مخطوطة جبل سيناء العربية رقم 151
مخطوطة جبل سيناء العربية رقم 151 هي في الواقع اكتشافٌ مثير للغاية.
ويبدو أنها أقدم ترجمة عربية للكتاب المقدس على قيد الوجود. وبالتأكيد، هذه المخطوطة هي أقدم ترجمة عربية مع شروحات وضعها المترجم. إنها تشتمل على نص الكتاب المقدس، مع تعليقات مكتوبة على الهامش، وملاحظات على كل أصحاح وحواشٍ في المخطوطة. ولقد تمّ اكتشافها في دير القديسة كاترين في سيناء بُعَيدَ عام 1800.
هذه المخطوطة العربية القديمة والهامة نشرها في مجلد واحد معهد دراسات العهد الجديد في الشرق الأوسط، وقام بتحريرها الدكتور هارفي ستال. هذا المجلد عبارة عن عرض للمخطوطة، مع الإبقاء على الملاحظات والتعليقات الهامشية، والمحافظة على قيمتها الحقيقية ما أمكن. قام الدكتور هارفي ستال، المُرسل في الكنيسة المُصْلَحة في أمريكا، ببذل جهد كبير استغرقه سنوات من العمل على المخطوطات وعلى نشر المخطوطة العربية.
هذا الاكتشاف مثير جداً لمسيحيي الشرق الأوسط، ذلك لأنه يظهر بوضوح أن مسيحياً عربياً قام منذ أكثر من 1100 سنة بترجمة كلمة الله الثمينة إلى اللغة العربية مكمِّلاً عمله بإضافة الشروحات والتعليقات.
قضى الدكتور ستال نحبه في شهر شباط عام 1999. ولم تَبْقَ إلا بضعة نسخ من الطبعة الأولى وهذه تتداولها وتحتفظ بها جمعية الكتاب المقدس في بيروت، لبنان. عنوانهم البريدي هو:
كلما كثُرَ الطلب على نسخة من هذه المخطوطة كلما أدرك القائمون على هذه الجمعية أهمية طباعتها من جديد. فيرجى أن تتفضلوا بتقديم طلباتكم لإعادة طباعة هذا المجلّد القيّم.
العبرانيين صفحة 213
فيما يلي صورة بالسكانر لأول أصحاح من الرسالة إلى العبرانيين مع التعليقات على الهوامش.
الصفحة 2
العبرانيين صفحة 213
كنوز دير القديسة كاترين
شارلي و. مدني
مصادر الشرق الأوسط
مخطوطة جبل سيناء العربية رقم 151 هي في الواقع اكتشافٌ مثير للغاية. ويبدو أنها أقدم ترجمة عربية للكتاب المقدس على قيد الوجود. وبالتأكيد، هذه المخطوطة هي أقدم ترجمة عربية مع شروحات وضعها المترجم.
مخطوطة جبل سيناء العربية رقم 151
في الرأس الجنوبي لشبه جزيرة سيناء، في الصحراء التي تفصل مصر عن إسرائيل، هناك دير قديم، هو دير القديسة كاترين. تحتوي مكتبته على آلاف المخطوطات النفيسة، التي تنتظر من يستكشفها ويدرسها. هذه المخطوطات تم تصويرها على فُليمات على يد فريق من الخبراء وهي في المتناول في مكتبة الكونغرس في واشنطن العاصمة.
عندما كان الدكتور هارفي ستال، مُرسَل الكنيسة المُصلَحة في الشرق الأوسط، يأخذ دروساً متقدمة في اللغة العربية في جامعة ميشيغان كي يحصل على شهادة الماجستير في دراسات الشرق الأوسط، كان الدكتور عزيز سيريال عطية أحد أساتذته في الجامعة. كان البروفيسور عطية على معرفة جيدة بتصوير المخطوطات على أفلام، هذا العمل الذي اكتمل في الخمسينات.
وإذ كان يشعر بأن هارفي ستال سيكون دارساً مبدعاً على يديه، فإن البروفيسور عطية شجع هارفي ستال على الحصول على إحدى هذه المخطوطات الهامة وترجمة جزء منها. لقد نصحه بمخطوطة جبل سيناء العربية رقم 151، لأن تاريخها يرجع إلى العام 867 ميلادية، وكانت تحمل اسم المترجم (بشر ابن السري)، ويتبيّن منها مكان هذا المترجم (دمشق). بدأ الدكتور ستال بسِفْر الرسالة إلى أهل فيلبي حينذاك.
