Skip to main content

قيامة المسيح

حسب إنجيل متى الأصحاح 27:57-28:1-10

"57 وَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ، جَاءَ رَجُلٌ غَنِيٌّ مِنَ الرَّامَةِ اسْمُهُ يُوسُفُ - وَكَانَ هُوَ أَيْضاً تِلْمِيذاً لِيَسُوعَ. 58‚فَهذَا تَقَدَّمَ إِلَى بِيلَاطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ. فَأَمَرَ بِيلَاطُسُ حِينَئِذٍ أَنْ يُعْطَى الْجَسَدُ. 59‚فَأَخَذَ يُوسُفُ الْجَسَدَ وَلَفَّهُ بِكَتَّانٍ نَقِيٍّ، 60‚وَوَضَعَهُ فِي قَبْرِهِ الْجَدِيدِ الَّذِي كَانَ قَدْ نَحَتَهُ فِي الصَّخْرَةِ، ثُمَّ دَحْرَجَ حَجَراً كَبِيراً عَلَى بَابِ الْقَبْرِ وَمَضَى. 61‚وَكَانَتْ هُنَاكَ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُالْأُخْرَى جَالِسَتَيْنِ تُجَاهَ الْقَبْرِ. 62‚وَفِي الْغَدِ الَّذِي بَعْدَ الِاسْتِعْدَادِ اجْتَمَعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ إِلَى بِيلَاطُسَ 63‚قَائِلِينَ: "يَا سَيِّدُ، قَدْ تَذَكَّرْنَا أَنَّ ذلِكَ الْمُضِلَّ قَالَ وَهُوَ حَيٌّ: إِنِّي بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَقُومُ. 64‚فَمُرْ بِضَبْطِ الْقَبْرِ إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ، لِئَلَّا يَأْتِيَ تَلَامِيذُهُ لَيْلاً وَيَسْرِقُوهُ، وَيَقُولُوا لِلشَّعْبِ إِنَّهُ قَامَ مِنَ الْأَمْوَاتِ، فَتَكُونَ الضَّلَالَةُ الْأَخِيرَةُ أَشَرَّ مِنَ الْأُولَى!" 65‚فَقَالَ لَهُمْ بِيلَاطُسُ: "عِنْدَكُمْ حُرَّاسٌ. اِذْهَبُوا وَاضْبُطُوهُ كَمَا تَعْلَمُونَ". 66‚فَمَضَوْا وَضَبَطُوا الْقَبْرَ بِالْحُرَّاسِ وَخَتَمُوا الْحَجَرَ.

1‚وَبَعْدَ السَّبْتِ، عِنْدَ فَجْرِ أَوَّلِ الْأُسْبُوعِ، جَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الْأُخْرَى لِتَنْظُرَا الْقَبْرَ. 2‚وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ، لِأَنَّ مَلَاكَ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَجَاءَ وَدَحْرَجَ الْحَجَرَ عَنِ الْبَابِ، وَجَلَسَ عَلَيْهِ. 3‚وَكَانَ مَنْظَرُهُ كَالْبَرْقِ، وَلِبَاسُهُ أَبْيَضَ كَالثَّلْجِ. 4‚فَمِنْ خَوْفِهِ ارْتَعَدَ الْحُرَّاسُ وَصَارُوا كَأَمْوَاتٍ. 5‚فَقَالَ الْمَلَاكُ لِلْمَرْأَتَيْنِ: "لَا تَخَافَا أَنْتُمَا، فَإِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَطْلُبَانِ يَسُوعَ الْمَصْلُوبَ. 6‚لَيْسَ هُوَ ههُنَا، لِأَنَّهُ قَامَ كَمَا قَالَ. هَلُمَّا انْظُرَا الْمَوْضِعَ الَّذِي كَانَ الرَّبُّ مُضْطَجِعاً فِيهِ. 7‚وَاذْهَبَا سَرِيعاً قُولَا لِتَلَامِيذِهِ إِنَّهُ قَدْ قَامَ مِنَ الْأَمْوَاتِ. هَا هُوَ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ. هَا أَنَا قَدْ قُلْتُ لَكُمَا". 8‚فَخَرَجَتَا سَرِيعاً مِنَ الْقَبْرِ بِخَوْفٍ وَفَرَحٍ عَظِيمٍ، رَاكِضَتَيْنِ لِتُخْبِرَا تَلَامِيذَهُ. 9‚وَفِيمَا هُمَا مُنْطَلِقَتَانِ لِتُخْبِرَا تَلَامِيذَهُ إِذَا يَسُوعُ لَاقَاهُمَا وَقَالَ: "سَلَامٌ لَكُمَا". فَتَقَدَّمَتَا وَأَمْسَكَتَا بِقَدَمَيْهِ وَسَجَدَتَا لَهُ. 10‚فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: "لَا تَخَافَا. اِذْهَبَا قُولَا لِإِخْوَتِي أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى الْجَلِيلِ، وَهُنَاكَ يَرَوْنَنِي"

