. وحتى لا نُحمّل العواطف أكثر مما يجب، أحب أن أنوه أن الولادة بالروح مثلها مثل الولادة بالجسد ؛ بعضها تصاحبها انفعالات واختبارات عاطفية حادة، وبعضها لا تصاحبه أية انفعالات. كما أن بعض حالات الولادة الجسدية تصاحبها آلام ومتاعب وعمليات جراحية، والبعض الآخر لا تصاحبه كل تلك المتاعب. لذلك فنحن لا نحتاج إلى انفعالات حادة معينة لنتأكد من حصولنا على الحياة الأبدية.
كلمة الله تضع أمامنا تأكيدا ثلاثياً:
1 - " إن كنا نصدق الشهادة التي يقدمها الناس، فالشهادة التي يقدمها الله أعظم، لأنها شهادة إلهية شهد الله بها لابنه. فمَن يؤمن بابن الله، يثـق في قلبه بصحة هذه الشهادة. أما مَن لا يصدق الله، إذ يرفض تصديق الشهادة التي شهد بها لابنه، فهو يتهم الله بالكذب. وهذه الشهادة هي أن الله أعطانا حياة أبدية، وأن هذه الحياة هي في ابنه. فمن كان له ابن الله كانت له الحياة. ومن لم يكن له ابن الله، لم تكن له الحياة. يا من آمنتم باسم ابن الله، إني كتبت هذا إليكم لكي تتأكدوا أن الحياة الأبدية مِلْـك لكم منذ الآن " (رسالة يوحنا الأولى 9:5-13).
2 - " فالروح نفسه يشهد مع أرواحنا بأننا أولاً د الله " (الرسالة إلى مؤمني روما 16:8). هذا هو التأكيد الثاني الصادر عن شهادة الروح القدس لنا كأولاد لله.
3 - والتأكيد الثالث هو الحياة التي تغيرت. سلوكنا الجديد وحياتنا الجديدة دليل على وجود الله في حياتنا " وما يؤكّد لنا أننا قد عرَفنا المسيح حقاً هو أن نعمل بوصاياه. كل من يعترف أنه ثابت في المسيح، يلتزم أن يسلك كما سلك المسيح " (رسالة يوحنا الأولى 3:2و6).
ثالثاً: تسليم الإرادة
لا بد أن تُـقرر وتَـقْـبَـل بدون إرغام، بل بإرادة حرة واعية كاملة، أن يسود المسيح على حياتك " أما الذين قبلوه، أي الذين آمنوا باسمه، فقد منحهم الحق في أن يصيروا أولاً د الله " (إنجيل يوحنا 12:1). بدون تسليم لإرادة الله، لا يمكن التأكد أنك حصلت على الحياة الأبدية.
هناك قيود على إرادة الإنسان تجعله يُحجم عن التمتع بالشركة مع الله، أهمها الخوف. فالبعض يخافون هذا النوع من الحياة الذي تفرضه المسيحية. البعض يتصورونها جافة خالية مِن كل سعادة ومتعة. يخافون أن يطلب الله منهم أن يتنازلوا عن أشياء يعتبرونها حيوية في حياتهم، فيرفضون تسليم إرادتهم. مِثل الشاب الغني الذي أتى إلى يسوع يسأله عن الطريق ليرث الحياة الأبدية. ولما رآه يسوع يحفظ الوصايا، أحبه، وقال له: " إذهب بع كل ما عندك، ووزع على الفقراء، فيكون لك كنـز في السماء، ثم تعال اتبعني " (إنجيل مرقس 21:10)واغتم على القول ومضى حزيناً. خاف أن يتبعه ويسلّم إرادته وحياته وماله. تمسّك بذلك، وخسر الحياة الأبدية.
في غابات السودان يصطادون القرود حية بطريقة بسيطة. إذ يثـقبون ثمرة جوز الهند، ويفرغونها من الداخل، ويتركون الغطاء الخارجي الجاف فقط. ويضعون داخل الثمرة المفرغة بعض الحصى الملونة، ويربطونها بحبل طويل ويعلّقونها في الشجرة. ويأتي القرد، وبينما هو يقفز على الأغصان، يسمع صوت الحصى وهي ترتطم داخل الثمرة المفرغة. ينظر من الثـقب الصغير فيرى حصى جميلة ملونة، ويشتهي الحصول على هذا الكنـز الثمين في نظره. يُدخِل يده بصعوبة من الثـقب الضيق ويقبض بأصابعه على الحصى. يجذب الصيادون الحبل ويجرّون الثمرة والقرد مجرور معها وقبضته محبوسة داخلها. وبسبب أنه لا يريد أن يرخي قبضته بل يظل متمسكا بالحصى، يفقد حريته وقد يفقد حياته معها. كل ذلك في سبيل بعض الحصى الملونة. البعض يفقد حياته الأبدية ويخسرها في سبيل أشياء تافهة لا يريد أن يتخلى عنها.
إن كنت آمنت بالمسيح، ووثـقت بوعوده، ودَعَـوته إلى حياتك... تأكد أنك ابن لله، وأن لك حياة أبدية.
- عدد الزيارات: 5110