وهكذا ابتدأ مشروعاً يأخذه على مدى العمر وبلغ أوجه عام 1985 بنشره للمخطوطة في كتاب مؤلف من مجلّدين (أحدهما بالإنكليزية والآخر بالعربية). وطُبع الكتاب في لوفين في بلجيكا كجزء من سلسلة معروفة مشهورة للنصوص المسيحية المشرقية. هذا الكتاب المبدع المثير للإعجاب كان مؤلفاً من 1800 صفحة للمخطوطة المطبوعة، وقد كانت القراءة الأخيرة للبروفة الطباعية إبان الحرب التي مزّقت بيروت. ولكن كان هذا بدء السبق في قصتنا.
مخطوطة جبل سيناء العربية رقم 151 كانت في الواقع اكتشافاً مثيراً للغاية. ويبدو أنها أقدم ترجمة عربية للكتاب المقدس على قيد الوجود. وبالتأكيد، هذه المخطوطة هي أقدم ترجمة عربية مع شروحات وضعها المترجم. لقد أُكمِلَت المخطوطة الأصلية في دمشق، سوريا، قبل 1000 سنة من ظهور ترجمة سميث-فانديك العربية في بيروت. تشتمل المخطوطة على كل رسائل بولس، إضافة إلى سفر أعمال الرسل والرسائل العامة. لقد أُنجزت الأناجيل أيضاً ولكن في كتاب منفصل. مجلد المخطوطة مفقود وقد يبقى كذلك إلى الأبد.
من هو بشر ابن السري هذا؟ لقد كان مسيحياً نسطورياً يعيش في دمشق وكان عمله قد اكتمل بعد 200 سنة من الفتح العربي للشرق الأوسط. لذا فإنه أمرٌ آسرٌ أن نلاحظ المفردات المختارة في تلك الحقبة الزمنية من قِبل هذا العربي المسيحي.
اختار السري أن يبدأ الترجمة بالرسالة إلى رومية (نقطة البدء في الإرساليات إلى المسلمين، كما يقول القس بسام مدني). لقد استخدم أيضاً لغةً يسهل على المسلمين فهمُها، في ذلك الحين والآن أيضاً. وهذا يعني أن الجماعة المسيحية العربية لم تكن قد عُزلت بعد في أحياء خاصة بهم. مع تحول المسيحيين والمسلمين إلى قطبين منذ الحروب الصليبية 1095-1291، طور المسيحيون العرب عدة مصطلحات وعبارات صارت مسيحية صرفة. وهذا يتبدى في معظم الأحيان في الكرازة والأدب المسيحيين في اللغة العربية.
في مقدمته إلى النص الإنكليزي لترجمة السري، يُعلق الدكتور ستال قائلاً:
"لقد كانت هذه الدراسة ممتعة للغاية، ومُلهمة، ومفيدة، وخاصة من جانبين- دراسة الكلمة والتفسير. هناك عدد من التراجم لكلمات مفردة تضيف تبصراً زائداً إلى فهمنا لبعض المفاهيم المسيحية الأساسية.
وإنه لأمر شيق أيضاً أن نقرأ التعليقات التي وضعها مسيحيون من الشرق الأوسط قبل ألف سنة، ما يعكس لاهوت الناس في خلفية ثقافية مشابهة لخلفية ربنا يسوع. نأمل أن يصلكم بعض من هذا الفهم في الترجمة الإنكليزية للنص".
هناك أمر مكتنفٌ بالأسرار ومثير فيما يتعلق بدير القديسة كاترين الصحراوي. عندما قام دكتور ستال بزيارة إلى هناك، اكتشف أن مخطوطة جبل سيناء العربية رقم 151كانت كتاباً مجلداً بالحجم الكبير، مع غلاف لافت من الخشب والجلد. كان يمكنك أن تتخيل، وأنت تنظر إليه، أنه كان بالتأكيد أحد الكتب المقدسة (أو ربما الكتاب المقدس الوحيد) في دمشق عام 876 ميلادية.
ربما حدث، في وقت من الخطر المحدق، أن راهباً أخفى مجلد المخطوطة تحت عباءته وسار بها أميالاً طويلة وعرة قاسية إلى هذا المكان الآمن، حيث استكانت المخطوطة منذ ذلك الحين. فقد كان دير القديسة كاترين يتمتع، ولقرون عديدة، بسمعة جيدة بأنه مكان آمن. يكفي أن تنظر إلى الخارطة فتعرف السبب.
لقد كانت تلك الأوقات عصيبة فعلاً. وعلى الأرجح أن المخطوطة قد أُودعت هناك لأجل حفظها بأمان في السنوات التي تلت العام 1200. على حد علمنا، بقيت هناك مصونةً لم يمسها أحد إلى أن تم تصويرها على فليمات في الخمسينات.