كيف قام المسيح من قبره؟

يظن بعض القراء أن الملاك نزل من السماء ودحرج الحجر عن القبر، لكي يقدر المسيح أن يخرج من سجنه. إن القادر على كل شيء لم يحتج إلى مساعدة، بل أرسل ملاكه عوناً للنساء الضعيفات ليفتح لهن القبر الفارغ، فيتحققن فجر عجيبة القيامة. فملاك الله أزاح الحجر، وشتت الحراس،ليتيح للسيدات أن يتمكنَّ من رؤية القبر الفارغ (مرقس 16:1-8).

وكما كان طفل المذود، مضجعاً في أقمطته، علامة لتجسده المتواضع، فهكذا كانت الأقمطة واللفائف المربوطة والمحبوكة في القبر الفارغ، علامة واضحة لقيامته المنتصرة. فجثته دُفنت يوم الجمعة، بعدما لُفت بأكفان ولفائف، ودُهنت بالأطياب، حتى أصبحت الأكفان لاصقة بالجسد. وهذه الأكفان، المتيبسة من جراء الدهونات، عندما فارقها وقام منها، بقيت غير ممزقة، كأنما هي شرنقة خالية بعد مفارقة الفراشة لها، وانسلالها منها (يو 20:5-7 ولو 24:12).

وقد انطلق المسيح من أربطته بهدوء وتسرب من القبر المختوم وصخوره الصلدة، لأن المقام جسد روحي غالب المادة تماماً. وهكذا استطاع أن يدخل الغرف المقفلة مخترقاً الجدران كما يتسرّب شعاع عبر زجاج النوافذ. وبنفس القدرة استطاع التخفي والخروج، كما تجلى للتلميذين على طريق عمواس وتعشى معهما، ثم اختفى عنهما. فظهر لما أراد، واختفى  حيثما شاء. لأنه غلب كل الأثقال المادية، والحواجز الدنيوية.

إن الله روح، وابنه رجع إلى مجده الأصلي المجيد، وهو النور والمحبة والروح.

ونعترف بنفس الوقت مع الكنيسة الأولى أن المسيح ليس روحاً بلا جسد، ولا شبحاً متجولاً، بل هو جسد وروح معاً وقد بان للعيان، وتكلم للآذان، ولمسته الأيدي، وأكل وشرب مع تلاميذه. وكان له أسنان وعينان. ولبس ثوبه، وتصرف كإنسان عادي. فالتلميذان لما رأياه حسباه رجلاً من أبناء الشعب. والطبيب لوقا أثبت خاصة في إنجيله أن المقام من بين الأموات كان له جسد كامل، مع أنه النور الحق والمحبة الصافية.

إننا نعترف بجسد المسيح الروحي، الذي هو رجاء قيامتنا الخاصة. فجسدنا البشري الفاني سيتغير في القيامة إلى جسد روحي أبدي. ومع هذا التغير ستظل العلامات الخاصة في شكل الإنسان وملامحه وسماته الروحية، كما بقيت آثار المسامير في جسد المسيح، علامة واضحة لفدائه وحقيقة شخصيته.

لم يقم المسيح كشبح أو في الحلم، بل حقاً قام. لقد استخلص جسده من الموت، ولم يكتف بنفسه الحية، أو بمجده النوراني الروحي. ولكنه قام جسدياً أيضاً، ويجلس اليوم عن يمين أبيه، إنساناً حقاً، وإلهاً حقاً، في جسد مجده، عربوناً لرجائنا.