لم يُضطر الدكتور ستال للسير إلى دير القديسة كاترين. لقد طار إلى مهبط طائرات صغير قريب. واستطاع أن يُمضي خمسة أيام لا تُنسى بعد إكماله لعمله على نسخ المخطوطة الموضوعة على أفلام. يا لها من إثارة أن ترى وتلمس وتُصور المخطوطة نفسها!!
في عام 1966، قرر هارفي ستال أن يحصل على دكتوراه، ومن جديد تحت إشراف الدكتور أتليا، الذي كان قد انتقل إلى جامعة يوتا في سالت ليك سيتي. يخبرنا هارفي وهيلدا عن السنتين اللتين قضياهما في يوتا بعبارات متقدة. لقد استمتعا بتلك السنوات في أميركا. أمكن لأولادهما أن يدخلا المدرسة هناك، واختبروا الشِّركة الرائعة مع رواد الكنيسة المُصلَحة في سانت ليك سيتي. وبعد حصوله على الدكتوراه، تابع الدكتور ستال مشروعه في وقت فراغه إلى أن أكمل كامل المخطوطة.
يتذكر الدكتور ستال أنه كان يحتاج إلى ساعتين ليفك غموض سطرين عندما بدأ أولاً بالرسالة إلى أهل فيلبي. لقد كان الأمر أشبه بالعمل على شيفرات. النقاط التي تُميز عادة الأحرف المختلفة في الأبجدية العربية كانت ممحية. من الواضح أنهم كانوا يعتبرون أنه ليس من الضروري لأناس مثقفين كفاية ليقرأوا الكتاب المقدس!!
لنضرب مثلاً عن الصعوبة التي يمكن أن تجدها في هذه الحالة. إن معنى الكلمة في اللغة العربية يختلف بحسب عدد وتوضع النقاط على الأحرف فيها (نقطة، نقطتان، أو ثلاث نقاط- مثل أحرف "ب"، "ت"، "ث"، "ش"، "ي"). ولم تُصبح عملية الترجمة سهلة إلى أن أصبح هارفي على معرفة كاملة بخطوط نص مخطوطة السري. وهو يدين بالفضل لمساعدة الدكتور جبرائيل س. جبور، الذي من الجامعة الأميركية في بيروت، الذي انضم إليه في عملية تنقيح كل كلمة. لقد أمكن للدكتور جبور أن يساعده كثيراً في بعض الكلمات التي كان من الصعب فك طلاسمها.
بالنسبة إلى دراسة الكتاب المقدس شخصياً، إن مجلدات الدكتور ستال الإنكليزية عن هذه المخطوطة القديمة سوف تفيد في تقديم الكثير من التبصر والفهم الجديد. إنها ببساطة ترجمة حرفية للنص العربي. فها هنا تجدون تفسيراً لمقاطع مختلفة من الكتابات المقدسة يكتبها مسيحيٌ من القرن التاسع الميلادي. لقد تمت الترجمة إلى العربية من النص الآرامي، هذه اللغة التي كانت شائعة الاستخدام في الشرق الأوسط لأكثر من ألف سنة- بما فيها السنوات التي قضاها ربنا يسوع المسيح على الأرض.
يأمل الدكتور ستال بأن يستفيد دارسون عرب آخرون كثر من الكنوز المخبأة في المخطوطة السينائية. وإذ هو على وشك التقاعد، فإنه يعمل على ترجمة قديمة جداً للأناجيل عن المخطوطة المصرية التي يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر. وفي هذه المرة لديه جهاز كمبيوتر إنكليزي- عربي لمساعدته.
نظراً إلى الحال المتوتر في الشرق الأوسط، تأخذ مخطوطة السري العائدة للعام 867 أهمية بالغة. إنها تساعد الجميع على فهم الجذور الراسخة للمسيحية في الشرق الأوسط. إنها مفخرة للمسيحيين المشرقيين الذين يواجهون الاقتلاع من أراضٍ كلبنان.
لقد كانت شيرلي مدني تخدم مع زوجها القس بسام مدني في البرنامج الإذاعي العربي– عودة إلى ساعة الله. نرجوا منكم زيارة موقعهم على مصادر الشرق الأوسط (Middle East Resources)، أو مراسلتهم على البريد الإلكتروني:
يمكنكم أيضاً إرسال فاكس لهم على الرقم: (708) 333 8592
- عدد الزيارات: 32984