عشية يوم قيامة المسيح

كما هي في إنجيل يوحنا الأصحاح 20:19-21

"19وَلَمَّا كَانَتْ عَشِيَّةُ ذلِكَ الْيَوْمِ، وَهُوَ أَوَّلُ الْأُسْبُوعِ، وَكَانَتِ الْأَبْوَابُ مُغَلَّقَةً حَيْثُ كَانَ التَّلَامِيذُمُجْتَمِعِينَ لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ، جَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِي الْوَسَطِ، وَقَالَ لَهُمْ: "سَلَامٌ لَكُمْ". 20‚وَلَمَّا قَالَ هذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَجَنْبَهُ، فَفَرِحَ التَّلَامِيذُ إِذْ رَأَوُا الرَّبَّ. 21‚فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضاً: "سَلَامٌ لَكُمْ".

لقد صالحنا المسيح مع الله

لو لم يقم المسيح من بين الأموات، لما عرفنا أن العالم قد تصالح مع الله، أم لا. أما الآن فقد قامالمسيح من بين الأموات وبرهن بقيامته أن الله القدوس، قبل ذبيحته الفريدة. فالقيامة هي البرهان القاطع للخلاص التام. لو ارتكب المسيح أقل هفوة من الخطأ، فكراً أو عملاً لكانت حياته وموته باطلاً. لأنه كان ينبغي لحمل الله أن يبقى بلا لوم. فالمصلوب أحب أعداءه، وآمن بمحبة الله الغاضب على ذنوبنا، مستودعاً روحه بين يديه. فظل بلا لوم، وإنما متطوعاً لأن يتحمل غضب القدوس ودينونته على العالم. والآن فإننا نعلم بيقين بوساطة قيامة ابن الله الذي دُفن، أن الله قد قبل موته الكفاري بالنيابة عنا. ونتأكد أن المصالحة قد تمت على أكمل وجه.

فالكلمة الأولى التي فاه بها المقام من بين الأموات عند ظهوره لتلاميذه هي: "سَلَامٌ لَكُمْ" (لوقا 24:36). وكنائبنا في عرش الله، ورئيس الكهنة الذي أكمل الصلح مع القدوس بدمه وذبيحة نفسه، بشرنا بهذا الفرح العظيم. إننا نجد رسالة عيد الفصح ملخصة في تحية رئيس الحياة القائل: "سلام لكم". وبهذه المصالحة وصل عيد الفصح إلى تمام معناه الحقيقي. لقد وهب الله لليهود المستعبدين في مصر قبل ثلاثة آلاف وأربعمائة سنة حمل الفصح، ليس لصلاحهم، بل لأنهم آمنوا بقوة دم الحمل، حسب كلمة الرب، ودهنوا قائمتي الباب والعتبة العليا بدم الحمل المذبوح، فنجوا من غضب الله.

كان هذا هو المعنى الأصلي لعيد الفصح، إن دم حمل الله يحفظنا من غضب القاضي الأزلي. فمن يعش تحت رش دم المسيح، يظل في سلام الله الأبدي. وبدون هذا الدم، ليس لنا قدوم إلى الله. ولكن في المسيح أصبحنا أبراراً وقديسين، ومستحقين لنقترب من القدوس. فدم حمل الفصح، هو كنز الكنيسة. ولو لم يوجد هذا الدم لما وجد أيضاً إيمان ولا محبة ولا رجاء.

وعندما منح رئيس الحياة أتباعه التائبين امتياز العشاء الرباني وأوضح لهم أن الإنسان لا يقدر على العيش مع الله في العهد الجديد إلا في شركة مقدسة مستمرة مع حمل الله المذبوح. وكما كان على أهل العهد القديم أن يأكلوا لحم الفصح ليجدوا حماية من غضب الله لأجل حلول الذبيح فيهم، هكذا بمعنى أسمى أمر المسيح تلاميذه أن يتناولوا الخبز والخمر في العشاء الرباني قائلاً: "اشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ، لِأَنَّ هذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا" (متى 26:26-28) فكما يدخل الخبز والخمر إلى جوف الإنسان، هكذا بطريقة روحية يريد المسيح أن يحل في قلوب المؤمنين به،وهذا الحلول يتم روحياً بالإيمان عندما تؤمن بأقوال يسوع وتتعمد على اسمه وتأكل رَمْزَي العشاء الرباني مؤمناً به. فكل إنسان لا يسكن المسيح في قلبهويعيش بدون مسحة الروح القدس، لا يجد حماية من غضب الله على خطاياه. ولكن كل من يثبت في المصلوب الحي، ويرتبط مع حمل الله في العهد الجديد، يعيش إلى الأبد مسروراً ومحفوظاً في حماية الذبيح الذي يضمن لنا السلام مع الله القدوس.

المسيح هو المنتصر

الناس جميعاً بالطبيعة أسرى خطاياهم، ويتورطون في حبال تجارب الشيطان، ومحكوم عليهم بالموت.وبينما تهاجمهم الخطية والموت والشيطان، فإن غضب الله واقع عليهم. فالإنسان بهذه الحالة، يقع في اليأس والتشاؤم لأنه غير قادر أن يخلص نفسه بنفسه من هذه القوى والسلطات.

أما الآن فقد أتى المسيح إلى عالمنا ليحررنا من سلطة الخطية وشبح الموت ومكر الشيطان. وزيادة على ذلك، فقد حررنا من غضب الله. فلم يبشر مخلص العالم بهذه الحرية كنظرية فقط، بل أثبتها بكيانه كغالب حق، لأن الخطية لا تجد عليه سلطة. والشيطان يرتجف منه. والموت منهزم أمامه.

تعمّق في سيرة المسيح، ترى كيف أنه لم يوافق أو يقع في خطية ما. والحاكم بيلاطس شهد له عدة مرات، أنه بلا لوم ونفس الرأي صدر عن مجلس الشيوخ الديني قبلاً. كما أن اللص المصلوب عن يمين المسيح أدرك الألوهة المستترة في محبة القدوس الغافرة ذنوب المستهزئين به، فإن المسيح هو الطاهر الظافر على كل الذنوب وشبه الذنوب. ومن يؤمن به يشترك بطهارته القدوسة.

ومما لاريب فيه أن الشيطان جرب ابن الله بكل كذب ومكر وقباحة وعنف وعذاب، ليبعده عن الطريق المباشر المستقيم إلى الصليب. واستخدم حتى بطرس ويهوذا، ليثني عزم المخلص. وكل الأبالسة دفعوا اليهود المبغضين ليهلكوا المسيح بعارهم. ولكن المصلوب، غفر لهم خطاياهم بالتواضع، وصلى في عاصفة الآلام آيات المزامير لأن شعوره الباطني، كان مملوءاً بكلمة الله، فلم يجد الشيطان سلطة عليه، حتى في ساعات الغيبوبة على الصليب، لأن المسيح كان المحبة المتجسدة. فتواضع المسيح غلب استكبار الشيطان. ومن يمتلئ بروح حمل الله يشترك في موكب انتصاره، ويتحرر من كذب الشيطان وقدرته، ويظل محفوظاً في رحاب ملكوت المسيح.

وغلب المسيح أيضاً العدو الآخر، ألا وهو الموت. فجسد المصلوب مات لأجلنا، ولكن حياته الأبدية بقيت أبدية لأنه أبدي. فطلب رئيس الحياة جسده المعذب من قاتل كل الحياة، وقام جسدياً. فقيامته تدل دلالة قاطعة على أن وداعته أعظم قوة في العالم، لأن الموت لم يجد قوة وحقاً فيمن يمتلئ بثمار روح الله.

والكنائس الشرقية بحق مؤكد، تسمي احتفالها بقيامة ابن الله "العيد الكبير". لأن هذا الحدث العظيم قد أعلن لنا سلامنا مع الله، وبداية موكب انتصار المسيح الجالب وراءه كل أعدائه أسرى منكسرين. بينما أتباعه المؤمنون يتبعونه بهتاف وتهليل، لأنه أشركهم بإيمانهم بقوته المنتصرة. 

لمزيد من الفائدة والإضطلاع على موضوعات مشابهة، الرجاء زيارة موقع كلمة الحياة.
  • عدد الزيارات: 6221